لدى الجماهير الأوروبية لوحة كبيرة، بها مشاهد مختلفة.. لاعب سمين يجرى والجماهير تضحك من بدانته، وآخر يلقى قميص فريقه فى وجه مُدربه، وثالث يشرب «الشيشة» ويدخن «السجائر»، ورابع يتشاجر مع المنافسين والحكام فى كل مُباراة.
هذه اللوحة، يحفظ تفاصيلها كل مشجع أوروبى، ويستدعيها بصورة تلقائية حين يسمع أن لاعبًا مصريًا فى طريقه للاحتراف فى ناديه الذى يُحبه ويُشجعه.. ماذا جنينا من الاحتراف الخارجى، وماذا عاد علينا من خروج لاعبينا لأوروبا؟
كل عام، أُمنّى نفسى بأن ينجح أحد لاعبينا فى محو تفاصيل هذه اللوحة، أحلمُ أن يرى العالم كيف نجح أبطال إفريقيا فى غزو الكرة الأوروبية.. وكيف تفوقوا على أبناء قارتهم من الدول الفقيرة المُعدمة التى لم تعرف كرة القدم إلا قبل سنوات.
وحين يبدأ الحلم فى التحول إلى حقيقة، حين نرى علم مصر يُرفرف عاليًا فى ملاعب العالم، نعود من جديد لنقطة الصفر، وينتهى الحُلم بأزمة أو كارثة أو تفاصيل أكثر سوادًا تُضاف لهذه اللوحة.
بعد انتهاء منافسات الموسم الحالى فى كل الدول الأوروبية، ألحَ التساؤل ذاته علىّ لأبحث له عن إجابة؟، رفض المراوغة، ورفض كل الإجابات الشفافة والمطاطة، عاد يتردد بقوة، ماذا جنينا من احتراف لاعبينا فى أوروبا هذا الموسم؟
ولأن هذا الموسم استثنائى فى كل شىء، كانت الإجابة استثنائية أيضًا، قلتُ: كسبنا لاعبًا أبهر العالم كله اسمه «عمرو زكى»، منذ أن انتقل إلى ويجان وكل وسائل الإعلام تتحدث عنه، ولكن كيف كانت النهاية؟.
النهاية، كانت بكارثة من العيار الثقيل، كانت بمقابلة اللاعب بصيحات الاستهجان من جماهير فريقه فى أول مشاركة له عقب عودته من مباراة مصر وزامبيا، وكانت بتصريح شديد القسوة من ستيف بروس مدرب ويجان قال فيه «زكى أسوأ لاعب قابلته فى حياتى».
زكى، قدم أداءً جيدًا، أبهر الجميع، وقدم سلوكيات خاطئة، سخر منها الصغير والكبير، سافر ليلعب فى أقوى دوريات العالم، بعقلية اللاعب المحلى الذى يفتقد أبجديات الاحتراف.
وحتى لا أكون قاسيًا على زكى، فهو لا يتحمل وحده مسئولية تشويه صورة الكرة المصرية فى أوروبا هذا الموسم، فهناك أيضًا «عميد الشغب» المصرى فى أوروبا، الذى دخل فى خلاف مع زميليه فى المنتخبين، وسخر منهما وتلفظ بألفاظ «نابية».
ما يؤكد أننا -مع الأسف أصبحنا عنصرا غير مرغوب فيه فى أوروبا- ما حدث حين رحل حسام غالى من توتنهام، وكيف فرحت الجماهير بخروج اللاعب المصرى من الفريق، وكأن ورمًا أو مرضًا خبيثًا تم استئصاله من بين الفريق.
فاصل أخير
الاستغراق فى تفاصيل هذه اللوحة، قد يتخذ حيزًا أكبر من المساحة المُخصصة لهذا المقال، ولكننى أوجه السؤال الآن إلى لاعبينا المحترفين فى أوروبا، أوجه السؤال إلى طيور مُهاجرة تحمل علم مصر عاليًا.. ماذا قدمتم لتُبيضوا وجه بلدكم أمام العالم؟ ماذا قدمتم لمحو تفاصيل هذه اللوحة المُشوهة؟ وهل فكرتم يومًا من الأيام أنكم سُفراؤنا أمام العالم؟ وأسألهم أيضًا: هل ستصرون على دفن رءوسنا فى الرمال؟ أم ستفكرون ولو لدقائق قليلة أن صورة مصر أهم من صورتكم وسمعتها أهم من سمعتكم؟ لأنكم بدونها لا قيمة لكم، وأسألهم هل هذا احتراف أم احتراق؟!
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة