جدران وسقف، طعام قليل، ماء، كهرباء، دواء، تعليم، ونظام صارم فى التطبيق.. هذا كل ما يحتاجه أى شعب من حكومته ليعيش ويعمل، والنتيجة هى أن يصبح إيجابيا، ثم يلح بعد ذلك فى الحصول على حقوقه الأخرى المتعلقة بحريته وسلطته الحقيقية فى البرلمان، ونزاهة الانتخابات وتحسين جودة الخدمات، ومحاسبة الحكومة، فاكتساب القدرة على الإطاحة بالمقصرين فيها، إن كانوا غفراء أو وزراء نتائج طبيعية ولا يختلف المصريون فى ذلك عن أى شعب آخر، ولاحظ أن الحكومة، كما يعلن وزراؤها دائماً، تضع على رأس أولوياتها توفير الاحتياجات الأساسية للمواطن! يعنى ذلك أن الحكومة تعى تماماً مسئولياتها ولا تحملها لأى جهة غيرها؟! لاحظ أيضاً أن الرد الأشمل والأسهل لمسئولى الحكومة فى حواراتهم الإعلامية عن كل صغيرة وكبيرة ينتهى غالباً بكل ثقة وقوة إلى: «... هنا يأتى دور رجال الأعمال والمجتمع المدنى، عليهم تحمل مسئولياتهم!» ونجح البعض فى تسويق فكرة أن المجتمع المدنى الكسول ورجل الأعمال البخيل هما سبب مصائبنا!! وصدّر لنا البعض الآخر أننا أصبحنا شعبا متواكلا وسلبيا، فالعيب فينا! من خلال ما عايشته ورأيته بأم عينى لكتابة المقالات الستة الأخيرة «فى مصر»، أصبحت على يقين تام بأن ما يُمرر لنا من أفكار ليس إلا حق يراد به باطل، نموذج المواطن المتواكل السلبى الذى لا يحاول حتى تنظيف منزله، هو مواطن يعيش مع أسرته بين جدران تسير عليها الفئران ،وسقف شبه مكشوف وأرض من طين! فماذا ينظف وكيف يعمل أو حتى يفكر؟ تأتى جهة ما تساعده بأموال قليلة جداً على تحويل نفس مكانه إلى جدران ملساء، وسقف مغطّى، وأرض من بلاط وتمنحه فرصة تعلم مهنة بسيطة والتدرب عليها بجدية، فيَخرج من نفس المواطن سريعاً أفضل ما به، الإنسان الطبيعى الراغب فى العمل وتعلم المزيد! ومن هى هذه الجهة التى ساعدته؟ جمعية أهلية، ليست من الحكومة ولا من المريخ بل من مؤسسات المجتمع المدنى يمولها رجال أعمال وشركات وبنوك مصرية، وهناك المئات مثلها يُحدثون التغيير، عندما سألت سيدة مستفيدة من خدمات الجمعية ماذا ينقصها قالت: الكهرباء، ربما على الجمعيات الأهلية أيضاً التعامل مع توصيل الكهرباء للمنازل، فالحكومة مشغولة برأس أولوياتها! جمعية رجال الأعمال بالإسكندرية، تمول مشروعات صغيرة ومتناهية الصغر لمواطنين ناجحين بما قيمته مليار جنيه! برنامج تضامن يقوم بنفس الشىء مع 70 ألف سيدة فى القاهرة الكبرى، وهناك الكثير من هذه النماذج، والمطلوب أن تتضاعف لأن التغيير الذى تحدثه يكون ملموساً فى أقل من عقد واحد، بينما على مدار أكثر من خمسة عقود، لم تحقق أى حكومة الاحتياجات الأساسية للمواطن.. فهل العيب فى المواطن أم المجتمع المدنى أم فى النتيجة المترتبة على توفير الاحتياجات الأساسية؟!
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة