◄قضية التكفير والهجرة الأخيرة عبارة عن خمس ورقات فقط والمتهمون 14 وليس 25 كما جاء فى تسريبات للصحف
«تنظيمات تحت الطلب فى المناسبات»، هذا أقرب وصف لما تعلنه الأجهزة الأمنية من وقت لآخر عما تقول إنه تنظيمات إرهابية أو متطرفة، آخر هذه الوقائع الإعلان قبل أيام من إلقاء القبض على 25 شخصا ضمن تنظيم «التكفير والهجرة»، وبعد أيام فقط كشفت المصادر أن القضية لم ولن تحال إلى المحكمة و ستظل تحمل رقم 488 حصر أمن دولة.
لكن لماذا تم الإعلان عنها الآن، هذا ما كشفه بعض المقربين من التحقيقات، من أنها جاءت بمناسبة زيارة الرئيس الأمريكى باراك أوباما وخطابه من جامعة القاهرة، ومطالبته العالم الإسلامى بمحاربة المتطرفين.. التنظيم المتطرف تم القبض عليه منذ ثلاثة أشهر، وعدد المتهمين فيه 14 وليس 25 كما ورد فى الصحف، والقضية لا تحمل أدلة حسبما قال أحد محامى المتهمين فيها، كما أن أوراق القضية لا تزيد على «خمس ورقات فلوسكاب».
ليست هذه القضية الأولى التى تظهر بمناسبة حدث سياسى داخلى أو إقليمى، قضية الخلية التابعة لتنظيم القاعدة التى انتهت التحقيقات فيها ولم تُحَل بعد إلى المحكمة تم الإعلان عنها فور انتهاء حرب غزة وبدء الحوار الفلسطينى ومع بداية الانتخابات اللبنانية، كذلك فى أبريل 2006 تم الإعلان عن ضبط تنظيم إرهابى «الطائفة المنصورة»، عشية تلميح الرئيس مبارك تمديد العمل بقانون الطوارئ أو إصدار قانون مكافحة الإرهاب، أما تنظيم الأحباش اللبنانى الذى يضم لبنانيين وكازخستانى ومصريين، فكان فى يوليو 2007 وكان ذلك فى وقت دعت فيه المعارضة المصرية لعصيان مدنى.
كذلك قبل أسبوعين تم الإعلان عن القبض على بعض المتهمين لهم علاقة بتفجير الحسين، وربطت لأول مرة أجهزة الأمن بين هذه المجموعة وتنظيم القاعدة، بعد أيام كشفت التحقيقات أن المتهمين ومنهم أوروبيون وعرب ليس لهم علاقة بالحادث، حتى أنه تم الربط بين الحادث و«جيش الإسلام الفلسطينى» وألقت الأجهزة التهمة على المتهمين الهاربين، خالد محمود مصطفى وأحمد محمد صديق أبناء بنى سويف اللذين اتهمتهما أجهزة الأمن بقيادة خلية لتنظيم القاعدة فى مصر، وحتى الآن لم تُحَل القضية إلى محكمة الجنايات شأنها شأن غيرها الكثير من القضايا.
أما فى نوفمبر 2008 فتم الإعلان عن تنظيم به 50 شخصا منهم ضابط، وبعد أسابيع تم الإفراج عنهم دونما اتهامات كافية لإحالتهم للقضاء، وتزامن هذا مع محاولات شعبية لتسيير قوافل فك الحصار عن غزة.
وتكرر الأمر مع قضية «جند الله»، وغيرها من التنظيمات الوهمية التى تظهر فجأة وتختفى دون أن يعرف أحد مصيرها، وهو ما يضع علامات استفهام كثيرة كما يقول منتصر الزيات المحامى الذى شارك فى أغلب هذه القضايا مدافعا عن أصحابها، الزيات عبر عن تخوفه من أن يكون التعامل مع هذا الأمر على أنه نوع من البيزنس لبعض القيادات، وكشف «إنتاج» للضباط وإثبات أنهم يعملون، وتبقى الميزانية المالية لمثل هذه المواجهات مفتوحة. كما لا يستبعد الزيات أن تكون الحاجة لاستمرار قانون الطوارئ أو إظهار أن هناك قلاقل أمنية دائمة، ويدلل على رأيه بتسمية هذا النوع من القضايا «بقضايا الدولاب» نظرا لأن مصيرها الحفظ الإدارى.
اللواء فؤاد علام، نائب مدير أمن الدولة السابق، يرفض هذه الرؤية ويعتبرها تتنافى مع عدد الوقائع التى حدثت، ويؤكد أن هناك مجموعات متناثرة لها أفكار مختلفة لكنها لا ترتبط بأى حال مع التنظيمات القديمة، معتبرا أن من يتهم الأمن بتسييس مثل هذه القضايا يضر بمصلحة الوطن، وتفسيره لحفظ هذه القضايا أو الإفراج عن أصحابها يعود إلى الحوار والإقناع الذى يتم من الأجهزة مع هؤلاء الشباب وليس لعدم كفاية أو قصور الأدلة كما يقول البعض.
ضياء رشوان، رئيس برنامج الحركات الإسلامية بمركز الأهرام، يؤكد أنه لا توجد فى مصر تنظيمات بهذا العدد المعلن عنه، ويعتبر أن هناك خطأ مشتركا بين أجهزة الإعلام والأمن سواء فى التوصيف أو الإعلان عن تنظيمات ليس لها وجود حقيقى، حتى أنه يعتبر ما يحدث يروج لمغالطات نتيجة تسريبات أمنية فى توقيتات سياسية يتحكم فيها الأمن يما يخالف القانون، مما يفقد الأمن والإعلام مصداقيتهما لدى الجمهور بل يولد حالة من الخوف الدائم لديهم، وبالتالى ينتج عنه خلل أمنى يتعامل معه المواطن على أنه أصبح شيئا عاديا أن يحدث تفجير هنا أو هناك، وأن هناك «قاعدة فى مصر» طالما كل يومين يخرج الإعلام ويعلن عن جماعات إرهابيية.
منتصر الزيات يصدق على هذا ويؤكد أنه منذ 2000 وحتى الآن لم تتم إحالة قضية واحدة للمحاكمة غير القضايا التى بها وقائع مثل تفجيرات الأزهر أو طابا أو شرم الشيخ، أما ما عدا هذا فجميعها تم حفظها، فهذه القضايا، التى يصفها بالوهمية، تجهض مواجهات لأصحاب القضايا الحقيقية، كما أن هذا الكم من التنظيمات الهلامية لم يمنع حدوث وقائع حقيقية. لكن حالة الفراغ التى حدثت بعد مراجعات التنظيمات الكبرى وتغييبهم عن المجتمع والإعلام والتوعية، وتقييد حركتهم، أعطت الفرصة لشخصيات تقود مجموعات غير مرصودة تتخذ من أبحاث وكتب قديمة أفكارها للتطرف والتشدد، مما يتطلب إعطاء أصحاب المراجعات فرصة للتوعية كأحد ضمانات عدم ظهور التنظيمات العشوائية.
لمعلوماتك...
◄1977 ظهرت جماعة التكفير والهجرة وهى جماعة سياسية مصرية المنشأ تتبنى الإسلام السياسي، إنبثقت في أواخر الستينيات وإنتشرت في العديد من الدول وبرز اسم الجماعة بصورة ملفتة للنظر بقيادة شكرى مصطفى المنشق عن الإخوان المسلمين
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة