تزييف حقبة من تاريخ مصر هو جريمة فى حق مصرنا المحبوبة. فالتاريخ الذى زيفه د.يوسف زيدان هو جزء من تاريخ المصريين كلهم فى فترة زمنية قرابة الـ640 سنة قبل دخول العرب مصر، وليس تاريخ الأقباط المسيحيين وحدهم.
ما هو الهدف من رواية د.يوسف زيدان؟! هل معرفة جزء من تاريخ مصر كما أراده ورآه د.يوسف زيدان وصديقه فى حلب نيافة المطران؛ الذى نكاد نرى بصماته فى كل فصل من فصول الرواية، وربما فى أغلب صفحاته! أم أن الهدف هو تحطيم إيمان النفوس الضعيفة بإقناع القارئ البسيط أن السيد المسيح ليس هو الله الكلمة وأنه يتجسد، والتشكيك فى صلبه أيضا، أم الهدف هو التقهقر بالمسيحية إلى البدعة النسطورية.
أو ربما يكون الهدف هو تشويه العقيدة المسيحية بدرجة تكفى لاشمئزاز المسلمين منها، مما يمكن أن يسبب فتنة طائفية، أم أن الهدف هو تحطيم القيم الأخلاقية لهذا الشعب المصرى سواء المسلم أو المسيحى، بالإثارة الجنسية وتعليم الفتيات والشباب كيفية ممارسة الخطية فى أبشع صورها كما عرضها د.يوسف زيدان فى روايته باستفاضة انتقدها الكثيرون من ذوى الأخلاق الحميدة، الذين نشكر الله أن مصر مازالت عامرة بهم، ما هى الفائدة؟ هل لمجرد التسلية؟ نحن نحتكم إلى الضمير المصرى الأصيل، يصح أن يليق أن نتخذ من الديانة المسيحية العريقة والكنيسة المصرية المجيدة، مدعاة للتسلية والتزييف؟ ودعونا نتكلم بصراحة ونسأل، ماذا سيكون رد الفعل لو قام شخص ما بتأليف رواية تناظر هذه الرواية وبنفس مستوى التزييف والتحايل (الذى يسميه د.زيدان إبداعا أدبيا)، ولكن بالنسبة للديانة الاسلامية؟ هل سيقبل أى مسلم غيور على ديانته، المساس بمعتقداته وتزييف تاريخ الإسلام والتشكيك فى موروثاته ومسلماته، والإساءة إلى شخصيات قيادية يكن لها كل تقدير واحترام؟
ألا يمكن أن تشعل هذه الرواية الطائفية فى مصر ولو على مدى زمنى طويل؟ فلنقرأ ما كتبه د. يحيى الجمل فى نهاية مقالته لجريدة المصرى اليوم فى 21/7/2008 على الصفحة 17، ما الذى أراد هيبا أن يقوله فى هذا الرق، أو ماذا يريد د.يوسف زيدان أن يقوله؟ هل من الممكن أن تبلغ الوحشية والقسوة والدونية بأبناء الرب هذا المدى الذى وصفه هيبا وترجمه د.يوسف زيدان؟ هل ممكن أن يدفع التدين مهما بلغ صاحبه من تعصب وجهل إلى هذا المدى من القسوة والوحشية؟ وأتصور أن هذا المشهد (يقصد مقتل هيباتيا فى «عزازيل» د.يوسف زيدان يستحق أن نتوقف عنده، ونحاول أن نستخلص ما وراءه وأن الذى وراءه الكثير).
ما رأيك عزيزى القارئ؟ ألا تعد الرواية بهذا تصعيدا لشحن الضمير الإسلامى ضد المسيحية والمسيحيين؟
يتشدق د.يوسف زيدان بأن روايته لا يوجد بها أى خطأ على حد تعبيره، والحقيقة أنها مليئة بالأخطاء التاريخية واللاهوتية.
يصرح د.يوسف زيدان لوسائل الإعلام معترضا على تدخل رجال الدين فى نقد الرواية والاعتراض على ما بها من أخطاء، على الرغم من أن حرية النقد مكفولة للجميع. ويقوم بصوت عال ليتهم رجل الدين بمسئولياته الدينية ولا شأن له بالآداب.
وهل سبق لنا التدخل فى أدبه أو أدب غيره؟ ولكن الأمر الآن يختص بل ويمس قلب الديانة المسيحية، والحفاظ على الإيمان هو أولى مسئولياتنا، بل دعنى أقول إنه هو الذى أقحم ذاته فيما لا يعنيه على الإطلاق.
إذ إنه أديب كما يقول، فما هو شأنه باللاهوت المسيحى وحقائق وعقائد الدين المسيحى؟ لقد زج بنفسه فى مجال ليس له بالمرة أن يدخل فيه، وانتهك حرمة دين سماوى بالخداع والتزييف والتحريف.
فهل انتهت المواضيع التى يمكنه أن ينسج بخياله حولها رواية، حتى يكتب عن اللاهوت؛ الأمر الذى يصعب أحيانا على المسيحيين أنفسهم إلا المتخصصون الدارسون منهم؟!
لقد أخذ منا العجب مأخذا عندما قال د.يوسف زيدان فى برنامج «البيت بيتك» فى التليفزيون وبلهجة أسيفة إن الأخلاق فى مجتمعنا قد تدهورت! كيف يقول هذا فى الوقت الذى ينشر فيه هذا الفسق والفساد على عشرات الصفحات من أقصر الطرق فى رواية تمزج بين التشهير بالرهبنة والطعن فى العقيدة المسيحية والخروج عن الحياء! أى أخلاق هذه التى يتباكى عليها د.يوسف زيدان؟!
صرح الدكتور زيدان لإحدى المجلات المعروفة بأنه يسمى ممارسة الجنس خارج الزواج «الفعل الإنسانى البديع»! ويطلق على المشاهد الجنسية الخارجة عن الحياء فى روايته: «كانت تجسيداً للمفهوم العربى أى العلاقة التى يكتمل بها الوجود الانسانى بين الرجل والمرأة»!! وأنا أضع هاتين المقولتين أمام القارئ العزيز بلا تعليق. ولكن فقط أتساءل هل تجيز الديانة العلاقات الجنسية خارج الزواج؟
وأذكر هنا أيضا مقولة أخرى للدكتور زيدان لنفس المجلة، «لا يوجد مقدس فى ذاته، إنما يقدس المقدس باعتقاد الجماعة فى قداسته، لذا تجد ماهو مقدس هنا غير ما هو مقدس هناك. ولو كان مقدسا فى ذاته لالتقت الإنسانية كلها على تقديسه».وهنا أيضا سأتركك عزيزى القارئ مع هذه الكلمات بدون تعليق منى.
وعلى الرغم من إنى كنت قد شرحت للدكتور زيدان موضوع الشرك عند نسطور وما هى عقيدته، وما هو الفرق بين عقيدة نسطور وعقيدة القدييس كيرلس إجابة منى على سؤال له كان ذلك عندما ذهبت إلى مكتبة الاسكندرية وألقيت محاضرة هناك باللغة الإنجليزية بدعوة منه فى مؤتمر دولى عن الاصطلاحات اللاهوتية باللغات العبرية والآرامية (السريانية) واليونانية والعربية التى درات حولها خلافات فى القرن الخامس الميلادى، وكنت قبلها قد أهديته أيضا كتبا من إصدارنا عن المجمع المسكونى الثالث فى أفسس (431م) وعن الكنائس الأشورية النسطورية، تشرح باستقاضة الشرك الذى ينادى به نسطور، أجده مستمراً فى عملية التضليل. وفى زيارته لدير الشهيدة دميانة بعد أن ألقى محاضرته عن التصوف فى الإسلام، شرحت له أيضا معنى قول السيد المسيح: «لا تظنوا أنى جئت لألقى سلاما على الأرض ما جئت لألقى سلاما بلا سيف» (متى 10: 34) فقد كان فى بداية انتشار الإيمان يحدث أن يؤمن الابن أو الابنة مثلا بالمسيحية، ولا يؤمن الأب الذى يسلم أولاده للحاكم الوثنى ليقتلهم أو يقتلهم أبوهم بنفسه. وهكذا تسبب الإيمان بالسيد المسيح فى سفك دماء الشهداء منذ بداية المسيحية. ولدينا أمثلة كثيرة لذلك فى تاريخ الشهداء. ويمكن أن يفهم أيضا السيف الذى قصده السيد المسيح على أنه سيف الإيمان المستقيم الذى يفصل ذوى المعتقد القويم عن الهراطقة، حتى لو كانوا أقاربهم أو أحباءهم. وقد ذكر القديس كيرلس هذا المعنى فى رسالته الثالثة إلى نسطور والموجود نصها فى ملحق رقم (1). فكلام السيد المسيح يقصد به مثل هذه الظروف فقط.
فللأسف ينشر د.يوسف زيدان الأضاليل ليس عن جهل ولكن عن معرفة، وذلك لتشبثه بالرغبة فى الطعن فى العقيدة المسيحية.
وبينما هو يدعى أن الرواية هى رواية أدبية ومن حق الأديب أن يبدع كما يشاء هكذا بلا ضابط، نجده يلقى محاضرة فى مؤتمر القبطيات الدولى المنعقد بالقاهرة فى الفترة من 14ـ 20 سبتمبر 2008م والمفروض أنها لا تدخل تحت المصنفات الأدبية، ولكنه هاجم فيها أيضا العقيدة المسيحية وهذا إن دل على شئ إنما يدل على إصراره على نشر أفكاره المضللة والتى كشفت بوضوح عن كراهيته للديانة المسيحية، سواء فى روايته أو فى بحث لمؤتمر علمى، مما يدل على خداعاته تحت ستار الأدب الروائى، ولدينا تسجيل صوتى كامل للمحاضرة ونسخة مطبوعة منها.
والحقيقة لم يكن المنظمون الأجانب للمؤتمر موفقين فى دعوته لكى يهاجم العقيدة المسيحية من داخل الكاتدرائية؟
وإليك بعض الملاحظات على مقتطفات من محاضرة الدكتور يوسف زيدان التى قدمها فى المؤتمر الدولى التاسع للدراسات القبطية الذى استضافته مؤسسة القديس مارمرقس للدراسات وعقد فى البطريركية بالقاهرة 14ـ 20 سبتمبر 2008م بعنوان «اللاهوت العربى قبل الإسلام وامتداده فى علم الكلام» أرقام الصفحات من المحاضرة مطبوعة، وقد أرسلها الدكتور زيدان بالبريد الالكترونى لكل المشاركين فى المؤتمر والكلمات ما بين القوسين () هى من وضع الدكتور زيدان أيضا:
فى مهاجمته للعهد القديم عاب فى الله كما صوره العهد القديم فقال:
1 - قدمت اليهودية صورة إشكالية للإله «(صفحات 5 - 8) الله التوراتى» عنيفا منتقما من الناس لحساب اليهود، نشر الرعب بأرض مصر إرضاء لشعبه المختار، يحتاج علامة بصرية يميز بها اليهود حتى لا يضربهم سهوا، يظهر فى سفر التكوين حائرا وثائرا غيورا غضوبا له صفة الحزن والندم، جبار ثائر منتقم نسى نوحا ومن معه، يجب أن يطاع، يستلذ برائحة الشواء، يندم على أفعاله السابقة ينتابه القلق لأن الإنسان (آدم) أكل من شجرة المعرفة، فصار عارفا مثل الآلهة يترصد أعمال البشر غيرة منهم وحنقا عليهم قلقا حسودا، حقودا، غضوباً، نادما، ناسياً، منتشياً برائحة الشواء، مغلوباً، وهى صفات إنسانية رديئة الله التوراتى مخصوص ببنى إسرائيل ملتصق بالأرض لا بالسماء، فهو يعيش فى (الخيمة) مع الإنسان ويشاركه وقائع حياته.
2 - مهاجمة قصة الطوفان: «(صفحة 5) واعتبارها على حد تعبيره ذات الأصل السومرى».
3 - استكمال المنظومة الدينية اليهودية لذاتها، اعتمادا على الديانتين اللاحقتين (المسيحية، الإسلام) بإدخال فكرة البعث أو القيامة وما يتعلق بها من الأخرويات التى خلت منها النصوص اليهودية المبكرة (التوراة، أسفار الأنبياء الكبار).
وتم إدخالها فى النصوص اليهودية المتأخرة كالمنشناة والجمارا (صفحة 4).
4 - آدم أكل من شجرة المعرفة، فصار عارفا مثل الآلهة وليس الإله الواحد (صفحة 6).
5 - مشكلة الخطية الأولى التى اقترفها آدم وورثها بنوه الذين لم يشهدوا فى واقع الأمر هذا الخلق الأول ولم يشتركوا فى (الخطيئة)، لكنهم تعرضوا مع ذلك لغضب الله، من زاوية القدوسية الإلهية». (صفحة 9)
6 - تاريخ البشرية كله، وفقا للتوراة، لم يتعد حتى يومنا هذا ستة آلاف عام! مع أن مصر القديمة أقامت (الأهرامات) فى هذا الوقت، الذى تؤكد التوراة أن آدم عاش فيه سنى عمره التسعمائة والثلاثين! ثم عاش شيث تسعمائة واثنتى عشرة سنة.. و.. أنوش تسعمائة وخمسة سنين وقينان تسعمائة وعشر سنين.. إلخ مع أن البشر فى زمن ما قبل الحضارات لم يتجاوز متوسط عمر الواحد منهم ثلاثين سنة». (صفحة 8)
وللرد على هذه النقطة نقول إن الأهرامات لم تبن منذ ستة آلاف عام بل أقل من ذلك بكثير، حيث إنها بنيت فى عهد الأسرة الرابعة (سنفرو وخوفو وخفرع ومنكاورع، من 2561 إلى 2450 ق. م).
حسب تقسيم الكاهن المصرى «مانيتون Manethon» الذى كتب عن مصر خلال حكم الملك «بطليموس الثانى».
وأيضا إن مدة هذا الإعمار التى ذكرها متداخلة، كما صدم العرب المسيحية من قبل أن يصدمه الإسلام بقرون من الزمان، عن طريق هذه الرؤى اللاهوتية (يقصد الهرطقات) التى دارت من قريب أو من بعيد حول محور وحيد هو رفض ألوهية الإنسان». (صفحة 15)
جاء الإسلام من قلب المنطقة العربية منتصرا للرؤى (يقصد الهرطقات) المعارضة للإيمان الأرثوذكسى (القبطى السريانى، الرومى) وأعلن الدين الإسلامى منذ بداياته الأولى، عبر عديد من الآيات القرانية الحاسمة المحكمة عن قبوله التام للمسيحية كدين، ورفضه التام للقول (الزعم) بألوهية المسيح» (صفحة 19).
◄ قدمت المسيحية حلاً لهذه المشكلة (يقصد مشكلة الإله التوراتى الملتصق بالأرض) بأن أكدت وجود الله فى الأرض، لتتوافق بذلك أولاً مع اليهودية ثم رفعته ثانية إلى السماء.. وكان المسيح هو صيغة الخلاص من مشكلة اندماج الله مع الإنسان واندراجه فى الأرض». (صفحة 9)
◄ امتزاج العروبة بالإسلامية وهو امتزاج بدأ بمقدمات واضحة أدت إلى نتائج محددة أعنى.. أن القرآن عربى «مبين وأن الأئمة من قريش.. ومن بعدها وقائع التاريخ الفعلى لدول الإسلام التى أبرزت العروبة فى الإسلام مع أنه يطرح نفسه للناس كدين لكل البشر، بل هو الدين مطلقا، بحكم أن الدين عند الله الإسلام وقد أكد الإسلام، مبكراً ارتباطه باللغة العربية على مستوى التمييز بين المؤمنين (المسلمين) والكفار (وأهل الكتاب).. (صفحة 3)
◄ فتوى الإمام ابن تيمية التى نصها.. وقول الجهم أشر من قول اليهود والنصارى، الذين حكم الله تعالى بكفرهم (صفحة 30)
موقف الدكتور زيدان من الهرطقات والهراطقة وكنيسة الإسكندرية كما جاء فى نص المحاضرة فى مؤتمر القبطيات بالبطريركية بالقاهرة.
يسمى الهرطقات الاجتهادات الخاصة بطبيعة المسيح (صفحة 11) والرؤية اللاهوتية أو «الرؤى» (صفحة 15ـ صفحة 19)
ويطلق الدكتور زيدان على الهرطوقى لقب «المفكر الكنسى» (صفحة 13: 14) وقد التزم بوضع كلمة «هرطقة» دائما بين قوسين كما تلاحظ (صفحات 14: 17) وقد قال:
«إننا نستخدم كلمة (الهرطقة) لتمييز هذه الأفكار فحسب، فهى (هرطقات) بحسب ما تراه الكنيسة الأرثوذكسية بعامة والقبطية بخاصة» (صفحة 11)
تطابق أفكار الهراطقة مع القلية العربية والاسلام لأنهم رفضوا ألوهية المسيح (صفحات 17ـ 21) وتعارضها مع فكر كنيسة الإسكندرية.
إن العقلية العربية ذات الطبيعة العملية، لم يكن من السهل عليها قبول فكرة الألوهية للمسيح، لأسباب تاريخية ونفسية يطول شرحها.. إذ تصور العرب (الإله) دوماً، على أنه (مفارق) للبشر، ومن ثم كان يصعب عليهم قبول التطابق التام بين الأب والابن، أو الإيمان السكندرى بالـ هو هو! أعنى الإيمان الذى مهدت له طبيعة الثقافة الفرعونية التى سادت فى مصر لزمن طويل، وعاشت فى الإسكندرية الهيلينستية عقودا طويلة، أعنى الإيمان بألوهية الحاكم».
(صفحة 18)(نسب المسلمون لأريوس (الهرطوقى) ما يفيد بأنه كان مقدمة من مقدمات الإسلام، وأعطوه اسما إسلاميا هو «عبدالله بن إريس».
(صفحة 20 21)
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة