◄الرهان على تبنى إدارة بوش للديمقراطية كان وهما.. والرهان على تغير موقف أوباما من إسرائيل خاسر
نفى دكتور عبدالمنعم سعيد مدير مركز الدراسات الإستراتيجية بمؤسسة الأهرام أن يكون قد تم تكليفه من قبل الخارجية بزيارته الأخيرة للولايات المتحدة الأمريكية، وقال إن إدارة أوباما لم تطرح قضية التوريث فى مصر نهائيا، ولكن الذين طرحوها بعض أنصار الدكتور سعد الدين إبراهيم هناك، وحسب كلام دكتور سعيد عضو أمانة السياسات بالحزب الوطنى وعضو مجلس الشورى أن أولويات هذه الإدارة هى الوضع الإقليمى فى المنطقة والقضايا الاقتصادية، ثم الاطمئنان للانتقال السلمى للسلطة فى مصر، وإذا تحدثوا عن الديمقراطية فبهدوء وفى غرف مغلقة.
هل كانت الزيارة بتكليف؟
هناك خطة لدى الخارجية لإرسال ممثلين للمجتمع المدنى ليتواصلوا مع المؤسسات الأمريكية.
وما هى شروط الاختيار؟
أن يكون لدى الشخص الرغبة، وبالتالى ليست تكليفا ولكن توافق.
ماذا يفعل أى شخص يريد الانضمام؟
يبلغ الخارجية، وهم حريصون على التنويع، ولكن المشكلة أن من يستطيعون القيام بهذا الدور عددهم قليل، فلابد مثلا أن يكون معروفا لدى الدوائر الأمريكية، سواء لأسباب صحفية أو أكاديمية أو سياسية، ولديه قدرة على جذب الجمهور، أى يكون لديه قبول لدى المؤسسات الأمريكية.
وهل يمكن أن يتم اختيار من لديه خلافات جذرية مع النظام الحاكم؟
لا أستطيع أن أقول ذلك، ولكن لابد أن يكون محسوبا على معارضة شرعية، فكان معنا هذه المرة دكتور منير فخرى عبدالنور وهو سكرتير عام حزب الوفد ووارد أن تكون هناك شخصيات من أحزاب أخرى.
لماذا أقرت الخارجية هذه المرة وجود معارضين؟
الخارجية بشكل عام تؤيد هذه البعثات من مختلف مؤسسات المجتمع المدنى، مثل المنتدى الاقتصادى الدولى ومجلسى الشعب والشورى وغيرهم، والهدف هنا هو إبلاغ الأمريكيين أن مصر بلد مستقر وديمقراطى ومتنوع الاتجاهات، وقد تنبهنا إلى أهمية هذه البعثات منذ منتصف التسعينات، فالعلاقة مع الولايات المتحدة فى كل المجالات، وليس لنا هناك سوى البعثة الدبلوماسية وهى مقيدة، ثم إن المؤسسات الأمريكية تريد رؤية ناس غير رسميين متنوعين مثل تنوع المجتمع الأمريكى.
هل توقفت هذه البعثات أثناء إدارة بوش؟
تقريباً.
لماذا يغضب الحزب الوطنى وأنت أحد قياداته من انتقادات الإدارة الأمريكية على حقوق الإنسان.. رغم أنها بديهية لا يجب الاختلاف عليها؟
المشكلة هى أن الإدارة الأمريكية أحيانا تتعامل معنا وكأننا دولة صدام حسين، وهذا غير صحيح، أو يطالبون بإخراج أيمن نور أو سعد الدين إبراهيم، رغم أن هناك حكما قضائيا للأول والثانى قضيته أمام القضاء، أو يحتجون على أمور متعلقة بالمثليين أو عقوبة الإعدام، كما أنهم لا يعرفون أن هناك تطورا ديمقراطيا، مثلا شكل الميديا المصرية من انتشار الصحافة والمحطات التليفزيونية الخاصة بعيداً عن سيطرة الحكومة ويصل الانتقاد فيها أحيانا إلى رئيس الجمهورية، أضف أيضاً سلاسل الإضرابات والاعتصام فى كل المحافظات، وتنامى مؤسسات المجتمع المدنى، أى تحرك أصحاب المصالح للتأثير فى القرار السياسى.
ولكن هناك أمورا منطقية مثل طلب إلغاء الطوارئ؟
نعم، ولكن هناك أمورا كما قلت لك لا يتفهمون حدود الممكن وغير الممكن بالنسبة للدولة، ولا يتفهمون أن المشكلة أحيانا تكون لدى الرأى العام أكثر من الدولة. كما أن هناك أموراً أخرى ليست بالتبسيط الذى يتم طرحه، فبدون شك أنا ضد التعذيب، ولكن فى ذات الوقت لابد من حل مشكلة أن عدد الضباط قليل وأن هناك ضغوطا شديدة يتعرضون لها.
ألا ترى أن هذه الزيارة جاءت فى توقيت لم يقدم فيه أوباما للمنطقة سوى الكلام وأن هناك مبالغة فى التفاؤل به؟
بوش كان يقول من ليس معى فهو ضدى، وكان يستخدم القوة العسكرية على نطاق واسع ودخل فى مواجهة حتى مع حلفائه وغيرها وغيرها من الأمثلة. الآن أوباما يتحدث عن تغيير سياسة الولايات المتحدة حتى مع كوبا وبوليفيا وفنزويلا وغيرها، ويسعى مع روسيا ليس للحد من تسابق التسلح ولكن نزع السلاح، أضف إلى ذلك أن متوسط الأعمار فى إدارته 43، ونسبة غير البيض 45 % فى مجتمع 75 % منه بيض، ويعمل معه حزمة رؤساء مثل هيلارى كلينتون، إنه مجتمع الأقوياء.
وفى منطقتنا لا جديد سوى الكلام؟
الرجل يطالب بحل دولتين، وأن تتفاوض كل الأطراف من حيث انتهت من قبل وليس من جديد، أضف إلى ذلك أنه طالب ولأول مرة أن توقع إسرائيل على معاهدة انتشار السلاح النووى.
ألم تسمع هناك أى انتقادات على الأوضاع الديمقراطية فى مصر؟
لم يعد هناك كلام عن الطوارئ مثلا، ولكن على الوضع الإقليمى ودور مصر فيه، والانتقال السلمى للسلطة فى مصر، ويلى ذلك الكلام عن الديمقراطية وبهدوء شديد.
ألم يعترضوا على التوريث؟
الذين أثاروا قضية التوريث بعض المصريين هناك، بالإضافة إلى إثارتهم للقضايا الديمقراطية، ومعظم هؤلاء من أنصار دكتور سعد الدين إبراهيم «عمل لكل واحد فيهم منظمة»، فالمسئولون الذين قابلناهم فى وزارة الخارجية والأمن القومى طرحوا أولا القضايا الإقليمية وبعدها الاطمئنان على انتقال السلطة فى مصر، وكان رأيى الذى قلته لهم إن مصر الحديثة منذ عهد محمد على، أى منذ 200 عام، لم تتعرض ولو لمرة واحدة لمشكلة فى انتقال السلطة، بل كانت يتم بشكل سلمى دائماً، وحدث ذلك حتى بعد 1952، فقد خرج الملك فاروق بهدوء ودون أى مقاومة.
إذن إدارة أوباما تخلت عن أنصار الديمقراطية؟
الرهان على تبنى إدارة بوش للديمقراطية كان وهما، كل الأمر أنه كان يحاول ابتزاز نظام رفض غزوه للعراق، فبعد فشله فى إيجاد أسلحة دمار شامل كان لابد أن يروج لسبب آخر وهو الديمقراطية، ناهيك عن أن الديمقراطية قضية معقدة وحلها يكون داخلياً، وحتى الظاهرة الأصولية الإسلامية أكثر تعقيداً من الديمقراطية أو الاستبداد، فهى تنبت فى تربة معقدة التكوين، فمن المؤثرات على سبيل المثال، ضعف الطبقة الصناعية وضعف الطبقة المتوسطة، فعدد المسيحيين الذين نجحوا فى انتخابات 1924 كان 65، وقبل 1952 وصلوا إلى عشرة فقط، وبعدها كان العدد من واحد إلى ثلاثة باستثناء انتخابات 1984 و1987.
هل تعتقد طبقا لما شاهدته هناك أن يزداد التناقض بين إدارة أوباما وإسرائيل؟
زاوية الرؤية هى التى تغيرت، بمعنى أن أوباما يرى أن الحفاظ على إسرائيل بالحرب فشل، والحل هو الحفاظ عليها بالسلام مع كل الأطراف، أى أن الأهداف لم تتغير.
الإدارة المصرية تتحدث كثيرا عن استقلال قرارها السياسى، وتنزعج عند الحديث عن تخفيض المعونة أو إلغائها.. أليس هذا تناقضاً؟
يا عزيزى العلاقات الدولية كلها تناقضات، وتعبيرك أخلاقى وليس سياسيا، فالمعونة كانت مقابل السلام مع إسرائيل، وأنا أرى أن الأهم هو الاستثمارات الأمريكية، فقد دخل مصر 13.955 مليار من بينها 6.700 مليار من الولايات المتحدة وهذا يعنى فرص عمل ونقل تكنولوجيا وغيرها.
لماذا تنزعج الإدارة المصرية من لقاء معارضين للإدارة الأمريكية؟
أنا شخصيا لا أنزعج.
إذن الحكومة تحب أن يكون أى تحرك تحت ولايتها؟
أظن أن ما تسميه انزعاج ناتج معارك صحافة ضد صحافة، واعتقد أن الإدارة المصرية «مخها أكبر بكتير» من هذا التفاعل السياسى.
هل كان هناك اتجاه لدفع الإدارة المصرية ضد السلطة فى إيران؟
المنظمات اليهودية، وقابلنا ممثلين لاثنين منها، هم الذين أثاروا بإلحاح السلاح النووى الإيرانى، وأنه هو الأولوية وليس الصراع العربى الإسرائيلى، ورفضنا هذا المنطق تماما، وقلنا لن نتعاون معكم أو مع إسرائيل ضد إيران. وهذا الرأى وافقنا عليه مسئول وزارة الخارجية لأنه يعتبر أن الصراع العربى الإسرائيلى هو إحدى ساحات الصراع مع إيران، ولا بد من حله أولاً، وهذا ينزع أحد أهم مبررات أى دور إيرانى فى المنطقة.
هل اعتبرت نفسك ممثلا للحزب الحاكم بما أنك قيادة فيه؟
لا، تحدثت باسمى، وهم يعرفوننى لأننى أزور الولايات المتحدة كثيرا، يمكنك أن تقول أنهم يعرفوننى باعتبارى مدير مركز الدراسات الاستراتيجية بمؤسسة الأهرام، ومنير فخرى كان موقفه قويا ويتحدث باسم الوفد وحسام بدراوى قدم نفسه باعتباره عضواً فى أمانة السياسات فى الحزب الوطنى، ويشير إلى أنه عضو فى المجلس القومى لحقوق الإنسان.