عندما قُتل التسامح وشهامة الأصل خرجت خناجر ومطاوى الظلم لتدمر.. مصيرنا فى مصر بعد أربع سنوات من الآن هو الخراب التام الذى سيأتى وسط تبلُّد مشاعرنا وأفعالنا التى لن تتحرك إلا عنفاً من أجل الحصول على الخبز والماء، هذا ملخص ما تركه بداخلى فيلم «دكان شحاتة» للمخرج خالد يوسف، بطبيعة الحال، للمخرج رسائله الإنسانية والسياسية، ولكل مُشاهد أن يتلقى كل أو بعض هذه الرسائل وفقاً لتركيبته، لست هنا بصدد نقد فنى، فهذا ليس اختصاصى ولكننى أطرح سؤالا حفزه الفيلم فى عقلى: مَن هو «شحاتة» وكيف نُنقذه؟ فى الفيلم قُتلت الشخصية المصرية، الذى برع عمرو سعد فى تقديمها، «شحاتة»، الأمل الوحيد فى الحب والشهامة والتسامح والرجولة والإيجابية والأصل ولم يعد هناك إلا اللامبالاة القاتلة والظلم والعنف فتفشى شعور المواطنين بعدم الأمان وخرجت الجموع الغوغاء بالشوم والمطاوى تُخَرِّب، مع المَشاهد الأخيرة تمنيت لو أن الفيلم قد حمل أملاً بدلاً من النهاية المتشائمة وفى صباح اليوم التالى تأكدت أن أمنيتى لم تنطلق إلا من وَهم أُطمئن به نفسى وأن مَشاهد الواقع تسير متوازية مع مَشاهد خالد يوسف والمؤلف ناصر عبدالرحمن، 50 % من المصريين يشعرون بالظلم (استطلاع رأى حكومى)..
أكثر من 80 % من المشاركين فى استطلاع رأى اليوم السابع لم ينتظروا نتائج التحقيقات وفقدوا مقدماً كل الثقة فى المسئولين إذ يعتقدون أن رسائل القمح الروسى فاسدة وأنها ستُمرر بسبب تفشى الفساد، حالات نفسية تعيش بيننا انعدمت لديها تماماً أى مشاعر فأنتجت مستوى قياسيا من العنف والدموية فى ارتكاب جرائم قتل..
أب يقتل ابنتيه فى ماسورة.. شهد وزياد طفلان قضيا عليهما بعشرين طعنة من ابن عمتهما انتقاماً لسبعين جنيه.. والمزيد، أما الأطفال فلك فقط أن تراقب خروج التلاميذ عند باب أى مدرسة، الضرب هو اللعب ولا راعٍى واحداً يحاول حتى أن يقول لرعيته «عيب كده يا أولاد، تسامحوا يا أولاد» ففاقد الشىء لا يعطيه..
أما الطفل الذى يلعب ويتزحلق فى دماء الخنازير دون أدنى اشمئزاز، وبَلادَة المشرفين البيطريين فى مجزر البساتين جعلتهم يتفرجون دون حركة ولا كلمة، فلنتخيل ماذا سيفعل عندما يصير شاباً..
إن لم يخرج من بين هذه المشاهد «شحاتة» ستنتقل مشاهد خالد يوسف من الشاشة إلى الشارع، قد يكون داخل الأغلبية منا، نحن الرعية، «شحاتة» أو جزء منه ولكنه صامت مكبَّل بوِرث ثقيل من الإهمال والفساد والكبت وغياب الرقابة والإلزام والالتزام.
وإذا أردنا لشحاتة أن ينقذنا؛ علينا أن نعرف أولاً مَن بيده أن يُحرره، الراعى أم الرعية؟ أم كالعادة ستغيب المسئولية؟ لنجد أولاً الإجابة الصعبة لهذا السؤال السهل: ماذا ومَن يُنقذ «شحاتة»؟.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة