فى وزارة الأوقاف كل الطرق يمكنك البداية منها للحديث بالوثائق والمستندات الرسمية عن إهدار متعمد، واختلاس بلا ضمير وصراع شرس على أموال وهبها أصحابها لله، وحملوا أمانتها للدولة ممثلة فى وزارة الأوقاف التى يعشش الفساد فيها منذ قرون، وتعتاد جدرانها على الصراعات حول ما بها من مال وأراض منذ عصر المماليك، لدرجة أن الصراع على أموال وزارة الأوقاف كان سببا فى مقتل الشيخ الذهبى وزيرها فى حقبة الرئيس السادات، حينما قرر أن ينهى الصراع على مال يعلم جيدا أنه لا يجوز عليه أى صراع.
هل تحب أن نبدأ الحديث عن وزارة الأوقاف من الطريق الذى تم فيه ضبط مدير إدارة المشروعات متلبسا بالحصول على رشوة، لإرساء إحدى المناقصات الخاصة بمسجد من مساجد الإسكندرية؟
أم بالفضيحة الأكبر لسبعة من مسئولى الوزارة، تم القبض عليهم متلبسين بالحصول على رشوة من أجل تسهيل نجاح العشرات المتقدمين لمسابقة اختيار دعاة، مهمتهم الوقوف على المنبر ووعظ الناس؟
أم نبدأ من عند آلاف القضايا التى تتكدس فى المحاكم ونسأل عن أموال الأوقاف التى قدرها البعض بالمليارات، وقال خبراء الاقتصاد إن حسن إدارتها يغنى ملايين الفقراء عن ذل السؤال ومعاناة الحاجة، أم هل أكتفى بأن أخبرك بأن تقرير الجهاز المركزى للمحاسبات للعام 2008 أكد وجود مخالفات مالية واختلاسات داخل وزارة الأوقاف بمقدار 50 مليون جنيه، وما خفى كان أكبر وأضخم؟! عموما هذه قضايا صغيرة إذا قارنتها بالصراع الأكبر على مال الله فى وزارة الأوقاف، وهو صراع دائر بين العاملين فى المساجد، والعاملين فى الوزارة والتنظيمات الإسلامية التابعة للقاعدة فكرا أو تنظيما بالإضافة إلى الجمعيات الشرعية، هذه الأطراف المتنافرة عاشت حالة صراع شرس على أموال النذور وتبرعات المساجد، حسمت الوزارة الجزء الأكبر منه بالقانون، ولكنها لم تقض عليه تماما، خاصة وأن حجم أموال النذور يتعدى أكثر من 10 ملايين جنيه فى السنة الواحدة، وكانت بالنسبة للعاملين فى المساجد فرخة تبيض ذهبا، إذا وضعنا فى الاعتبار أن خليفة المسجد أو حامل مفتاح الضريح، يحصل على نصف مليون جنيه سنويا وأكثر طبقا لتقارير وزارة الأوقاف، التى دخلت فى صراع شرس من أجل تخصيص نسبة لا تتعدى %10 لهؤلاء العاملين الذين قدرهم الشيخ حسين خضر بمائة فرد على الأكثر، بعد أن كانت نسبتهم أكثر من %25.
دون أن يخبرنا أحد عن حق الفقراء أو المستقر الأخير لهذه الأموال التى خرجت من جيوب أصحابها بنية الصدقة.
وفى إطار الصراع على كعكة النذور وتبرعات المساجد دخلت التنظيمات الإسلامية على الخط وسط اتهامات مؤكدة حول حصول هذه التنظيمات على الأموال اللازمة لها من تبرعات المساجد، وهو الشىء الذى أكدته لجنة الشئون الدينية فى مجلس الشعب فى العام الماضى، حينما وافقت على مشروع قانون لمراقبة صناديق التبرعات بجميع المساجد الأهلية.
الجمعية الشرعية لم تنه صراعها مع الوزارة على أموال النذور والتبرعات وهى فى حالة خسارة، وهو ما أكده محمد مختار المهدى الرئيس العام للجمعيات الشرعية فى مصر، حينما قال: (عندما أرادت الوزارة السيطرة على مساجد الجمعية، تم اتفاق بيننا وبينهم على أن تخضع منابر هذه المساجد للوزارة، بينما ما يتعلق ببقية منشآت هذه الجمعيات فليس للوزارة شأن بها، وأن تنشئ الوزارة صندوقا للتبرعات فلتنشئ كما تشاء، فلنا صناديقنا ولهم صناديقهم، وأعتقد أن المجتمع لن يثق فى صناديق الحكومة).
هكذا انتهى الصراع على أموال النذور، ولكن الصراع على أموال وزارة الأوقاف لم ينته فمازال المحامى نجيب جبرائيل وبعض الأقباط يؤكدون على أن بعض الأوقاف التابعة للوزارة من أراض ومال هى ملك لأسر مسيحية ولابد من استردادها، ولا يقتصر هذا على الأقباط فقط، فهناك بعض العائلات المسلمة التى دخلت فى صراع قضائى مع وزارة الأوقاف لاسترداد وقف خاص بالعائلة، دون الشعور بأنهم يستردون ودائع تنازل عنها أجدادهم للسماء، رغبة فى لقاء أفضل معها.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة