هناك بلاد متخصصة فى الربح لكن أمريكا اللاتينية مثل عالمنا العربى متخصصة فى الخسارة

الخميس، 14 مايو 2009 09:43 م
 هناك بلاد متخصصة فى الربح لكن أمريكا اللاتينية مثل عالمنا العربى متخصصة فى الخسارة

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
يستعرض «الشرايين المفتوحة لأمريكا اللاتينية» تاريخ المقهورين الذى لا يكتبه أحد، تاريخ حى فى الحاضر يستدعى كل منهما الآخر، كما يستدعى تواريخ الشعوب الأخرى المقهورة والمغلوبة على أمرها وثرواتها ومستقبلها، الشعوب المصادرة بالأمر المباشر والمحكومة بواسطة «نظار العزب» و«الأومباشية» من المنتفعين الصغار والوكلاء الذين اختصروا بلاداً كاملة فى حفنة دولارات وسلطات وهمية.

والكتاب احتجاج بسيط وعنيف وشديد الصراحة، لدرجة أن يتبناه القارئ الذى لم يدرس الاقتصاد أو القانون، رغم أنه كتاب فى الاقتصاد والقانون والسياسة، لكنه مكتوب بحسب تعبير جاليانو «بأسلوب رواية حب أو رواية عن القراصنة» لدرجة أن تقرأه فتاة على ركاب أحد الأتوبيسات، أو أن تحمله السيدات فى حقائبهن وأن يعتبره الكثير من الرجال والشباب كتابهم المقدس.

يرى جاليانو أن بعض البلاد تتخصص فى الربح والبعض الآخر يتخصص فى الخسارة، وأن أمريكا اللاتينية تماماً مثل عالمنا العربى تخصصت فى الخسارة، منذ الأزمنة البعيدة، التى اندفع فيها الأوربيون عن البحر وغرسوا أسنانهم فى حنجرته، ولذلك لم يكن مستغرباً أن يكون العام الذى يضع فيه كريستوفر كولومبس قدميه على الأراضى الأمريكية مكتشفاً العالم الجديد أو مستعمرات البهار والذهب، هو العام الذى ينهى فيه،فرناندو الثانى وإيزابيلا الحكم العربى فى الأندلس لتبدأ معه رحلة من الغزو المضاد، رحلة من السيطرة والتحكم فى العالم العربى وفى الجنوب عموماً، مازالت قائمة حتى اللحظة الحاضرة.

مرت القرون ومازالت أمريكا الجنوبية مملكة العجائب، حيث يهزم الواقع الأسطورة ويرجع الخيال كسيراً أمام غنائم الغزو ومناجم الذهب وجبال الفضة، لكن الإقليم مازال يقوم بعمل الخادمة، فمازال يواصل البقاء فى خدمة الاحتياجات الأجنبية بوصفة مصدراً واحتياطياً للبترول والحديد والنحاس واللحوم والفواكه والبن والمطاط وجميع المواد الأولية المتجهة إلى الغرب الأمريكى الشمالى والأوروبى الذى يكسب من استهلاكه أكثر مما تكسب أمريكا الجنوبية من إنتاجها.

الوضع نفسه ينطبق على البلاد العربية التى أصبحت محطات بنزين ضخمة وخزانات احتياطية للبترول والمعادن والمياه والمواد الأولية وموانئ وقواعد للقوى الكبرى، وأسواقاً للشركات العابرة للقارات ومدافن للمخلفات الخطرة ومزارع للبشر، تجعل من الصعب تحقيقه نمطاً ناجحاً ومستمراً من التنمية، باختصار، وحسب تعبير جاليانو، بالنسبة لمن يفهمون التاريخ باعتباره منافسة، فإن تأخر وبؤس أمريكا اللاتينية ليس سوى نتيجة فشلها.. «لقد خسرنا وكسب آخرون، لكن تصادف أن من كسبوا قد كسبوا لأننا خسرنا»، فتاريخ تخلف أمريكا اللاتينية، أو تاريخ تخلفنا نحن يتضمن تاريخ تطور الرأسمالية العالمية، وكانت هزيمتنا دائمة متضمنة فى الانتصار الأجنبى، كما كانت ثرواتنا هى سبب فقرنا.






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة