أتت لنا حكومات تل أبيب المتتالية على مر العقود بشتى أنواع المجازر والخراب وسحق الأرواح وهدم كل محاولات السلام، هذه المرة أتت لنا «الديمقراطية الإسرائيلية» بمن هو أكثر دموية وعنصرية وإرهاباً من أولمرت وباراك وشارون، جاءت بمن جعل نتنياهو (الذى عُرف فى الشارع المصرى باسم «النتن») يبدو كحمامة سلام أمام ناخبيه.. أفيجدور ليبرمان الذى لا يقترب خطابه حتى من أدنى مستويات الصفاقة والركاكة الدبلوماسية ليمسك بزمام الحقيبة الدبلوماسية الإسرائيلية، صحيح أن الأسماء السالف ذكرها وغيرها كلها صور مختلفة لكابوس واحد ولكن ليبرمان أقبحها حتى الآن.
كيف سيتعامل العرب مع هذا الكابوس الذى وصفه الكاتب البريطانى روبرت فيسك بأنه «أسوأ ما يمكن أن يحدث للشرق الأوسط»؟ الشارع العربى وخاصة المصرى يبدو حاسم الموقف، ووصل رفض التعامل مع هذا الليبرمان إلى مطالبات برلمانية بحظر دخوله مصر.
مطالبات، إن رآها البعض عاطفية أو مبالغة فليراجع سريعاً فكر مجرمى الحرب المنهجى الذى تعسكه تصريحات الوزير اليمينى المتطرف عن: «إغراق مصر بقصف السد العالى» (1998)، «إنذار الفلسطينيين بقصف مراكزهم التجارية فى الثامنة من صباح اليوم التالى، فمحطات البنزين فى الثانية عشرة ظهراً ثم قصف البنوك الفلسطينية فى الثانية بعد الظهر» (اجتماع وزارى 2002)، «إغراق آلاف السجناء الفلسطينيين فى البحر الميت» (هاآرتس 2003) «على عرب 48 أن يعيشوا فى أى كيان عربى خارج حدود إسرائيل» (2004)، «إعدام الأعضاء العرب فى الكنيست الإسرائيلى الذين يجتمعون بأعضاء السلطة الفلسطينية» (2006)، وأخيراً بذاءاته فى «أن يزور الرئيس مبارك تل أبيب أو يذهب إلى الجحيم»، هذا التبجح والاستفزاز العلنى يقابله الرأى العام المصرى بحساسية شديدة وموقف واضح، وقد جاءت تصريحات وزير الخارجية أحمد أبوالغيط بأنه «لن يصافح ليبرمان»، متناغمة مع كبرياء الشارع المصرى، فأى خطاب دبلوماسى هذا الذى يمكنه مجاراة صفاقة مثل صفاقة ليبرمان؟ ولكن لنتوقف قليلاً مع باقى تصريح أبو الغيط: «إذا ما بقى موقف ليبرمان على ما هو عليه»، هنا تكمن بعض علامات الاستفهام، لن نستبق الأحداث ولكن ما هو التغيير الذى سيطرأ على مواقف ليبرمان (إذا طرأ تغيير) وما هى مساحة التسامح الذى يمكن أن يظهرها المسئولون المصريون والعرب الذين يتعاملون مع الحكومة الإسرائيلية؟ كيف نقرأ دبلوماسياً تصريحات ليبرمان الأخيرة:«سأقوم بالتأكيد بزيارة مصر وسأكون سعيداً إذا ما قام المسئولون المصريون بزيارة إسرائيل.
« تهدئة ومغازلة مقبولة قد تغنى لاحقاً عن الاعتذار الرسمى أم استكمال للصفاقة وضرب لموقفنا بعرض الحائط؟ هل ستقترب الأمور من توقعات بعض الصحف العربية فى مواقف عربية حاسمة أم تظهر ألاعيب ليبرمان ونتنياهو، فيستمر الأول فى إطلاق تصريحاته المتطرفة المهينة ثم ينجح الثانى وحكومته فى تهدئة التوتر نظرياً؟ فى الحالة الأخيرة ستكون أى صورة صحفية لمسئول عربى يصافح ليبرمان كابوساً أقبح من كابوس ليبرمان ذاته.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة