يعد عاموس عوز، وديفيد جروسمان من أبرز الكتاب المؤثرين فى القارئ الإسرائيلى، وتضم هذه القائمة: «سامى ميخائيل».. وهو أديب ومراسل صحفى لعب دورا محوريا فى كشف حقائق ودقائق المجتمع العراقى لكل من طلبها داخل إسرائيل، وله زيارات لأماكن غير تقليدية داخل مصر، ولد «سامى ميخائيل» فى بغداد 1926، وانتمى للحزب الشيوعى العراقى فى سن مبكرة، وهرب إلى إيران عام 1948 بسبب نشاطه فى الحركة السرية للحزب الشيوعى العراقى، وفى عام 1949 هاجر إلى إسرائيل والتحق بجامعة حيفا بقسم علم النفس والأدب العربى، ويجيد العربية إجادة تامة لأنها ببساطة لغته الأم التى مارس بها التعبير والإبداع لسنوات طويلة، لذا فإنه عندما وصل لإسرائيل نشر عددا من القصص باللغة العربية تحت اسم مستعار(سمير مارد)، بل واجه كثيرا من الصعوبات عندما تحول للكتابة بالعبرية.
ومن النماذج على كتاباته التى تتسم بالميدانية والبعد عن رصد الظواهر التقليدية مقال له بعنوان «إمبابة» نشرته صحيفة معاريف وتحدث فيها عن: رحلة قام بها فى شهر رمضان مع يهودى ويهودية إلى سوق الجمال فى إمبابة، لم يكف فيها عن التذكير بالتطرف الإسلامى، والتشدد الدينى، والفقر المدقع، مع التأكيد على أنه خبير فى العرب وعاش طويلا بين المسلمين، وأن الأوضاع لا تزال خطيرة أمنيا فى القاهرة على الإسرائيليين.
وصدر له هذا العام رواية تحمل اسم «عايدة» دخلت بسرعة ضمن قائمة الأعلى مبيعا فى إسرائيل، و«سامى ميخائيل» على كل حال يعد من بين أكثر مائة شخصية مؤثرة فى إسرائيل وفقا لاستطلاع يديعوت أحرونوت.
أما الكاتب الثانى فى قائمة المؤثرين فى إسرائيل فهو«عاموس عوز«: وولد عوز فى القدس عام 1939 ويعد من أشهر الأدباء الإسرائيليين الذين تميزوا بمكانتهم الأدبية على خريطة الأدب العبرى المعاصر، فاتخذ له موقعا مميزا بين الأدباء الإسرائيليين، حيث جمع بين مجالى الأدب والفكر السياسى معا، وصارت له اتجاهاته الأدبية والسياسية الخاصة، و«عوز» ينتمى لأسرة من الأدباء وشارك بدور فاعل فى تأسيس «حركة السلام الآن» وشارك فى فعالياتها، وناصر مواقف اليسار الإسرائيلى بقوة، ومن أعماله الأدبية: «بلاد ابن آوى» عام (1965) و«حتى الموت» عام (1971) و«البدو الرحل والأفعى» (1977) و«صندوق أسود« (1987) و«امرأة من كبريت» (1988) و«الحالة الثالثة» (1993) و«نفس البحر» (1998) و«قصة حول الحب والظلام» (2002) ومن كتاباته السياسية: «هنا وهناك فى أرض إسرائيل» (1982) ومن منحدرات جبل لبنان عام (1987) و«كل الآمال خواطر حول الهوية الإسرائيلية» (1998) و«حربان تدوران هنا» (2002)، وحصل عوز على جائزة (أمير استورياس) للآداب، لعام 2007، وهى جائزة شهيرة ترعاها العائلة المالكة الإسبانية، وتسلم الجائزة بحضور الملك الإسبانى خوان كارلوس، ونالها بعد أن ارتأت هيئة التحكيم أنه «يعتبر أحد دعاة السلام بين الشعوب».
أما الكاتب الثالث فهو «افراهام يعقوب يهوشواع»، وولد فى القدس عام 1937 وهو من أصل مغربى حيث كان جده لأمه من أسرة ثرية حتى هاجر عام 1930 لفلسطين وكان والد الكاتب عضوا فى كيبوتس وله اجتهادات أدبية أما الكاتب نفسه فهو يعد من رموز الأدب العبرى المعاصر ومن أعماله: فى مواجهة الغابات صدرت عام 1968 ورواية العاشق (عام 1977) وطلاق متأخر 1982 ومولخو (1987) ورحلة إلى نهاية الألفية (1997) وعروس محررة (2001)، وله مقالات جمعها فى 4 كتب، وترجمت أعماله خاصة «العاشق» إلى لغات عديدة ومنها العربية، وتحول عدد من أعماله إلى أفلام سينمائية مثل ثلاثة أيام وطفل.
ومن الكتب الأكثر مبيعا رغم أن مؤلفه من المنتمين لفلسطينيى 48، كتاب «عرب راقصون» لـ«سيد قشوع»، وهو ممن يكتبون بالعبرية فقط، وقشوع يقدم نفسه كأديب إسرائيلى فقط وتزوج من يهودية، وهو من مواليد بلدة الطيرة داخل أراضى الـ48 ويعمل صحفيا فى جريدة «هاآرتس» الإسرائيلية التى يكتب فيها عمودا صحفيا أسبوعيا، مما يوضح أن قشوع البالغ من العمر 33 سنة- اندمج فى المجتمع الإسرائيلى منذ صباه، وأن العبرية كانت هى الوسيلة الوحيدة التى تلقى بها معارفه، وكان لهذه الخلفية دورها فى إتقانه للغة العبرية، ولكن على حساب اللغة العربية التى لم يعد يتقنها بل يعجز عن قراءة نتاجها الأدبى إلا مترجما إلى اللغة العبرية. وتتكون مجموعة «عرب راقصون» القصصية التى حققت أرقاما توزيعية قياسية من خمسة فصول رئيسة، تضم فى كل منها عدة قصص قصيرة، يقدم الراوى من خلالها سيرة ذاتية لعائلة فلسطينية تقيم فى داخل إسرائيل، ترصد المجموعة القصصية التحولات الفكرية التى مرت على بطله الروائى وتحطم آماله فى الاندماج فى المجتمع الإسرائيلى.
الكاتب دافيد جروسمان يسارى التوجه وهو من مواليد القدس عام 1954، ودرس الفلسفة والمسرح، ورشحته دوائر إسرائيلية للحصول على جائزة نوبل للآداب، ومن أهم أعماله «ابتسامة الجدى» و«الزمن الأصفر»، وزار القاهرة فى التسعينات من القرن الماضى، وله علاقات جيدة مع مثقفين مصريين كان أبرزهم الروائى الراحل نجيب محفوظ، والكاتب المسرحى على سالم، بالإضافة إلى ستة من الأكاديميين يعملون فى حقل الدراسات العبرية فى جامعة عين شمس، وأثناء زيارته إلى القاهرة كان جروسمان يفضل التجول فى شوارع القاهرة، خاصة فى الأحياء الشعبية خاصة الحسين والمعبد اليهودى فى منطقة وسط البلد، ومعبد ابن عزرا فى مصر القديمة، وعرف عن إمبابة الكثير من صديقه سامى ميخائيل الذى زارها وشاهد سوق الجمال فيها، وكان جروسمان يفضل الجلوس على المقاهى فى هذه الأحياء، ويسجل ملاحظاته عما رآه فى مدونة خاصة به ويناقشها مع أصدقائه المصريين.
تواجه أعمال جروسمان الأدبية انتقادات من المتشددين الإسرائيليين رغم انه ليس غزير الإنتاج، وتتركز أعماله فى مجال القصة القصيرة، وليس له باع فى كتابة المقالات والرواية، وهو ضيف دائم على شاشة التليفزيون الإسرئيلى، ويحقق أعلى نسبة مشاهدة بين كل الضيوف الإسرائيليين على شاشة التليفزيون.
يسير جروسمان على برنامج حركة «السلام الآن» التى لا تهتم بالاقتصاد أوالأيديولوجية، وإنما يقبل بالتسوية مع الفلسطينيين من زاوية أنها تحقق المصلحة للشعب الإسرائيلى، ويتخذ موقفه هذا ليس من زاوية التعاطف مع الشعب الفلسطينى ولكن يرى أن طريق التشدد من إسرائيل سيؤدى إلى كارثة للإسرائيليين.
ويشترك جروسمان مع «عاموس عوز» فى الدعوة إلى الاندماج بين شعوب المنطقة، ويستخدمان فى موقفهما من قضايا القدس وعودة اللاجئين الفلسطينيين إلى أراضى 1948، وامتلاك إسرائيل للبرنامج النووى تعبيرات مطاطة للتغطية على موقفهما الحقيقى برفض التخلى عن البرنامج النووى وعودة اللاجئين والقدس الشرقية إلى الفلسطينيين، هما يفضلان اللقاء فى موسيقى الشرق، والتطبيع من خلال معارض ثقافية.
وفى المظاهرات التى كان يقوم بها أنصار السلام فى إسرائيل لم يكن جروسمان وعوز يرفعان العلم الفلسطينى مثلا كعنوان على أن هناك حقا فلسطينيا، وبعد بدء حكومة إسحاق رابين التفاوض الرسمى مع الفلسطينى تخليا عن هذا التشدد، وأصبحا على يسار الحكومة ورفعا العلم الفلسطينى فى المظاهرات.
د. أحمد فؤاد
متخصص فى الشئون الإسرائيلية
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة