«ياريت» هى الكلمة التى رددها الكثير من المصريين بعد أن نفى مسئولونا الدبلوماسيون و«النوويون» أى نشاط مصرى نووى عسكرى. «ياريت يكون عندنا سلاح نووى» هو ما ينطق به عقل ولسان العديد منا بحثاً عن مشروع قومى حقيقى نرفع به رؤوسنا، من باب التغيير. من حقنا أن نقول «ياريت» حتى إن قلنا ذلك من باب الحلم لا الأمل.
بالرغم من هذا التمنى أو الحلم نجد أنفسنا (على الأقل رسمياً) فى موقف الدفاع عن النفس رداً على التسريب الإعلامى السطحى والمفتعل لتقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية الذى جاء فيه أن مفتشى الوكالة عثروا فى أنشاص على آثار يورانيوم عالى التخصيب. لا يخفى على أى طفل صغير أن أيادى إسرائيلية كانت وراء هذا التسريب. الأغراض والدلائل كثيرة.
منها أن الإعلام الإسرائيلى كان أول من تلقف هذا التسريب ليس من باب السبق الصحفى والحنكة، لأن آلة الدعاية الإسرائيلية، إذا كانت مِهَنية، كان يجدر بها أن تشير إلى أن نفس التقرير جاء فيه أن نتائج تفتيش الوكالة جاءت متوافقة مع التفسيرات المصرية الدالة على أن برنامجنا النووى لا يخرج عن الأغراض السلمية. ولكن الإعلام الإسرائيلى ويليه الأمريكى تناول الخبر فى شكل الكشف عن كارثة.
من ناحية أخرى هناك حقيقة قديمة هى أن إسرائيل التى لا تجد ما تعادينا به على وجه حق تتفنن فى ابتداعه وخلقه خلقاً خاصة إذا كانت الأحداث تعكر بعضاً من صفو تطرفها. وقد جاء مؤخراً ما يعكر هذا الصفو، أول زيارة أوروبية لوزير خارجيتها ليبرمان استُقبلت بفتور إعلامى غير مسبوق بل إن الصحف الفرنسية وصفته «بالعقبة» فى طريق السلام.
بالتوازى مع ذلك، تقارب مصرى أمريكى واضح متمثل فى الزيارة المرتقبة للرئيس مبارك إلى واشنطن بعد امتناع طويل، وخطاب أوباما المرتقب فى الرابع من يونيو والذى سيبعث خلاله برسائله إلى المنطقة من القاهرة. بغض النظر عن معارضتنا أو تأييدنا لهاتين الزيارتين وأهمية هذا التقارب إلا أننا يجب أن نتفق على أن فى ذلك ما يؤرق تل أبيب.
أضف إلى ذلك التحركات الدبلوماسية المصرية باتجاه تركيا (الحليف الاستراتيجى لإسرائيل) والتى تمثلت فى مشاورات ثنائية لتنسيق المواقف فى عدة موضوعات أخطرها بالنسبة لإسرائيل هو التنسيق المصرى التركى فى موضوع منع الانتشار النووى، والأفكار التى ستطرحها مصر فى 2010 فى مؤتمر مراجعة معاهدة منع انتشار السلاح النووى الذى يُعقد كل خمس سنوات.
وكان المتحدث باسم وزارة الخارجية السفير حسام زكى قد أعلن أن مصر ستؤكد فى هذا المؤتمر رفض ازدواجية المعايير وضرورة أن تنضم كل دول المنطقة إلى هذه المعاهدة. إذا كانت «ياريت يكون عندنا سلاح نووى» فكرة لا تتخطى الحلم، هل «ياريت مصر تنسحب من المعاهدة إذا لم توقع إسرائيل» فكرة يمكن أن تصل إلى مستوى الأمل؟
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة