ستجد من يقول لك إن حل مجلس الشعب سيكون فى أول سبتمبر، رغم معارضة الحرس القديم، وستجد من يقول إن 150 نائبا من الإخوان والوطنى والمعارضة يستعدون -من الآن- للطعن فى دستورية القرار الذى يشكل إهانة للبرلمان ولنواب الأغلبية وللمؤسسات الدستورية، وستجد من يقول لك إن السيد الرئيس لا يميل إلى حل المجلس إلا إذا أصدرت المحكمة الدستورية حكما بالحل كما حدث فى برلمانى 87 و90، والخبثاء من المحللين قالوا إن فصيلا داخل الحزب الحاكم «عارفينه كلنا» يسعى من خلال الحل إلى تحقيق «مآرب شخصية، عارفينها كلنا»، وقالوا أيضا إن هذا الفصيل «يسابق الزمن»، ولا أحد يعرف كيف يمكن مسابقة الزمن.. ولكن المؤكد أنه من الصعب التصديق أن مجلس الشعب «الحالى» يشكل عائقا أمام«المآرب الشخصية».. إصرار المركز القومى للترجمة على عدم التعامل مع دور نشر أو جهات إسرائيلية أثناء ترجمة الأدب الإسرائيلى قرار يستحق الإشادة، وترجمة هذا الأدب الذى وصل إلينا القليل منه، شىء مفيد، ولكن التوقيت ضار، ولا أريد الحديث عن وزير الثقافة، ولكنى أنظر إلى اكتشاف أهمية الترجمة «فجأة» على أنه عمل آخر غير معرفة الآخر، وأخشى -كما قال أحمد الخميسى فى أخبار الأدب- أن يتم إضفاء طابع إنسانى مزيف على الروح العدوانية البربرية، فديفيد جروسمان الذى انعقدت النية على ترجمته كتب فى هاآرتس أن ما قامت به إسرائيل فى غزة رد فعل دفاعى، وأن وجود إسرائيل معجزة قومية وإنسانية وأنه يقف بشدة ضد حق عودة اللاجئين خوفا على الطابع اليهودى للدولة، تماما كما يتحدث المتطرفون، وبالطبع ستكون كتبه مرآة لقناعاته، ومن الضرورى عند ترجمة أمثال جروسمان التعريف به وبآرائه، حتى لا يتحول إلى داعية لكراهية العرب، باللغة العربية من القاهرة.
«العشوائية» مفردة تستهوى تجار السينما ومنظمات المجتمع المدنى «الممولة من الخارج» ومترجمى القصص التى تدور فى العشوائيات، وتبرر الشعوذة فى سوق الكاسيت أو «سى دى»، وكأن الذين يعيشون فى العشوائيات ليسوا من مصر، لأنهم بدون أخلاق ويمارسون الرذيلة على قارعة الطريق ويقتلون ويبرشمون، وللأسف الشديد نجحت سينما العشوائيات بفضل فضائيات الخليج فى تصوير المصريين الذين دفعتهم الظروف إلى السكن بعيدا على أنهم كائنات يجب التخلص منها، أو -إذا كان المخرج حساسا- الإشفاق عليهم وعلى مصائرهم، وينظر قطاع من مستثمرى العشوائيات إلى الموضوع على أنه معارضة للنظام الذى أوصل الناس إلى هذا المصير، ولكن الأرواح الكبيرة من صناع السينما تتعامل مع الموضوع برقة، لأنك أمام بشر يحبون ويحزنون ويتحايلون على الحياة ومستعدون طوال الوقت للفرح، هم يحبون أبطالهم ويعتبرونهم شركاء فى الحياة ويلتمسون لهم الأعذار، ولم يجردوا نساءهم من ملابسهن وأرواحهن، محمد خان وداود عبدالسيد ورضوان الكاشف وعاطف الطيب، ويسرى نصر الله ومجدى أحمد على وأسامة جرجس، وقبلهم جيل الرواد، لم يستثمروا معاناة «مطاريد» النخبة الجديدة لتحقيق الأرباح، هم فقط استمتعوا بالحياة معهم ومع أحلامهم الصغيرة وأخطائهم الصغيرة أيضا، أنا لا أريد من السينما غير السينما، هذا الفن السحرى الذى يجمع كل الفنون فى شريط، لا أريد أن يبتز مشاعرى أحد «قطعت تذكرة» لكى أشاهده أريد من السينما أن تلتقط الخيط الذى يؤكد أننا مربوطون فى مصير واحد وأن الأسئلة الكبرى ليس ضروريا الإجابة عنها دفعة واحدة.. سينما العشوائيات والغرائز مفيدة لبرامج التوك شو.. ضارة للمصريين الذين دفعتهم الظروف للابتعاد عن الأكاذيب!.