إبراهيم ربيع

إما أن يعبر المحيط.. أو يغرق فى البانيو!

الخميس، 02 يوليو 2009 09:47 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
عندما يتأزم الواقع يتسع الخيال.. والناس فى مصر تحب كرة القدم وتعتبرها النافذة التى تقفز منها هربا من واقعها وآلامها واكتئابها.. وعندما يكون هناك حدث كبير يزداد الخيال اتساعاً، وعندما يرتبط الحدث بأزمة يتحول الخيال إلى «معرض» لطرح سيناريوهات كثيرا ما تأتى عجيبة، وأحيانا ما تكون متناقضة ومتضاربة مع بعضها على حسب العلاقة النفسية والإنسانية والعاطفية التى تربط كل فرد بأصحاب الحدث.

وفى فترة من الفترات كان الكارهون لعصام الحضرى، لا يحبون المنتخب ولا يفرحهم أن يفوز.. ومن يعشق أحمد حسام «ميدو» يعتبر حسن شحاتة شيطانا تفر من أمامه الملائكة.. ومن يكره الإعلام المصرى يشمت فيه عندما يرى حسن شحاتة وكامل طاقمه الفنى فى ضيافة قناة فضائية عربية.. ومن يحب أبوتريكة لن يتحمل أن يسمع خبرا سعيدا عن عمرو زكى.. ومن تسيطر عليه الشكوك والظنون ويعميه التعصب، يعتبر استدعاء شريف عبد الفضيل تجهيزا وتحضيرا لتسليمه إلى الزمالك.

ولأن المنتخب الوطنى يعيش واقعا مريرا فى تصفيات كأس العالم.. ولأن الأمر مرتبط بحلم كبير يواجه أزمة كبيرة.. فإن هؤلاء الناس لا يتوقفون عن التخيل، وتسمعهم يتبادلون حوارات ما بين ذروة التشاؤم وذروة التفاؤل.. فهذا الرجل يشد نفسا عميقا من الشيشة، وتخرج كلماته مختلطة بالدخان الكثيف الذى يتقطع فى الاندفاع من فمه، مصحوبا بسعال واختناق فى الصوت، وهو يصر على أن يبلغ من حوله خبرا مهماً، وهو أن رواندا كانت حتغلب زامبيا ومش بعيد تكسبنا، وحسن والجماعة بتوعه يروحوا.. أصل برضه كتير قوى كأس أفريقيا وكأس العالم.. لو كان فى الزملكاوية خير ما كانش رماهم الطير.

ويرد عليه فى الجانب الآخر من الترابيزة رجل قلبه أبيض.. يسحب «نفس» السيجارة وكأنه يريد أن يمضغها.. ويقول لصديقه المتشائم الذى يعرض مشروعا للشماتة فى المنتخب: يا راجل يا أحمر يا ماسخ.. إحنا حنعمل فى التصفيات زى ما أمريكا عملت فى القارات..
حنضرب رواندا سبعة، ونطلع ليهم بتلاتة، ونجمع نفسنا فى زامبيا نكسب واحد فقط.. وبعدين يحلها حلال مع الجزائر «المتعودة دايما» تخسر فى ستاد القاهرة..

هذا الحوار هو الخيال المسيطر على كل الناس فى كل الوقت، منذ أن انهزمنا من الجزائر، وانهزمت زامبيا على أرضها من الجزائر أيضا.. نصف البلد يرى التصفيات بعين غير التى يرى بها النصف الآخر.. لكن هناك مساحة مشتركة ولو صغيرة من الواقعية بين المنتظرين لتسريح المنتخب وجهازه، وتسريح الأحلام من الأدمغة وبين المترقبين لمعجزة مثل التى فعلها الأهلى مع الصفاقسى فى ستاد رادس بتونس، ومثل التى فعلها النجم الساحلى مع الأهلى بالقاهرة.. وهذه الواقعية «المحدودة» هى التى تعبر عن حال المنتخب الذى يمكن أن يعبر المحيط سباحة، ويمكن فى نفس الوقت أن يغرق فى البانيو.. ولذلك علينا الانتظار كما لو كنا ننتظر «قرعة» أو نتيجة «شق بطيخة».









مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة