فاروق الجمل

أنا والموبايل الصينى .. فى المترو

الإثنين، 13 أبريل 2009 05:06 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
يتوقف قطار المترو فى محطة لم ألتفت إلى اسمها، ليصعد شاب يضبط "استايل" حياته على خطوات تامر حسنى، من حيث طريقة تصفيف الشعر والملابس، يجلس فى المكان الشاغر إلى جوارى، ثم يضع يده فى جيبه ليخرج جهازاً عجيب الأطوار، ينتمى إلى فصيل الموبايلات الصينى، لحظات وينطلق من هذا الكائن العجيب صوت أغانٍ مزعج، وقبل أن أطلب منه أن يخفض الصوت قليلاً، يكون المترو قد توقف فى المحطة التالية، والتى لم ألتفت إلى اسمها أيضاً، ليصعد عدد من الشباب لا يربطهم ببعضهم البعض سوى اقتنائهم لهذا الكائن الصينى المزعج، لحظات أخرى قليلة وتنطلق مجموعة من الأصوات المتداخلة والمختلفة، للدرجة التى جعلتنى غير قادر على التمييز بين صوت الأغانى والقراّن والأدعية الدينية والترانيم، الأصوات كلها تتداخل وتتشابك، لتكون فى النهاية صوتاً يتجسد لى على هيئة شبح مزعج يلتهم فى كل لحظة قوانا السمعية والعصبية، لننصهر مثل الجليد فى بحور بلا بداية ولا نهاية من التلوث السمعى.

ألعن فى سرى الصين، وثورتها التكنولوجية، وتطورها وتقدمها، وخط إنتاجها الموجه إلى الشباب المصرى، التائه .. الحائر .. المغيب، محاولاً بهذا السباب واللعان أن أمتص غضبى.

أفكر فى أن أسال واحداً منهم عن موقفه من حرية الآخرين، وعن سبب عدم استخدامه لسماعات الأذن، لكن نظرات أعينهم التى تحمل من العند والتحدى، أكثر مما تحمله من رغبة فى التفاهم والتواصل، تمنعنى.

أسأل نفسى لماذا وصلنا إلى هذه الدرجة من العشوائية والهمجية والتوتر الأخلاقى قبل النفسى، كيف أصبحنا نعانى من كل هذه الأمراض الاجتماعية، أفكر للحظات، وقبل أن أتوصل إلى الإجابة، أو ما يمكننى أن أوهم نفسى بأنه الإجابة، يجيبنى كل هذا الكم من القبح والجهل والتخلف والعشوائية ومصادرة الحريات الذى يحيط بنا، ليجيبنى مؤكداً أنه من عاشر المستحيلات وليس من رابعها أو حتى خامسها، أن يخرج من بين كل هذا قيمة واحدة للجمال.

أفيق من غيبوبتى الذهنية التى وضعت نفسى فيها إجبارياً كمحاولة منى للهروب، على توقف القطار فى المحطة التى أقصدها ، أنزل، لأترك مقعدى شاغراً، ليس فى المترو فقط، ولكن فى الحياة أيضاً، بعد أن توقف قطار أحلامى بمجتمع أكثر نضجاً وتحضراً عند هذه اللحظة.

ويبقى الحب
- لو أن كل عاشق استخدم عقله ولو للحظة، لما بقى فى الدنيا عاشق.
- لماذا نجعل النهاية مصحوبة دائما بقطيعة أبدية؟!
- حبيبتى .. اطمئنى ونامى هادئة البال، فهناك مجذوب على استعداد لأن يفنى حياته فى سبيل سعادتك.






مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة