المظلوم له الله و القاضى العادل يحبه الله و الحقيقة المطلقة يعلمها الله وحده. هذا هو أجمل ما سمعت وقرأت تعليقا على قرار المحكمة إحالة أوراق هشام طلعت مصطفى ومحسن السكرى إلى المفتى.
وجدنا أنفسنا فى الشارع وبين الأصدقاء وفى الفضائيات وعلى المواقع الإلكترونية، وسط وابل من التعليقات المتباينة فى تعقلها واستفزازها وعمق إيمانها وظلمها وانحيازها وحيادها وطيبتها وحقدها.
أفهم أن ما نعانيه يومياً من شعور بالظلم فى أبسط حقوقنا الآدمية قد يقلل أحياناً من سماحتنا، ولكننى لا أفهم أن يجعلنا أكثر ظلماً مما نعانى منه.. أفهم أن نكون ناقمين على الجهل و الجوع والمرض عندما يجتمعون، ولكننى لا أفهم أن نتمنى الموت لكل مَن شاء الله ألا يعانى من هذا الثلاثى الحزين، وللأسف قد تمنى البعض نفس الحكم لكل كبار رجال الأعمال. أفهم أن نشعر بالأسى لضحايا العبارة وقطار الصعيد وضحايا الإهمال فى مستشفيات الحكومة، ولا أفهم أن نخلط الأوراق ونقول إن هذا الحكم انتقام إلهى لهم، فبأى منطق وأى عدل نضع كل المخطئين فى سلة واحدة، وكل الضحايا فى سلة أخرى؟
هل سيحمِّل الله ذنب ضحايا العبارة لطبيب أهمل فى مستشفى أو يحمِّل وزرَ مقتل سوزان تميم أو غيرها لعامل أو موظف سكة حديد أهمل فى عمله؟ لا يحكُم عَز وجل علينا بهذا الظلم ولكن بعضنا يظلم نفسه بظلم الآخرين. أفهم أن نرى الحُكم عادلاً إذا استقر فى قلب وعقل القضاة أن المتهَمَين مدانان، ولكننى حاولت دون جدوى أن أفهم بعض التوقعات الاستباقية الزاعمة بأن هذه المسرحية سيكون النقض فصلَها الأخير ليُنهيها بمشهد تخفيف العقوبة على هشام أو براءته. هل هذا ابتزاز للمحكمة أم ثقة مشروطة..
إما الإعدام أو عدم نزاهة القضاء؟! ماذا نعلم نحن لنحكم؟ و ما الفرق بين أى منا والقاضى إذا كان بإمكاننا الحكم بالعدل؟ والحب الأعمى كالكراهية، وإن كان أقل قسوة.. أفهم أن يرى الكثيرون فى هشام طلعت مصطفى الرجل الخيّر المحبوب الذى يساعد مَن حوله، ولكن من الصعب فهم من يقول إن قرار المحكمة ظالم لأن هذا الخَيِّر لا يمكن أن يكون مُجرما، فأكثرنا صلاةً وزكاةً ليس معصوماً، وقد نرى شيطاناً فى وجه شخص ما، و نرى ملاكاً فى وجه آخر ولكنّ المولى وحده يعلم ما فى النفوس.
ما فهمته يقيناً أن ما لدينا من عدل بشرى محدود يجعلنا نترك الحكم على الإنسان لخالقه، و إلصاق التهم و الفواحش به لقاضيه، أما نحن فلننظر إلى مأساة وإذلال كل مَن يقف فى قفص الاتهام ونذكر به أنفسنا قبل أن نذكر به الآخرين، عندئذ سيكون سهلاً علينا أن نرفع أعيننا إلى السماء لنسأل الصبر والسلوان لأهل كل مُدان.. غنى أو فقير.. خيِّر أو بخيل.. ظالم أو مظلوم.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة