رسخت البرامج الرياضية على شاشات الفضائيات صورة شديدة السلبية فى ذهن الجماهير، الأمر الذى أدى إلى اختزال كل ما يتعلق بمتعة كرة القدم وجمالياتها إلى فواصل من الردح والشتائم وإظهار حالة من التطرف والعداء وعدم قبول الآخر، ولم نجد مستوى حوار حقيقى يتضمن أفكاراً يطرحها جانبان متعارضان من أجل استجلاء الحقائق وكشف الوقائع من الأوهام، وأصبحت هذه الفضائيات استهلاكاً لوقت المشاهد الذى له الحق الأصيل فى المساحة الزمنية للهواء المباشر أن يتعلم أو يسمع خبراً جديداً، نشحن عقله بتحليل موضوعى لأزمة دائرة فى الوسط الرياضى، وتحولت تلك الفضائيات الاستهلاكية إلى حرب إبادة لكل من يختلف مع الآخر، وأزعم أن فواصل الخناق الدائرة بين خالد الغندور فى قناة دريم وأحمد شوبير فى قناة الحياة أكبر دليل على حالتى الترهل والتدنى اللتين شاهدناهما فى الأوقات الأخيرة، ويبدو أن نجوم الكرة الذين كنا نتعشم أن يقدموا صورة طيبة للمشاهد لما لهم من شعبية كبيرة لدى الجماهير، قد بدأوا فى الانهيار بعدما أصبحوا أداة لتزكية نيران الاختلاف وإعلاء روح الشماتة، التى بالطبع ستولد فى عقول شبابنا وأطفالنا الملتصقين بشاشات الفضائيات الرياضية ساعات وساعات كل يوم حالة من عدم المعرفة، بعد أن تحول دورها من النقد الموضوعى القادر على تشخيص الداء واقتراح الدواء، إلى مجرد موجات من الانتقاد العنيف وحالات الغضب والاتهامات المتبادلة، حتى أصبح مصطلح الرشوة طبيعياً وعادياً وليس معيباً فى حالات الحوار المتعصب الجامح بين شوبير والغندور، وأرى أن تلك الفضائيات الاستهلاكية تسهم فى إشاعة العقلية التآمرية لدى الجماهير بدلا من العقلية التى تتمتع بالوعى والموضوعية والقدرة على التمييز بين الحقائق المؤكدة والادعاءات الكاذبة، ووعدت أكتب عن نموذج الكابتن أحمد شوبير بالتحديد لأنه النجم الكروى الأكثر بريقاً لما تبوأه من مكانات مختلفة سواء «كابتن» لفريق الأهلى أو منتخب مصر، ثم نائباً لرئيس اتحاد الكرة، وعضوا بارزاً فى مجلس الشعب، ولأن كل هذه المناصب فأزعم أن العبء الثقيل والكبير يقع على عاتقه لأنه يعلم ويدرى جيداً أن كرة القدم هى العلاج الشافى لجماهير مصر، التى أصبحت تسد رمق المصريين وتشحن هممهم بعد حالة التردى والأمراض التى صدرتها حكومة رجال الأعمال التى ذاقت معها هذه الجماهير مرارة غلاء الأسعار وزيادة نسب البطالة وهموم الدروس الخصوصية، التى أنهكت الأسرة المصرية، ناهينا عن تفشى أمراض الكبد الوبائى والسرطانات ولا ننسى طوابير الخبز التى أصبحت من قسوتها مرتعاً لجرائم القتل.
وعموماً إذا ظلت الفضائيات الاستهلاكية على نهجها وطريقة سردها فلن يكون هناك سبيل لتنفيس الجماهير سوى مزيد من حالات التعصب فى الملاعب بعدما تحولت الفضائيات الاستهلاكية إلى أداة لتحريض الجماهير، ولنا فى أزمة عصام الحضرى حارس منتخب مصر وطريقة تداولها وطرحها ومناقشتها وعلاجها أكبر دليل على حالة التحفيز ضد الحضرى، وأؤكد أن هناك بعض الفضائيات بدأت تلعب دوراً إيجابياً فى إرساء قيمة الحوار أمثال الصحفى اللامع خالد توحيد فى قناة النيل للرياضة، الذى أعاد صياغة وقيمة المحاور بعدما اتجه الجميع إلى ضرورة النجم الكروى مهما كانت ضآلة ثقافته العامة وعدم حياديته وكثافة مصالحه الشخصية، ولذا نطالب بعودة الروح الرياضية لدى النجوم الكبار بعيداً عن المهاترات وفوضى الألفاظ الخارجة، وهذا يستلزم خارطة طريق جديدة لتلك البرامج، وأزعم أن الكابتن أحمد شوبير سيعود سريعاً إلى مكانته الأولى الإعلامية إذا لم ينسق وراء تلك المهاترات التى يحاول البعض جرجرته إليها.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة