مازالت الرقابة على المصنفات الفنية تتحفظ على أى سيناريو، يضم فى شخصياته شخصية ضابط، وتضع مجموعة من التحفظات الخاصة بكيفية تناول ذلك النمط من الشخصيات، وكأنها تعيش فى الفراغ وليس لها علاقة بالمجتمع، حيث يجب أن يكون الضابط الذى يقدمه السيناريو مثاليا، ويتضح ذلك من موقفها من سيناريو فيلم «عزبة آدم» للفنان فتحى عبدالوهاب، حيث تحفظت الرقابة على شخصية الضابط لأنه فاسد، وليس ذلك فقط بل يقدم على الانتحار فى نهاية الأحداث، وطالبت مخرج العمل بضرورة تغيير نهاية الفيلم حسبما يتردد فى الكواليس، لأن الرقابة ببساطة ترى أنه لا يوجد عندنا ضابط فاسد بالتأكيد، وأيضا لايمكن لضابط أن ينتحر، وإذا كان صناع العمل رضخوا لرغبة الرقابة وأجروا التعديلات، أو توصلوا لحلول وسط ترضى الرقابة وأجهزة الأمن، لأنه لا يوجد اختيار آخر أمام صانعى العمل.
وإذا كان «عزبة آدم» فيلما جادا يحمل فى معالجته ما أقلق الرقابة والداخلية معا، فإن المفارقة فى تحويل الرقابة لسيناريو فيلم هانى رمزى الجديد «نمس بوند2» إلى الداخلية، وهو بالتأكيد فيلم كوميدى ساخر، لا يقدم ضابطا فاسدا، أو يقدم على الانتحار، أومتواطئا، الى آخر هذه الاحتمالات، بل ضابطا دمه خفيف، وطبعا عيب ان الضابط عندنا يكون دمه خفيف «لازم يكون متجهم وكِشرى وجاد زيادة عن اللازم»، حيث ينتظر مؤلفه طارق عبدالجليل، أن يجتمع بلجنة من الضباط، وليس المبدعين ليناقشوه فى سيناريو الفيلم.
ذلك الأمر يتنافى مع كل قواعد الإبداع وحرية التعبير، ولا أفهم لماذا تصر الرقابة على أن تفرق دم الإبداع بين عدد من الجهات خوفا من تحمل مسئولية الرفض..وكأننا نعيش فى عالم تانى، لا نشاهد مئات الأفلام أو المعالجات التى تقدم فى السينما الأمريكية وغيرها، عن فساد إدارات كاملة فى أجهزة الأمن، وليس ضابط واحد، ومن قال إن نموذجا سيئا هو رمز لجهاز كامل؟
ويبدو أن الرقابة التى تعاملت ببراح من قبل مع بعض السيناريوهات، والتى قدمت شخصية ضابط فاسد أو متواطئ، مثلما حدث فى «حين ميسرة»، أو «هى فوضى»، و«الجزيرة» قد ندمت على تلك المساحة من الحرية التى منحتها لكتاب السيناريو والتى بالتأكيد اعتمدت فى جزء من هذه الموافقات على أسماء صانعى هذه الأعمال مثل المخرج الكبير يوسف شاهين، أو خالد يوسف، وشريف عرفة.. لن تعود لتكرار هذه التجربة من جديد.
وأخشى أن يأتى علينا اليوم الذى يقول فيه كتاب الدراما «كان فيه مرة واحد ضابط»، على أساس أنه شخصية كانت فى زمن آخر، وتعيش حياة أخرى، وليست بيننا.
فواصل
ماريا ستكتب مذكراتها وتفضح الوسط الفنى.. ماريا تنفى الخبر، ولن تكتب مذكراتها.. هى مين ماريا أصلا؟
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة