فاروق الجمل

حياة افتراضية لجيل أكثر افتراضية

الأحد، 05 أبريل 2009 06:11 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
يخبرنى أنه تعرف على صديقه جديدة، عن طريق الفيس بوك، وأن صداقتهما تتطور بسرعة .. يشير دائما فى كلامه إلى أنه لم ير إلا صورها القليلة التى تضعها على صفحتها الشخصية بالموقع ذاته .. لا أهتم بكلامه، لكن تكرراه للإشارة، يجعلنى أساله عن السبب، فاكتشف أنه طلب منها اللقاء أكثر من مرة، لكنها رفضت، بحجة أنها لم تعرفه جيدا بعد.

كلامه يذكرنى بعدد الساعات التى أجلسها يوميا على النت، بين متصفحا لبعض المواقع المهمة ومتحدثا ومتحاورا مع عدد من الأصدقاء "يسد عين الشمس" .. الحقيقة أنى أًصبحت أتعجب من تلك العلاقات التى تتكون عن طريق مواقع التعارف، وكيف أصبحنا نرتبط بأشخاص عن طريق بعض الحروف التى تتناثر فى عالم افتراضى، وشبكة عنكبوتية ليس لها بداية أو نهاية.

اكتشف أن مثل هذه العلاقات هى التى تصيبنا بجمود فى المشاعر، وتجعلنا نرتبط بالوحدة، التى نتجت عن جلوسنا بالساعات منعزلين عن العالم أمام تلك الشاشة التى تربطنا بمن نحب أن يكونوا معنا فى حياتنا.

اكتشف أيضا أن مثل هذه الصداقات غالبا ما تصبح أكثر نجاح ، من تلك التى تنشأ فى الواقع، لأنها تتمتع بالعديد من الجوانب الإيجابية، والتى يأتى فى مقدمتها، أن مثل هذه الصداقات لا تقوم على أساس المصلحة، فكلا الطرفين يعرف الآخر، من أجل الفضفضة .. الفضفضة فقط لا غير.
صحيح أننا نستطيع أن نستبدل هذا الصديق الإلكترونى بورقة نكتب عليها ما نريد أن نقوله، وما نختزنه بداخلنا من مشاعر وأحاسيس، لكن شعورنا بوجود شخص ما يرد على ما نقول بكلمات مكررة ومملة فى بعض الأحيان، كـ"ها" "وبعدين" "كمل" "معاك" "طب وأنت هتعمل أيه دلوقتى"، يجعلنا نرتبط أكثر بهذا العالم، بالإضافة إلى العديد من المميزات الأخرى، ومنها الحفاظ على سرية ، والخصوصية، فالشخص الذى أعرفه عن طريق النت، لا يعرف عنى سوى اسمى، إن كان هذا الاسم حقيقيا، بالإضافة إلى أنه لا يعرف أى شخص ممن يعيشون بعالمى ويحيطون بى، ولا يوجد لديه أى سبب أو دافع لإفشاء أسرارى.

كذلك يمكننا فى العديد من الأوقات التعامل مع هذا الشخص، على أنه طرف محايد، فهو ينظر إلى المشكلة التى نطرحها عليه من خارج الملعب، لهذا فكثيرا ما يعطينا أصدقاؤنا الافتراضيون حلولا سليمة ومنطقية، مما يزيد من تعلقنا بهذا العالم.

لنعيش حياة أكثر افتراضية، من تلك التى نعيشها فى الوقع، أو لنهرب بها من كل ما يحيط بنا من معوقات وقيود وضعت على أحلامنا، التى باتت سجينة منفى إجبارى، ولم يعد لدينا أى أمل فى عودتها إلى أرض الوطن مرة أخرى.

ويبقى الحب
-حبيبتى ما زلت فى انتظارك حتى لو أمضيت عمرى كله منتظراً.
-من حقها أن تختار النهاية التى تناسبها، ومن حقى عليها أن تحافظ على صورة حبيبتى طاهرة نقية.
-من أجلك يا حبيبتى صليت صلاة العمر لإلهة الحب المقدسة .. وقدمت نفسى قرباناً على مذبحها.

* صحفى و روائى






مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة