شعرت بسعادة بالغة عندما سمعت وتفرجت على الدكتور أحمد نظيف رئيس الوزراء الأسبوع الماضى، وهو يطلق تصريحاته المتفائلة، أو يزف لنا نبأ الخروج من الأزمة العالمية، وارتفاع الصادرات وانخفاض التضخم.
وهى أخبار لو صدقت تجعلنا متربعين فى مصاف الدول الكبرى، ونسبقها، ونتركها تتعثر فى خيبتها المالية. ولا أعرف لماذا خجل الدكتور نظيف من القول، إننا تفوقنا على دول مثل أمريكا وبريطانيا وألمانيا، لاتزال تغرق لشوشتها فى الأزمة العالمية، بينما نحن نركب عجلا ونتفسح وننام على شاطىء الحلم، بعيدا عن الحر والعرق والزحام والعشوائيات.
رئيس الوزراء بدا منتشيا وهو يتحدث عن هزيمة الأزمة المالية العالمية بالضربة القاضية الحكومية فى مصر. وهو ما يجعل فى إمكان مصر لو سارت بهذا المعدل، أن تدخل قائمة الدول الأكثر قفزا على حبال الأزمات العالمية، بعد نجاحها فى الخروج من رقبة القزازة «وكل خد عليه خوخة».
قررت أن أزف هذه البشرى لشعبنا المصرى، لعله يتعظ ويعرف نوعية الحكومة التى تحكمه «احمد ربك ياشعب انت وهو على النعمة اللى أعطاها لك ربنا». فالعالم كله غارق حتى شوشته فى الأزمة العالمية، بينما نحن عبرناها وودعناها إلى غير رجعة، ومن دون بلل. وقررت بناء على هذه المعطيات، أن أنظر لنصف الكوب الملآن، بدلا من طول النظر فى النصف الفارغ مثل أنصار التشاؤم.
طفقت فى إعادة تأمل الحالة الاقتصادية والسياسية بعيون العاشقين ،وعيون الدكتور أحمد، فاكتشفت فيما يرى النائم، أن مصر تحظى بموقع جغرافى مهم، وجوها جميل باستثناء ارتفاع الحرارة والرطوبة صيفا، وازدياد التلوث وانخفاض أعداد السائحين بسبب الأزمة العالمية وأنفلونزا الطيور والخنازير. ومع الجو الساحرالجميل يمكننا أن نستفيد من جذب سياحة سقوط العمارات على رؤوس من فيها، وهى صناعة لو استغلتها الحكومة لجلبت دخلا كبيرا، وكل ماعلينا أن نحدد العمارات المتوقع سقوطها، بناء على تقارير الإدارات الهندسية، ونضعها بمواعيد السقوط على خريطة السياحة المحلية والعالمية، يأتى السياح ليشاهدوا سقوط العمارات على رؤوس ساكنيها فيستمتعوا، مثلما كان يحدث فى المصارعة الرومانية أيام سبارتاكوس. وبهذا نعوض الانخفاض فى دخل السياحة. واكتشفت أيضا أننا والحمد لله، نحظى بنسبة معتبرة من العاطلين تدخلنا موسوعة جينيس. ولا يمكن لثلاثة ملايين عاطل، أن يفسدوا فرحتنا بالخروج من رقبة القزازة العالمية.
نظرت حولى فى سرور، ورأيت كيف قفزت مصر من الأعالى، وتخطت كل المشكلات باستثناءات بسيطة، مثل شوية عاطلين، أو هجوم أنفلونزا الطيور التى دمرت الثروة الداجنة، وخربت بيوت آلاف المواطنين، أو أنفلونزا الخنازير البرازيلى، و الطاعون الليبى، والقمح الروسى، وما يستجد من سالامونيلا، وحمى قلاعية. وهى أشياء لايجب أن تفت فى عضدنا، أو تقلل من فرحنا بالانتصار على إيطاليا، حتى لو هزمتنا أمريكا.. طالما فى إمكاننا الصعود إلى الدور الستاشر فى دورة الدول الأكثر استهلاكا للقمح الفاسد، ودور الثلاثة فى أنفلونزا الطيور. ألم أقل لكم إن نصف الكوب ملآن، بفضل حكومة الدكتور نظيف بعد نجاح بيع عمر أفندى، وإغلاق أبوابه لحكمة تراها وزارة الاستثمار، لأنه لايعقل بعد كل هذا العمر، أن يظل عمر أفندى برتبة أفندى، وقررت الحكومة منحه رتبة بك، واخراجه على المعاش. ولم يعد ينقصنا سوى أن نحصل على صكوك الدكتور محيى، لنسافر بها إلى منابع أنفلونزا الخنازير فى البرازيل. أو الحمى القلاعية فى السودان.
هذه هى دلائل التفاؤل التى يجب أن تتلبسنا وتقتلنا فرحا ومرضا. بعد العبور من الأزمة العالمية، ورفع الصادرات وخفض التضخم، وزيادة الدخل العام، حتى لو ازداد الفقراء أو اتسعت العشوائيات وارتفعت الأسعار وانخفضت قيمة المواطن. طالما عبرنا من رقبة القزازة. حتى ولو إلى داخلها وليس إلى الخارج. فكل هذا له حكمة، وهى أن نرى نصف الكوب الملآن.. فنغرق فيه.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة