دعا الدكتور صفوت النحاس رئيس الجهاز المركزى للتنظيم والإدارة إلى تغيير قانون الوظيفة، وتقليل أعداد العاملين بالنظام الإدارى للدولة لأنه تضخم أكثر من الازم، ولم يعد له مثيل فى العالم، موضحاً أن وجود 80 ألف حالة فساد سنوياً من بين 15 مليون حالة تعامل بين الموظفين والمواطنين لا تجعل الفساد ظاهرة.
و أعلن عن إلغاء العقود المؤقتة بجميع قطاعات الدولة ووقف التعيينات لحين الانتهاء من تعيين جميع المؤقتين، وقال إن لدينا أكبر نسبة من الموظفين تتعدى 6 ملايين موظف أغلبهم تم تعيينهم بمنطق شغل الوظائف وليس وفقا للاحتياجات، لدرجة أن الجهاز الإدارى أصبح ملجأ لكل الخريجين حتى المتسربين من التعليم، ومن هنا تأتى مفاهيم مثل البطالة المقنعة. الدولة الآن توقفت عن التعيين نهائيا، ولم تعد تعين جددا إلا طبقا للاحتياج الفعلى.
وتفاصيل أخرى فى حواره التالى لـ«اليوم السابع»:
> بعد زيادة العلاوة بنسبة 10 % لجميع العاملين بالجهاز الإدارى للدولة كيف سيقوم الجهاز بهيكلتها ؟
- الزيادة تتراوح ما بين 12.5 جنيه كحد أدنى و64 جنيها كحد أقصى لوكيل الوزارة مثلا ، والعلاوة الاجتماعية يصدر بها قانون من مجلس الشعب، وبعدها يتم الإعداد لتنفيذها ضمن قواعد التنظيم والإدارة ، وحتى الآن القانون لم يصدر، لكن الجهاز قام بهيكلتها حسب قيمتها لحين الإعلان النهائى عن صرفها.
> متى يشعر الموظف بعدالة التقييم من الجهاز الإدارى؟- لدينا 5.6 مليون موظف، 400 ألف بعقود بإجمالى 6 ملايين موظف، أى بمعدل موظف لكل 13 مواطنا، وهى نسبة عالية جدا لم تصل إليها أى دولة فى العالم، وبالتالى عدالة التقييم تأتى عندما يتم تغيير قانون الوظيفة ويقل عدد شاغرى الوظائف الحكومية فى مصر عن أربعة ملايين موظف.
لأن الجهاز هدفه الرئيسى هو الاستفادة القصوى من حجم العمالة الموجود بشكل صحيح، دون وجود بطالة مقنعة وطبقا للاحتياجات الفعلية للوظائف.
> ألا ترى أن موازنة أجور العاملين بالدولة غير كافية ؟
- موازنة الأجور فى 2004 - 2005 بلغت نحو 42 مليار جنيه والحد الأدنى للأجور 127 جنيها وفى موازنة 2009 - 2010 بلغ إجمالى موازنة الأجور 89 مليار جنيه، وبلغ الحد الأدنى للأجور 312 جنيها بمعنى أن الأجور زادت أكثر من 110 % فى أقل من 5 سنوات وهى نسبة كبيرة جدا.
ومع ذلك الأجور غير مناسبة لمستوى المعيشة، نظرا لارتفاع معدل التضخم فى هذه الفترة، فى حين أن بعض قطاعات القطاع الخاص لا تلتزم بمتوسط الراتب وهو 480 جنيها، ثم إن هناك علاقة عكسية بين الدخل والأمان الوظيفى.
> كيف يقوم الجهاز بتنظيم فصل أو ضم وزارات؟
- الجهاز لا يتخذ قرار الفصل أو الضم لوزارات، وإنما القرار يأتى بعد صدور التشكيل الوزارى، مثلما حدث فى التشكيل الوزارى الأخير الذى ضم وزارة التجارة مع الصناعة فى وزارة واحدة، وقمنا وقتها بتشكيل الهيكل الإدارى للموظفين فى الوزارة، كما سبق أن فصلت هيئة التأمينات عن وزارة التأمينات الاجتماعية، وضمها على وزارة المالية وعملنا هو تنظيم الهيكل الإدارى لكى يستوعب التغييرات الجديدة ، مثلما حدث أيضا مع وزارة الأسرة، التى تكونت من المجلس القومى للأمومة والطفولة وصندوق الإدمان تحت رئاسة واحدة، وهى وزارة دولة ذات تنظيم بسيط ولها كيانها، وكل قطاع تابع لها لديه موازنات مالية منفصلة، ولم يحدث إلى الآن إضافة هيكل إدارى، ولم تطلب الوزيرة مشيرة خطاب، وإذا طلبت، تتم هيكلة الوظائف الجديدة بالإعلان عنها أو الاستعانة بموظفى الجهاز الإدارى للدولة، أو تعيين البعض بعقود مؤقتة وفق شروط.
> ما نوعية القضايا التى تحولونها إلى النيابة الإدارية ؟
- الجهاز يحول كل المخالفات التى تتعلق بإهدار المال العام، أو أى مخالفة فى الوظائف القيادية، أى كل ما يحمل شبهه فساد أو شبهة إهدار للمال العام، هذه هى وظيفة الجهاز الإدارى للدولة، فأى موظف يخطئ يحول إلى النيابة الإدارية، حتى وإن كانت الأخطاء هى تلفيات سيارات حكومية، أو إهدار جركن زيت، فقبل أن تقوم الحكومة بخصم ثمنه، لابد أن تحيله للنيابة الإدارية، وإحصاء القضايا فى العام السابق رصد تحويل 80 ألف قضية مخالفات من بين 15 مليون حالة تعامل بين الموظفين والمواطنين، حفظ منها 30 ألف قضية لعدم الأهمية، وهذا لا يجعل الفساد يشكل ظاهرة.
> ألا ترى أن هذا إهدارا لوقت النيابة الإدارية؟
- بالطبع إهدار، ولكن هذا هو نص القانون وقد اقترحنا على اللجنة التشريعية بمجلس الشعب تعديل قانون العمل رقم 48 لسنة 78 أو إصدار قانون جديد للوظيفة العامة، طالبين أن تحول للنيابة الإدارية المخالفات التى تقع خارج اختصاصات السلطة المختصة بالأمر المباشر، أى يعطى القانون الحق لكل وزير أو محافظ فى إصدار أمر شراء بالأمر المباشر حتى 100 ألف جنيه، وبالتالى نطالب لو المخالفة زادت عن ذلك تحول إلى النيابة، وإذا قلت يحقق النظام الإدارى فى الموضوع دون تحويله للنيابة الإدارية، وهذا بالطبع سيقلل من العبء الملقى على الرقابة الإدارية ، وللعلم حدث إبراء ذمة فى 7 آلاف قضية والباقى تم الفصل فيهم بالجزاءات والعقوبات، وهناك قضايا مؤجلة لم يفصل فيها.
> من وجهة نظرك ما أشد القطاعات بالدولة إفرازا للفساد ؟
معظم المشاكل تأتى من مقدمى الخدمات بالوزارات، والتى يتم فيها حدوث صلة مباشرة بين الجمهور ومقدمى الخدمة، مثل وزارات، الإسكان والزراعة والكهرباء، ولدينا بالجهاز 766 خدمة، البعض يتم فيها بشكل يدوى والآخر بشكل إلكترونى وهى ممنوحة للجمهور على موقع الجهاز ويتم من خلالها تحديد الأوراق اللازمة لكل خدمة، قبل التعامل مع الموظف بشكل مباشر.
أما قضايا الفساد الكبرى فلا تتجاوز 100 قضية سنويا، وكلها قضايا رشوة وتربح تساعدنا فيها أجهزة أخرى تعمل معنا، مثل الرقابة الإدارية، والأموال العامة، ومعظمها تأتى من الإجراءات الخطأ فى التوريدات والممارسات والمناقصات، ونحن نصدر بعض التوصيات بتغيير أمناء المخازن كل ثلاث سنوات ومراقبة العطاءت ومتابعة جميع التعاقدات الحكومية، والثابت أن مؤشرات الفساد ليست كثيرة لأن هذه العمليات فى السنة تتعدى 10 آلاف عملية، فى حين الفساد لا يتعدى 100 عملية فهذه طبعا بسيطة.
> كيف يمكن تطوير الخدمة التى يحصل عليها المواطن ؟
- نقوم بتدريب الموظفين كل عام على تقديم الخدمة للجمهور، مثلما حدث العام الماضى فى دورات مجمعة بالإسكان فى الجهاز المركزى للتنظيم والإدارة وفى المحليات على تقديم الخدمة، وعند نقص الموارد نحاول تدريبهم بشكل مستمر، وكلما تتوفر موارد نعمل بها، وسبق أن تقدمنا بمشروع قانون جديد للوظيفة العامة أهم ملامحه تغيير أسلوب التقييم، ومحو الجزاءات وتفعيل دور الرقابة الإدارية ووضع معايير جديدة للوظائف القيادية، ووضع معايير للترقيات لإجراء تعديلات على القانون الحالى، ولم يناقش حتى الآن فى البرلمان.
> وهل هناك معايير لاختبارات القيادات الجديدة ؟
- المعايير الحالية تستند على أساسين، الأول يتعلق بجودة التقييم الوظيفى السابق ووجود خطة لتطوير الوظيفة المرشح لها، وبالنسبة للأساس الأول للأسف لدينا نظام سيئ لمحو الجزاءات بعد فترة وحذفها نهائيا من السجل الوظيفى، مما ينتج عنه محو كل الجزاءات عن الموظفين، مما جعل كل سجلات الموظفين ناصعة البياض.
وفى القانون الجديد طالبنا الاستناد على التطوير والمشاركة الفعالة فى تطوير العمل عن طريق تقديم البحوث والاشتراك فى المؤتمرات والعمل فى المنظمات الإقليمية وإجادة الحاسب ووجود بعض المواصفات الشخصية، التى لو التزمنا بها ستكون هناك فرصة لتغيير القيادات.
> لماذا نعانى من عدم جودة العنصر البشرى فى الوظائف ؟
- لأننا نشغل الوظائف طبقا لاحتياجنا فقط لشغل الوظيفة والجهاز الإدارى كان ملجأ لكل الخريجين، حتى المتسربون من التعليم كان لهم مكان فى الوظائف داخل الجهاز الإدارى، لم يكن الهدف من الوظيفة الاحتياج الفعلى بقدر ما هو إتاحة فرصة عمل للخريج، وإن كان غير كفء داخل سوق العمل، ومن هنا تأتى مفاهيم مثل البطالة المقنعة، الدولة الآن توقفت عن التعيين نهائيا، ولم تعد تعين جددا إلا طبقا للاحتياج الفعلى.
كما تقرر العام الحالى التوقف نهائيا عن سياسة العقود المؤقتة والتعيينات الدائمة متوقفة، والعام الماضى تناقص حجم العمالة بالنظام الإدارى بعدد 3452 فردا.
> من أين هذا الفارق ؟
- هذا الفرق جاء من طرح عدد الداخلين والخارجين من النظام الوظيفى للدولة، فعدد الخارجين على المعاش 55 ألفا، فى حين أن عدد الداخلين أقل من ذلك بـ 3452.
> كيف يدخل فى العام أكثر من 40 ألف موظف، ونحن نعانى من تخمة فى الجهاز الإدارى ؟
- لأن هناك تخصصات وكليات حتمية التعيينات، مثل طب الأسنان والعلاج الطبيعى والممرضات والصيدلة، وهولاء يتم تعيينهم بأمر تكليف.
قال إن الجهاز الإدارى كان ملجأ لغير الأكفاء والمتسربين من التعليم
د. صفوت النحاس: كشفنا 100 ملف فساد و80 ألف قضية إهدار مال عام فى سنة واحدة
الخميس، 28 مايو 2009 08:06 م
صفوت النحاس تصوير - أحمد إسماعيل
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة