د. سهير عبد الفتاح

مصر فى رجل واحد!

الخميس، 16 أبريل 2009 09:07 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لو تخيلنا مصر كلها تحولت لرجل واحد يغنى، فهذا الرجل هو سيد درويش، سيد درويش هو الملحن الوحيد الذى عبر عن مصر كلها وغنى باسمنا جميعا، ولذا نغنى ألحانه ونحتفى به ونحيى ذكراه.

فى السابع عشر من شهر مارس سنة 1892 ولد سيد درويش فى حى كوم الدكة، وهو حى شعبى يتوسط مدينة الإسكندرية، وعاش فى هذا الحى طفولته وصباه، فى سن الخامسة أدخله والده الكتاتيب حيث حفظ القرآن الكريم، وتوفى والده ولم يكن قد بلغ السابعة، فأدخلته أمه المعهد الدينى، لكنه تعثر فى دراسته، فى الوقت الذى أخذ اسمه كمقرئ ومنشد وعازف عود يتردد فى الحى، وهكذا فصل من المعهد الذى لم يعد قادراً على الانتظام فى دروسه، بينما أخذ يدعى لإحياء حفلات أهل الحى، فانتقل من الهواية إلى الاحتراف، ثم اضطرته الظروف للبحث عن عمل آخر، فاشتغل عامل بناء، ولكنه لم يتخل عن الغناء، فكان يحمل للبنائين أكياس الطوب وأوانى المونة، هو يرفع صوته بالأغانى الخفيفة ذات الإيقاعات السريعة، مخففاً عن نفسه وعن زملائه الإحساس بالتعب، حتى استمع إلى غنائه فنانان سوريان هما سليم وأمين عطا الله، وعرضا عليه الذهاب معهما إلى سوريا فى رحلة فنية، فوافق سيد درويش على الفور، كان ذلك سنة 1908، ولكنه عاد إلى القاهرة بعد تسعة أشهر، ثم سافر سنة 1912 مرة أخرى مع الفرقة نفسها إلى سوريا، حيث أقام عامين تعرف خلالهما على أساطين الموسيقى والغناء هناك، وحفظ تراث الموسيقى العربية من موشحات وقدود ورقصات وأغان صوفية، ورجع إلى الإسكندرية سنة 1914 وقد اختمرت موهبته الموسيقية، وبدأ يقدم ألحاناً فى الأشكال التقليدية كالأدوار والموشحات والطقاطيق.

رحل سيد درويش سنة 1917 إلى القاهرة فكانت هذه الرحلة بداية عهد جديد بالنسبة له كفنان وبالنسبة للموسيقى العربية، فقد قدم خلال سبع سنوات هى مدة إقامته فى القاهرة كل إنتاجه من الألحان المسرحية والاستعراضية.

وقد هيأت له الظروف أن يتعرف على ثلاثة من كبار فنانى عصره قدموا له كل العناصر التى كان يحتاجها لتحقيق حلمه فى تحقيق أعمال مسرحية غنائية، هؤلاء الثلاثة هم الشاعر الشعبى بديع خيرى، والمخرج عزيز عيد، والممثل نجيب الريحانى الذى خصص لسيد درويش فرقة تقدم أوبريتاته واستعراضاته على مسرح الإجيبسيانة، وهكذا توالت أعمال سيد درويش المسرحية التى بلغ عددها 26 أوبريتا واستعراضا، ظهرت كلها بين سنة 1917 وسنة 1923 وهى سنة وفاته، ونقل فيها ألحان الشعب بطوائفه المختلفة إلى خشبة المسرح كالسقايين، والجرسونات، والشيالين، فى تلك السنوات التى اشتعلت فيها ثورة 1919 بقيادة سعد زغلول.

وفى هذه الألحان تجلت موهبة سيد درويش فى استلهام الروح المصرية، وفى أن يعبر بالألحان عن المعانى التى تعبر عنها الكلمات.

هذا هو سيد درويش، فناناً مجدداً ملتزماً اكتوى بنار الحب والوطنية، وعاش لهما حياته القصيرة الفنية، وكانت موسيقاه نشيداً للحياة والحب والحرية.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة