تمنيت منذ أسبوعين فى نهاية هذا العمود ألا نرى يومًا كابوسًا أقبح من وزير الخارجية الإسرائيلى أفيجدور ليبرمان، عَنيت بهذا الكابوس أى صورة صحافية لمسئول عربى يصافحه، وكان ليبرمان قد صرح آنذاك، ضاربًا بالغضب الشعبى و الرسمى فى مصر عرض الحائط، بأنه سيقوم بالتأكيد بزيارة مصر وسيكون سعيدًا إذا ما قام المسئولون المصريون بزيارة إسرائيل، اعتقدت أن حكومتنا مهما كانت هى الأخرى تضرب بغضبنا عرض الحائط فإنه يجب أن يحلو لها من حين إلى آخر أن تكسب مصالحة مع الشعب ولن أرفع سقف الأمل بأن أقول «تأييد الشعب».
تقوم الإضرابات الغاضبة ثم تهدأ بوعد. ما تعلمه الحكومة فى اعتقادى أن رجل الشارع الطيب يمكن السيطرة على غضبه بسهولة عندما يتعلق الأمر برغيف عيشه أما عندما يتعلق الأمر بجرح كرامته ودينه ونخوته فإن غضبه يكون غضبًا مشتعلًا يجب التعامل معه بحذر.
ربما يحتاج تحقيق الطموحات المعيشية لرجل الشارع إلى مجهود و أداء حكومى مميز وهو للأسف أمر صعب على حكومتنا، و لكن كل ما تتطلبه مساندة رجل الشارع فى كرامته هو موقف.
جاء بالفعل كلام وزير الخارجية أحمد أبو الغيط رائعًا عندما صرح للتليفزيون الروسى نهاية الأسبوع الماضى بأن مصر لن تتعامل مع وزير الخارجية الإسرائيلى ليبرمان، اعتقدت أن أمنيتى فى ألا نرى كابوس المسئول المصرى مصافحًا ليبرمان المتطرف، يمكن أن ترتقى إلى مستوى الواقع القريب وأن رجل الشارع الغاضب يمكن أن يشعر بأن نار غضبه من إهانات ليبرمان المتتالية له ولبلده ولرئيسه وللعرب ستهدأ.. مشهد واحد على شاشات التليفزيون كانسحاب أى مسئول من قاعة بها هذا الوزير الإسرائيلى أو تعمد عدم مصافحته أو أى موقف من هذا القبيل كان سيضمن التفاف الشارع المصرى العاطفى حول ذاك المسئول الذى يمثل فى النهاية الحكومة، و لكن هذا للأسف كثير علينا وعلى مسئولينا، فبعد أقل من 48 ساعة من تصريحات أبو الغيط نُقلت عن الصحافة الإسرائيلية أخبار عن زيارة مرتقبة لمسئولين مصريين من الحقل الدبلوماسى لتل أبيب وعزمهم لقاء ليبرمان، ولم يصدر نفى رسمى على المزاعم الاسرائيلية.. إما أن أبو الغيط لا يعبر عن رأى الحكومة والدولة فيجب أن يحاسَب على تصريحاته أو أن التخبط داخل أجهزة الدولة وصل إلى حد أن المسئولين لا ينسقون حتى الخطوط العريضة لسياساتهم أو أن هناك من لا يمانع ضمن تحقيقه المصالح المصرية، أن يحقق آمال ليبرمان فى أن «يكون سعيدًا إذا ما قام المسئولون المصريون بزيارة إسرائيل»، أما عن آمالى وآمال الشارع المصرى فى ألا يشاهد كابوسًا يجرح نخوته وكرامته، والآمال الافتراضية للحكومة فى كسب مصالحة رجل الشارع، فلنصل حتى يأتى من يحققها.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة