كنت فى عامى الجامعىالثانى بجامعة القاهرة عام 1981، وكنت أمارس نشاطى السياسى ضمن نادى الفكر الناصرى بالجامعة، وقررنا وقتئذ مقاطعة انتخابات اتحاد الطلاب احتجاجا على وجود الحرس الجامعى، وقررنا توزيع منشور سياسى يحرض الطلاب على المقاطعة، وكان دورى توزيع المنشور فى كلية الاعلام التى كانت ضمن الأدوار العليا لكلية الاقتصاد والعلوم السياسية، وفور ان بدأت فى التوزيع الساعة الثانية عشرة بالضبط تم القبض على من طلاب فى الكلية وبمعاونة من رجال أمن بملابس مدنية فانتهى هذا الإجراء إلى مكتب الدكتور عبد الملك عودة عميد كلية الإعلام وقتئذ، أمر الرجل الكل بالانصراف وطلب من عميد أمن الدولة المسئول وكان اسمه عبد المسيح على ما أذكر التمهل فى الدخول، وقال له احتاج مناقشة الطالب فى بعض الأمور وأرجوك اتركه لى قليلا، أبدى عميد أمن الدولة تبرمه بصمت لكنه لبى طلب الدكتور عبد الملك الذى سألنى: «تشرب ايه ياابنى؟، ولما اعتذرت رفض اعتذارى وتطوع هو بطلب ليمون، ثم بدأ حديثه معى بأستاذية جميلة»، وأبوة نبيلة..
قال لى: «يا بنى لا احتاج إلى الاستماع منك عن، لماذا تركت كليتك وجئت إلى هنا لتوزيع المنشورات، كل إنسان له موقفه السياسى وله حرية اختيار طريقة التعبير عنها، وكى أطمئنك أنا معك فى إبداء رأيك، لكن عليك تحمل نتيجته، وبالمناسبة انا اليوم مطمئن لأننى أمام طالب لديه الشجاعة أن يقول لا فى ظل هذه الظروف الصعبة»، شكرت الرجل على هذه الكلمات الطيبة الذى رد عليها بتواضع العلماء: «لا يا ابنى، الأمر لا يحتاج شكرا، المهم أن تعلم اننى أستطيع حمايتك فقط حتى تخرج من باب الجامعة، وسأحضر معك لقاء عميد أمن ولن أسمح له بخروجك معه إلى أى مكتب آخر وهو طلب ذلك لكنى رفضت»، ودخل عبد المسيح ومن أول سؤال لاحظت أن الدكتور عبد الملك عودة يضيق عليه بل تطوع إلى الإجابة عن بعض الأسئلة بدلا منى قائلاً: «الأفضل يا سيادة العميد يتلم الموضوع هو طالب كل اللى عمله انه وزع منشورا»، انتهى التحقيق وسلم على الدكتور عبد الملك مناديا أحد رجال مكتبه: «مع الطالب حتى بوابة الجامعة» وخرجت وفى قلبى ودفتر حياتى اسم عظيم هو الدكتور عبد الملك عودة.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة