لا نحن فى أول السنة الجديدة، ولا باراك أوباما بابا نويل حتى ننتظر منه أن يفتح كيس هداياه الأحمر ويلقى فى حضن الإخوان المسلمين الأمان من بطش البوليس، أو يمنح أيمن نور خريطة الطريق إلى قصر القبة، أو يعطى لأهل اليسار المصرى حق الهتاف والتظاهر فى الميادين العامة دون ضرب أو سحل، أو يضمن لأقباط مصر حياة أفضل من تلك التى يعيشونها الآن، وبما أنه ليس بابا نويل فلن ينجح فى أن يجبر الرئيس مبارك على ترك كرسى الحكم كما يطلب أقباط المهجر والدكتور سعد الدين إبراهيم، أو أن يقرص ودن الدولة ويضربها على يدها قائلا: (كخ بقى لازم يبقى فى إصلاح سياسى) كما تطلب الأحزاب، وحتى إن كان يستطيع ذلك، فنحن لا نريده أن يفعل لأننا وقتها سنصبح شعبا «هفأ».
بالنسبة لى كمواطن مصرى زيارة أوباما ليست أكثر من مجرد فرصة لكى يصل صوتى عبرها إلى الرئيس مبارك، أنت تعرف مثلى تماما أن مقابلة السيد الرئيس مسألة شديدة الصعوبة وتكاد تكون هى رابع المستحيلات بعد الغول والعنقاء والخل الوفى، كما أننا لم نصل بعد لتلك المرحلة التى يمكننا من خلالها مخاطبة الرئيس عبر موقعه الإلكترونى أو مدونته الخاصة كما هو الحال فى دول أوربا وإيران، ولهذا كان الحل السحرى الذى لا يحتاج منى سوى «كلكاية» على الجانب الأيسر من الماوس على الموقع الخاص بالرئيس أوباما، لأكتب رسالة كنت أريدها أن تصل للرئيس مبارك، ولم أجد أفضل من أوباما ليلعب دور البوسطجى على اعتبار أن لقاءه بالرئيس مضمون، وعلى اعتبار أنهم هناك فى البيت الأبيض يتعاملون مع رسائل المواطنين بنفس القدر من الأهمية الذى يتعاملون به مع تقارير البنتاجون أوقات الحرب.
وحتى لا يتهمنى أحد بمراسلة دولة أجنبية إليكم نص الرسالة: (سيدى الرئيس أعلم تماما مشاغلكم وما لديكم من أزمات تأبى الحل، ولكن اسمح لى بأن أجعلكم وسيطا لا أكثر، لنقل تلك الكلمات إلى الرئيس المصرى حينما تقابله، أنت تعلم بالطبع أننا لا نشاهد رؤساءنا إلا عبر شاشات التليفزيون، ولهذا أرجوك أن تخبره أن شعبه فى حاجة إلى ما هو أكثر من علاوة اجتماعية سنوية يتم استقطاع أموالها من جيوب الغلابة دون أن يدروا، وأن تعليماته التى نقرأها فى الصحف صباح كل يوم تتبخر بمجرد أن نفترش تلك الجرائد على الأرض لنجعل منها ترابيزة سفرة متواضعة، قل له إن الرجال الذين حملهم أمانة رعايتنا وخدمتنا يستوردون لنا قمحا مسمما، وأغذية فاسدة، وكلما أثبتنا تورطهم خرجوا منها كما تخرج الشعرة من العجين، أخبره يا سيادة الرئيس أن المرضى فى بلده يقفون بالطوابير أمام المستشفيات، وإن طاوعهم الحظ ودخلوا المستشفى، يبقى أمامهم طابور آخر فى انتظار سرير، وإن جاءهم السرير، تهرب أرواحهم من أجسادهم خوفا من إهمال الطبيب، أخبره بأن الوزراء والقريبين منهم ومن السلطة لم يعد يشغلهم سوى السطو على أراضى الدولة وإهدار مالها، أخبره بألا يصدق صحف الحكومة وتليفزيونها لأن الفقر أصبح سيد الموقف فى الشوارع لدرجة أن الأطفال أصبحوا سلعة بيع رائجة لسد حاجة الأسر، والاستغناء عن عضو فى الجسد أصبح يتم مقابل شقة أوضتين وصالة نص تشطيب ومش بحرى كمان! قل له ياسيادة الرئيس شعبك فى حاجة لأن ينام دون أن يخشى سكين سارق أو بطش جهاز أمنى، شعبك فى حاجة لأن يتكلم بحرية لا أن يكتب بالألغاز على هامشها الذى يعايرنا به إعلام الدولة الرسمى، أخبره ياسيد أوباما أن الرسالة التى تحملها لم تكن لتصل إليه لأن موظفى البريد مثلهم مثل موظفى مصر ينامون على الأرصفة فى حالة تظاهر من أجل حقوقهم الضائعة، من أجل بدل أو ترقية يغنى أولادهم عن ذل السؤال أو معاناة اشتهاء طعام لا يجدونه!).
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة