تخيل أنك استيقظت صباحا لترى مصر خالية تماما من الحمير.
يقول زميلنا الشاعر القديم:
ذهب الحمار بأم عمرو/ فلا رجعت ولا رجع الحمار
أم عمرو ليست مهمة فى هذا السياق، فعمرو نفسه موجود، وكلنا رأيناه فى إعلان العصير الذى وردت فيه الجملة الشهيرة: انسى يا عمرو.
المهم يا سادة هو الحمار، فمصر تتميز عن كثير من دول العالم بكثرة حميرها، وتتميز حميرها عن حمير العالم مثل الهندى والتايلندى والأمريكى والفيتنامى والأفغانى، بأن جلد الحمار المصرى غنى بالمادة الفعالة التى تستخدم فى الأدوية والمنشطات الجنسية، وهو ما أدركته شركة يابانية تدعى «كوماهو»، فتقدمت للحكومة المصرية بطلب لاستيراد مليون حمار دفعة واحدة.
الحمد لله رب العالمين، فهذا رد بليغ على الذين زعموا أن مصر ليست أم الدنيا، فعندما تُصدّر حميرنا لتخصيب رجال العالم، ستصبح مصر أبو الدنيا أيضا وليست أمها فقط.
الشركة اليابانية حددت من ألفين إلى ثلاثة آلاف جنيه ثمنا للحمار، وهو ما أرفضه بشدة، لما فيه من إهدار لقيمة الحمار المصرى الذى يباع فى السوق المحلية بنفس السعر تقريبا، ولأغراض الركوب فقط.
بحبك يا حمار.. جد مش هزار، ربما يكون هذا هو شعار جمعية الحمير المصرية التى تأسست عام 1930، وأسسها الفنان الراحل زكى طليمات، وكان من أعضائها توفيق الحكيم وعباس العقاد وطه حسين وغيرهم، والرتب داخل الجمعية تتفاوت، فالعضو بمجرد دخوله يحمل لقب «جحش»، ثم يترقى فيصبح «حمار» وحين يكرمه الله يترقى إلى «حمار كبير»، أما رؤساء الجمعية فيطلق على كل واحد منهم «كبير الحمير»، ورئيس الجمعية ككل هو «الحمار الأكبر»، وهذا اللقب الخير، لم يحصل عليه إلا عدد قليل منهم: زكى طليمات، والفنانة نادية لطفى، ووزير الصحة الأسبق محمود محفوظ. فهل يمكن أن تعترض الجمعية على فكرة التصدير من أساسها؟
يا كل أب، ويا كل أم، ويا كل أخ، ويا كل أخت، ما تقولش إيه إديتنا مصر، قول مصر تقدر تصدر إيه للعالم؟ فمن المعلوم من التصدير بالضرورة، أن كل دولة تصدر إلى العالم أبرز ما لديها، ومن المعلوم من الاستيراد بالضرورة أننا صرنا نستورد كل شىء ولا نصدر إلا الحمير.
يبقى سؤال: إذا كان عدد الحمير فى مصر نصف مليون، حسب أحد التقديرات، أو 700 ألف حسب تقدير آخر، واليابان تطلب مليونا، والصين تطلب نصف مليون، فمن أين ستوفر الحكومة الأعداد الباقية؟