منذ فتح النائب علاء عبدالمنعم قضية أحكام محكمة النقض ببطلان صحة عدد من نواب البرلمان وتجاهل مجلس الشعب لها، والقضية تثير الكثير من الجدل وفى العدد الماضى أرسل المستشار أحمد مكى نائب رئيس محكمة النقض دراسته إلى «اليوم السابع» التى أكد فيها أهمية تنفيذ أحكام محكمة النقض، وقدم من الأدلة ما يؤكد أن تقارير النقض فى قوة الحكم القضائى واجب النفاذ، وأن المجلس اغتال نفسه بتعطيل حكم القانون، والدولة ذاتها فكرة قانونية، وسيادة القانون هى الأساس الوحيد لمشروعية السلطة. وفى هذا العدد أرسل 6 من نواب الشعب آراءهم التى يعضضون فيها آراء المستشار مكى فى القضية التى أصبحت محل اهتمام الناس وتخص شرعية البرلمان وأسماء 77 نائباً موجودين داخله دون سند قانونى، ويؤكد النواب أن أحكام النقض «مركونة» على الرف فى اللجنة التشريعية لأنها تخص نواباً للحزب الوطنى داخل المجلس، وأنها لو صدرت ضد نواب الإخوان أو حتى المستقلين لتم تنفيذها قبل الانتهاء من كتابتها أو عرضها على اللجنة التشريعية:
لمصلحة من يتم إخفاء تقارير النقض حول صحة العضوية؟
الإعمال الصحيح لأحكام الدستور يحتم أن يفصل فى صحة عضوية أعضاء البرلمان خلال موعد أقصاه 165 يومًا وبحد أقصى نهاية دور الانعقاد الأول من الفصل التشريعى.
ولكن لجنة الشئون الدستورية والتشريعية كان لها رؤية مخالفة ومختلفة فقد وردت إليها تقارير محكمة النقض حول صحة العضوية ولم تعرضها على الأعضاء «التقارير ترد من رئيس المجلس إلى رئيس اللجنة» ولما طالبت مرارًا بعرض هذه الطعون وذلك ما تحتمه المادة 350 من اللائحة الداخلية للمجلس وجدت تسويفا من قبيل إن شاء الله حين تستكمل ثم اللجنة لا تحتفظ بالتقارير وإنما التقارير فى أمانة المجلس وحين سألت السيد المستشار سامى مهران فى مواجهة رئيس اللجنة قرر أن الأمانة العامة لا تحتفظ بأى طعون وطلب منى قراءة اللائحة وحين صممت على الاطلاع تقدمت بطلب كتابى إلى الدكتور أحمد فتحى سرور، رئيس المجلس، الذى طلب كتابة من اللجنة تمكينى من الاطلاع فاستصدرت اللجنة فى 13/3/2009 أعجب قرار وهو عدم عرض الطعون «على اللجنة» إلا بعد استيفائها! وعلى ذلك فإن القرار كان يستهدف فقط عدم تمكينى من الاطلاع وهو قرار مخالف للدستور والقانون واللائحة حتى أن السيدة الدكتورة رئيسة اللجنة أنكرت صدوره فى الجلسة العامة فطلبت من رئيس المجلس إحضار محضر جلسة اللجنة فى 13/3/2009 لإظهار الحقيقة.
والغريب فى الأمر أن يقرر مكتب اللجنة تبريرًا لإخفاء الطعون أن هناك تقويض من اللجنة لهيئة المكتب فى الأنفراد بأمر الطعون؟! ووجه الغرابة أن هذا الكلام يصدر ممن يفترض أنهم حراس للدستور والقانون والشرعية وهو قول مردود بما يلى:
1 - أنه لا يوجد تفويض من اللجنة لهيئة المكتب وقد طلبت التسجيل الصوتى للجلسة التى قيل إن بها تفويضا فلم يحضروا أى تسجيل.
2 - أنه لا يجوز للجنة أن تفوض هيئة المكتب فى اختصاصتها فتقوم هيئة المكتب بأعمال اللجنة مجتمعة ولو صح هذا القول لصح أيضاً أن يقوض أعضاء المجلس هيئة المكتب لمجلس الشعب برئاسة الدكتور سرور والوكيلين فى النهوض بأعمال المجلس وأن يمارس الثلاثة فقط أعمال المجلس من تشريع ورقابة، فمن يقول بذلك؟
3 - أنه وبفرض وجود هذا التفويض - والفرض غير الواقع - فهل يملك المُفَوَضْ» أن يحجب عن المُفَوِضْ - وهو الأصل - بيانات ومعلومات؟
وحين أعلنت البيانات المتعلقة بالطعون وأعلنت مسئوليتى الكاملة تجاهها واجهنى هجوم غير مسبوق وانتفض السادة النواب وكأننا على أبواب حرب مع العدو - ووصل الأمر بفريق إلى اتهامى بأننى أعمل لمصلحة جهات خارجية «ربما حزب الله أو إيران أو إسرائيل أو أمريكا وهذا أضعف الاتهامات».
وهذه اتهامات لا تستحق الرد أما ما يستحق التفنيد فهو اتهامى بأننى متواطئ مع النظام الذى سرب لى هذه المعلومات لتفجير القضية ومن ثم يكون هناك مبرر دستورى لحل مجلس الشعب الذى أشيع مؤخرًا أنه يواجه مصير الحل.
وهذا القول أيضاً مردود بما يلى:
1 - إن مطالبتى بالإعلان عن الدوائر التى قررت محكمة النقض ومحكمة القضاء الإدارى كان منذ عام 2006 وهذا ثابت فى مضابط اللجنة التشريعية.
2 - إن حديث المستشار مقبل شاكر لبرنامج منتهى السياسة فى شهر 6/2008 والذى قرر فيه سيادته بأن محكمة النقض أرسلت لمجلس الشعب حوالى 120 طعنا مقبولا ولم أكن منهم - وأنا عضو باللجنة التشريعية - أى طعن هو الذى أثارنى بقوة للمطالبة بالإفصاح عن هذه الدوائر.
3 - أن خروج هؤلاء النواب من المجلس لا يستتبع حتمًا حل المجلس وقد رأينا سوابق برلمانية فى خروج نواب التجنيد بالجملة ونواب القروض والكيف.
4 - إن النظام ليس بحاجة لى إذا ما كان هناك قرار سياسى بحل المجلس وإذا فرضنا ذلك فما أسهل أن يكشف الحزب الوطنى بنفسه هذه الأسماء ويكسب ثقة الرأى العام بأنه حزب يُعجل بتنفيذ أحكام الدستور والقانون وحريص على الشريعة فيكسب ثقة الرأى العام.
5 - إن هذا القول يتعارض تمامًا مع شدة الهجوم الذى تعرضت له من أعضاء الحزب الوطنى إذ إن هذا الفرض - لو كان صحيحًا - لكانت التعليمات قد صدرت بعدم تعرضى لأى هجوم.
كذلك فإن اللجنة العامة - فى حيثيات قرارها بتوجيه عقوبة اللوم لى - قالت إن النشر قد اتسم بالأخطاء وعدم الدقة فيما يتعلق بأسماء بعض المطعون ضدهم الذين لم ترد بشأنهم أى تقارير من محكمة النقض تمس عضويتهم، كما أننى أسأت فى حرية التعبير والسؤال الذى يطرح نفسه إن كانت بياناتى غير دقيقة فأين الدقة وأين الحقيقة؟.
وأخيرًا فقد كنت أتمنى من السادة النواب الذين هاجمونى بضراوة أن يكون لهم ذات الأداء فى القضايا القومية التى تهم الوطن كغلاء الأسعار والبطالة والفساد وانهيار التعليم والصحة والمرافق، وكنت أتمنى أن توجه اللجنة العامة اللوم لهيئة مكتب لجنة الشئون الدستورية والتشريعية التى لم تقدم سوى طعنين طوال أربع سنوات وحجبت باقى الطعون مما أثار هذه المشكلة.
بقلم: النائب علاء عبدالمنعم - مستقل
قرار النقض ملزم وإعادة اللجنة التشريعية للتحقيق باطل
تنظر اللائحة الداخلية لمجلس الشعب فى صحة العضوية بالمواد من 347 إلى 355 على أن أهم ما جاء فى هذه المواد المنظمة الفقرة الثالثة من المادة 350، التى تنص على: للجنة التشريعية ضرورة إجراء تحقيق بعض جوانب الطعن قبل إبداء رأيها للمجلس، على أن تحدد الموضوعات التى تطلب استيفاء تحقيقها بإحالة الأمر إلى محكمة النقض لإجراء شئونها فيها ونخلص من كل ذلك إلى الآتى:
أولاً: إن ما انتهت إليه المادة 93 من الدستور والفقرة الثالثة من المادة 350 من لائحة المجلس ببابها المنظم لصحة الحضور أن محكمة النقض هى المختصة بالتحقيق وليس سواها، وتعرض نتيجة التحقيق والرأى الذى انتهت إليه على المجلس، أما تصدى اللجنة التشريعية للتحقيق كليا أو جزئيا وما يقتضى ذلك من طلب أوراق الاقتراع وإعادة فحصه يخرج عن اختصاصها المقيد بنص اللائحة فى الفقرة الثالثة من المادة 350، التى تنص على أن احتياج أحكام الطعن فى بعض جوانبه إلى استيفاء تحقيق عليها أن تحيل الرأى عن طريق المجلس إلى محكمة النقض لإجراء شئونها.. فلا تملك اللجنة التشريعية التصدى لإعادة التحقيق كليا أو جزئيا وإذا كانت السوابق البرلمانية قد جرت فى السابق على ذلك فالانعدام والبطلان يشوبانها.
ثانيًا: إن التأخير فى تحقيق الطعون الناتج عن التفسير غير الدقيق لنص المادة 93 من الدستور هو الذى أحدث هذا القدر من الاستهانة مما انتهت إليه تقارير محكمة النقض مع قرب نهاية الفصل التشريعى التاسع من مجلس الشعب.
ثالثًا: إن اختصاص محكمة النقض يتعلق بوقائع الاقتراع والفرز وإعلان النتيجة، ويبدأ بمحضر فتح صناديق الاقتراع حتى إتمام العملية الانتخابية لإعلان نتيجتها، أما قبل ذلك من إجراءات تنظمها بقوانين خاصة أو بقرارات إدارية محلها الطعن من مجلس الدولة، وأهم هذه الطعون على الصفة والموقف من التجنيد والجنسية والخطأ المادى، وهى طعون صدرت بها أحكام فى حق البعض ورغم نهايتها فقد تم تنفيذ البعض منها بشكل انتقائى بما يخالف العدالة، وما ورد فى المادة 40 من الدستور التى تنص على أن المواطنين لدى القانون سواء، وهم متساوون فى الحقوق والواجبات العامة، ومن ثم يستحيل على المجلس أن يحتج على هذه الحالات التى صدرت فيها أحكام نهائية «الصفة - الموقف من التجنيد -الجنسية - الخطأ المادى» بقاعدة أن المجلس سيد قراره، وإلا فهو إهدار لنصوص الدستور وحكم المحكمة الدستورية وهذا لم يقل به أحد.
رابعًا: إن بعض تقارير محكمة النقض انتهت ببطلان استناد التزوير الذى ثبت حدوثه فى صندوق انتخابى واحد معتنقا من حيث المبدأ وبعض التقارير أعمل هذا المبدأ، مضيفًا إليه المدى الذى يصل إليه التزوير على قاعدة التزوير الجوهرى الذى تتغير به النتيجة من عدمه، واعتبر هذا الأخير أن صناديق الاقتراع التى تستبعد لثبوت التزوير بها تتغير باستبعادها النتيجة
بقلم: النائب سعد عبود - حزب الكرامة
الالتفاف على تقارير النقض سقطة فى حق النظام
عسير على أى عقل بصير أن يستسيغ إهدار رأى محكمة النقض فى الطعون الانتخابية الواردة إليها، خاصة أن ذلك الرأى الصادر من محكمة النقض لم يصدر عن هوى وإنما بعد فحص واطلاع كامل لجميع أوراق تلك الطعون وإذا كان مجلس الشعب يخضع لأهواء عباقرة السلطة ممثلين فى أعضاء الحزب الوطنى، فإننا نقول لهؤلاء إن تقارير محكمة النقض ملزمة ولو أدبياً والالتفاف عليها سقطة فى حق النظام تضاف إلى سقطاته، وكان لزاماً على مجلس الشعب ــ بمجرد الاطلاع على تلك التقارير ـــ أن يسقط العضوية عن هؤلاء فورا،ً وإلا فقد بات واضحاً للجميع أنه لا احترام للدستور ولا للقانون ولا للائحة سيد قراره ولنا أن نتساءل عن حق: لماذا تنفق محكمة النقض كل هذا الوقت والجهد فى فحص تلك الطعون وتصدر رأيها فى النهاية بلا جدوى؟ وإذا كانت تقارير المحكمة غير صالحة للاستهلاك البرلمانى ولا تتفق مع حقوق الإنسان فإن العيب ليس فى النظام الحاكم وإنما العيب فينا نحن شعب مصر الذى ارتضى لنفسه الذل والمهانة.
العيب فينا نحن شعب مصر الذى ضاعت أحلامه وأهدرت كرامته وفقد حريته تحت مطرقة قانون الطوارئ والحزب الوطنى، بعد إخراج وسيد قراره من معادلة ضبط أداء النظام الحاكم، وأفقدت شعب مصر ما كان يتمتع به من مكتسبات حققها فى عهد الزعيمين الراحلين عبدالناصر والسادات، لقد ضاع مجتمع العدل والكفاية وظهر مجتمع الاحتكار والاحتقار، وكثيراً ما رددنا أن البرلمان بصورته الحالية لا يسمن ولا يغنى من جوع، وتعطيله فترة من الزمن، لن تضر البلاد شيئاً خاصة إذا كنا نسعى جادين لإعادة الإصلاح والبناء وإيجاد القدوة والبحث عن زعامة حقيقية يلتف حولها جموع الشعب، من خلال بيت الشعب الشهير بسيد قراره، إن مرحلة المخاض التى نعيشها اليوم هى حالة سببها العلاقة غير الشرعية بين النظام الحاكم والحزب الوطنى، وما زلت أردد أن حقوقنا سلبت منا عنوة وفى أحيان أخرى بالخديعة والكلمات المراد بها باطل، إننا نجتاز مرحلة من أخطر المراحل التى مرت بها مصرنا العزيزة، انتشر فيها الفساد والنفاق ولابد من وقفة يصحو خلالها الجميع من بنى وطنى، أدعوكم جميعا للوقوف ضد الظلم والفساد ومصاصى دماء هذا الشعب.
بقلم: النائب طلعت السادات - مستقل
النقض جهة تحقيق تصدر رأياً وليس حكماً
المادة 93 من الدستور تحدد اختصاص محكمة النقض على أنها جهة تحقيق وليست محكمة، وتنتهى فى تقريرها حول الطعن المقدم لها إلى رأى غير ملزم لمجلس الشعب، ويتم عرضه على اللجنة التشريعية لتناقشه، ولها أن تعيد التحقيق فيما فعلته محكمة النقض، وإذا وجدت عيباً جوهرياً يترتب عليه إسقاط عضوية، لها أن تأخذ به أو لا، حتى لو انتهت إلى بطلان الانتخابات، ولنضرب مثلاً ببعض الحالات، فمثلاً هناك أحياناً تقرير محكمة النقض يستند فى رأيه ببطلان الانتخابات إلى خطأ مادى فى الأصوات، كما هو فى حالة حازم حمادى، حيث كانت الأصوات التى احتسبت للنائب الذى أعلن فوزه خطأ ماديا، ولذلك وافقت اللجنة التشريعية والمجلس على رأى النقض بإعلان فوز حمادى وبطلان عضوية نائب الإخوان مختار البيه، وهناك حالات أخرى لتقارير النقض ببطلان الانتخابات، مثل عدم توقيع رئيس اللجنة الفرعية على محاضر الفرز، ورأت اللجنة التشريعية أنه ما دام رئيس اللجنة العامة صحح هذا الخطأ غير المقصود ووقع على نفس الجزئية فى محضر اللجنة العامة، فلا يجب إسقاط العضوية على خطأ لا ذنب للنائب فيه، وإنما حدث نتيجة سهو من القاضى رئيس اللجنة الفرعية، أما النوع الثالث من حالات العضوية فهى تتعلق بصدور أحكام من القضاء الإدارى سابقة على الانتخابات بعدم صحة صفة المرشح سواء أكان فئات أم عمالا أو بسبب عدم استيفائه شروط العضوية، مثل عدم تأديته الخدمة العسكرية، وأقام المرشح استشكالا وخاض الانتخابات، ثم صدر حكم من الإدارية العليا بعد الانتخابات بتأييد حكم القضاء الإدارى، هنا لا يكون أمام المجلس إلا أن يبطل عضويته، وهذا يعنى أن مجلس الشعب ينتهى إلى رأى فى كل حالة على حدة، طبقاً لأسباب الرأى ولا تستطيع الأغلبية أن تتستر على خطأ مادى ظاهر أو لا ترفض تنفيذ حكم إدارية عليا. وأرى أن الحل فيما ذكرته الدكتورة آمال عثمان رئيسة اللجنة التشريعية بشأن طلبها من محكمة النقض استيفاء بعض الأمور بالنسبة للطعون، أرى أن تقوم المحكمة بإرسال كل المستندات والأوراق التى فى حوزتها مع تقارير الطعون التى ترسلها حتى لا يكون هناك مجال للمراسلة بين اللجنة والمحكمة وبعيداً عن الدستور كنت وأرى أن تختص المحكمة الدستورية العليا.
بقلم: النائب محمد عامر - حزب وطنى
الفساد أصاب النص الدستورى وسلب اختصاص النقض
لقد تناولتم فى العدد الماضى من خلال قلمكم الجرىء موضوعا فى غاية الأهمية، وهو تقارير محكمة النقض الخاصة بالطعون الانتخابية. وأحب أن أؤكد أن إعطاء مجلس الشعب سلطة الاختصاص بالنظر فى صحة عضوية أعضائه هو فساد قانونى صحيح، وكما يسمونه فسادا فجا فيه خلط بين السلطات، فى حين أن المفروض لصحة العضوية من عدمها أمر سابق لتشكيل المجلس، فإذا كان انتخاب أحد أعضائه غير صحيح فهذا يعنى أنه ما كان ينبغى أن يلتحق بالمجلس من البداية، ويعنى أيضاً أنه فى حالة صدور حكم قضائى بعد شهر أو عام من بدء المجلس، ينبغى أن ينفذ على وجه السرعة، باعتبار أن ذلك احترام للشعب وإرادته فى اختيار نوابه، ولكن للأسف الشديد مصر نظامها القانونى رئاسى تمت صياغته على نسق الوحدات العسكرية بحيث ينتهى الأمر فى النهاية لشخص واحد يكون هو الآمر الناهى، وعلى هذا النحو تتم صياغة جميع سلطات الدولة، والنظام حريص من البداية على تشكيل المجالس النيابية من خلال التزوير، وهذا واقع عملى عاشه الشعب المصرى، ولذلك من غير المتصور أن النظام الحريص على الاختيار بدون ضمانات حقيقية تحمى إرادة الشعب أن يسعى لحماية هذه الإرادة، ولذلك جاء دستور عام 71 ليحقق السيادة الرئاسية التى تحدثنا عنها، وتبعية باقى السلطات لها بما فى ذلك السلطة التشريعية، وكان ذلك من خلال وسيلتين: الأولى هى الحرص على انتخابات غير نزيهة تزور فيها إرادة الشعب، والثانية أن يكفل النظام الإطار القانونى للدولة حماية لهذا التزوير وتحقيق الاستقرار لما أقره من نتائج، وكان ذلك من خلال تخويل مجلس الشعب سلطة الفصل فى صحة عضوية أعضائه على ضوء تقارير النقض، إذ إن الذى يحدث أن الأغلبية لا تعير هذه التقارير اهتماماً، باعتبار أن التزوير من صنع النظام، وأن من نجحوا بالتزوير من أعوان النظام، وأحب أن أؤكد للقارئ أن اللجنة التشريعية تتعمد إخفاء التقارير عن النواب، وأنا شخصياً حاولت مع أمينة اللجنة أكثر من مرة الحصول على نسخ من هذه التقارير أو أطلع على كشف وبيان عدد التقارير الواردة من محكمة النقض وما تنطوى عليه من نتائج، إلا أن طلبى كان مرفوضا وحاولت مع الأمين العام لمجلس الشعب ورفض أيضاً بدون سبب، وهذا التستر على تقارير النقض يسأل عنه النظام، فالأغلبية ورئيس السلطة التنفيذية على علم بوجود تقارير وأن هناك من نجح بالتزوير ولكنهم يعملون على حمايتهم، بدليل أنه عندما تقرر إشراف قضائى على ضوء تفسير المادة 88 من المحكمة الدستورية فوجئنا بأن الحزب الوطنى يقوم بإلغاء الإشراف القضائى من الدستور، ولذلك فإن تقارير محكمة النقض ليس لها فائدة باعتبار أن الفساد يصيب النص الدستورى، حيث سلب اختصاص القضاء فى بحث صحة العضوية وأعطاها لمجلس الشعب، ولا يمكن فى هذه الحالة القول بأن المجلس مختص، لأن المجلس لا يتشكل تشكيلا صحيحا إلا بعد الفصل فى القضايا المتعلقة بصحة العضوية.
بقلم: النائب محمد العمدة - عضو الحزب الدستورى الحر
من يؤسس قاعدة فصل البرلمان فى صحة أعضائه يكرس للاستبداد
ليس مقعولا أن يختص القضاء بالفصل فى دستورية القوانين من خلال قضاء المحكمة الدستورية العليا «المواد 174 - 178 من الدستور»، بينما لا يختص بالفصل فى النزاع على عضوية البرلمان! ولذلك فإن من يحاول أن يرسى قاعدة البرلمان سيد قراره فى الفصل فى صحة عضوية أعضائه أو بطلانها، هو يكرس للاستبداد ويعوق التطور الديمقراطى، وإليكم الأسباب:
1 - العمل بمبدأ الازدواجية دون مراعاة النصوص الدستورية والقانونية: ولنتذكر فى هذا الصدد الحكم الجنائى الصادر فى حق أحد الأعضاء خلال هذا الفصل التشريعى، وبدلا من إسقاط العضوية، قبل المجلس استقالته على حين أنه بموجب هذا الحكم سقطت العضوية عنه وبالتالى سقطت إرادته فى أن يقدم استقالته من الأصل «نموذج عماد الجلدة» ولكن ماذا نفعل أمام «ديكتاتور الأغلبية» التى تنتهك الدستور والقانون بصورة علنية.. كما أن إسقاط عضوية أحد نواب كتلة الإخوان «مختار البيه» وإحلال عضو الحزب الوطنى مكانه ودعوته لأداء القسم فورًا، دون النظر إلى بقية الطعون الخاصة بالكبار هو إخلال جسيم وازدواجية فى الممارسة بسبب «استبداد الأغلبية»!
2 - عدم الحياد فى الفصل فى العضوية: فليس معقولاً أن يسند للبرلمان مهمة النظر فى صحة عضوية أعضائه وبطلانها استنادًا إلى تقارير النقض، أو أشياء أخرى، وذلك دون مرجعية أو طرف ثالث محايد.. وهنا فالقضاء له سلطة الفصل طبقا لنظرية الفصل بين السلطات التى تجعل جميع السلطات تعمل بشكل متواز بحيث تؤدى كل سلطة وظيفتها حتى لا تطغى سلطة على أخرى.. وبالتالى فإن القضاء يصبح ملزما على السلطتين التشريعية والتنفيذية.. أما ما يتعلق بالفصل فى عضوية أعضائه استنادًا إلى سلوكيات النائب وتصرفاته المخالفة للدستور فهى حق للبرلمان على أعضائه مشروطا بوحدة المعاملة بين الجميع عند التطبيق وألا يحتاج الأمر إلى جهة أخرى.. فما زلت حتى الآن مندهشا من توقيع عقوبة على النواب سعد عبود، وعلاء عبدالمنعم، أشرف بدر الدين، وعلم الدين السخاوى من جراء استخدامهم لحقهم فى الرقابة فى نفس الوقت أنا مندهش من عدم معاقبة نواب الوطنى الذين وجهوا إلينا الشتائم علنية والتلفظ بألفاظ نابية يعاقب عليها القانون! وهى مفارقة تؤكد عدم حياد المجلس الذى يقع تحت سطوة «الأغلبية المستبدة».
3 - عدم توافر إرادة التطور الديمقراطى لدى الأغلبية، مما يقلل من شأن البرلمان ووزنه لدى الشعب المصرى، ويفقده النموذج الذى يجب أن يحتذى به على المستوى العربى على الأقل.. وهنا نؤكد على أنه ليس معقولا أن من لا يحقق فى نزاع، يعطى لنفسه الحق فى الفصل فيه.. فإذا كانت محكمة النقض هى المختصة بالتحقيق والاطلاع على الأوراق والاستماع إلى الأطراف المعنية فى الطعن الانتخابى، كذلك فإنه منطقى أن يكون رأى النقض واجب النفاذ، واتقاءً لشبهة الانحياز من الأغلبية إذا تعلق التقرير بأحد أفرادها، فتضطر للصمت، بينما إذا تعلق التقرير بأحد أفراد الأقلية كان الجزاء هو الفصل والإسقاط وإعلاء قيمة تقرير النقض.. وقد كان معمولا بمرجعية الحكم القضائى فى الفصل فى العضوية فى دستور 1923، وحتى دستور 1956 حتى جاء من شرع المادة «93» ليثير البلبلة ويكرس مبدأ ديكتاتورية الأغلبية ويجعل الاستبداد منهاجا للحكم ويعوق التطور الديمقراطى.
وهنا يمكن القول: ما الذى يضير المجلس فى أن يتم تنفيذ حكم «تقارير» محكمة النقض أو الإدارية العليا ويخرج «70» عضوا ويأتى الشعب بهم أو غيرهم مرة أخرى ليصير البرلمان قويا فى نظر الشعب؟! والسؤال الآخر: لماذا تم الصمت حتى الآن رغم مرور ما يقرب من أربع سنوات على هذا الفصل التشريعى، على تقارير محكمة النقض دون فحص أو عرض على المجلس ومن المسئول؟! لقد سجل د.سرور رئيس المجلس شهادته فى هذا الصدد وأخلى مسئوليته حين قال ما معناه: إنه أبلغ رئيس اللجنة التشريعية والدستورية بسرعة فحص هذه التقارير، وأنها لم تلتزم!! فمن الذى يصدر الأوامر والتعليمات؟!
- على أية حال: أذكركم بواقعة تاريخية لعلنا نتعلم من الآخرين، فبعد أن أعلن رئيس اللجنة الانتخابية فى أمريكا عام 2000م فوز بوش الابن على آل جور، فوجئ بصدور حكم قضائى يطالب بإعادة الفرز وأن هناك احتمالات بالخطأ، ماذا كان رد فعل رئيس اللجنة، أن قرر على الفور سحب إعلانه وقراره بفوز بوش، وأرجأ إعلان النتيجة حتى تستقر أحكام القضاء وهو الأمر الذى حدث بعد مداولات قضائية امتدت شهرًا، إلى أن جاءت النتيجة مرة أخرى فى صالح بوش بفارق عدة مئات بين الأصوات وأعلن آل جور قبوله بالهزيمة.
من هذه الواقعة نقول إن شبهة العضوية لابد من حسمها فى الأشهر الثلاثة الأولى لعمل البرلمان، وأن على القضاء سرعة الفصل حتى تستقر شرعية البرلمان وأعضائه.
بقلم: النائب د.جمال على زهران - أستاذ العلوم السياسية - جامعة قناة السويس - مستقل
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة