فاروق الجمل

فى رثاء جيل ووطن

الخميس، 02 يوليو 2009 09:45 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أشار التقرير الأخير الصادر عن مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، عن وجود 51% من الشباب المصرى يشعر بانتماء تجاه الوطن، فى الوقت الذى تباينت فيه آراء 49 % منهم حول هذه القضية.. ربما لم يمثل لى هذا التقرير بما يحويه من نسب صدمة، خاصة وأنى أعيش وسط الشباب، وأعرف جيداً كيف يفكرون، وكيف ينظرون للوطن.

وفى اعتقادى أن النسبة التى تباين رأيها حول قضية الانتماء للوطن أكبر بكثير من تلك التى ذكرها التقرير، ولكن لأسباب معلومة وغير معلومة، خرجت النسبة كما جاءت به، 49% لا يشعرون بالانتماء، ولا يعرفون هى لديهم ما يربطهم بهذا الوطن أم لا.
نعم نحن الآن أمام أكبر مشكلة قد يعانى منها بلد، لأن الشباب إذا فقدوا الانتماء، ضاع مستقبل الوطن، لأن الشباب وحدهم من سيرسمون خارطة المستقبل القريب والبعيد.

وبالطبع لن أنتظر أى تحرك من السادة المسؤولين لبحث الأمر، ولدراسة الأسباب التى جعلت شباب هذا الجيل لا يشعر بالانتماء لمصر، اللهم خلال مباريات كرة التى يتجلى فيها الشعور بالانتماء وحب مصر.

لا أنتظر أن تتحرك القيادات العليا فى مصر لبحث الأسباب التى أدت إلى تراجع الانتماء، ربما لأنهم يعلمونها جيدا، ويعرفون أنه لا يمكن لأى إنسان أن يشعر بأنه ينتمى لأى كيان لا يمنحه أى شىء، لا يمكن لشاب يجلس منذ سنوات على المقاهى لا يجد فرصة عمل أن يشعر بهذا، كذلك الأمر بالنسبة لآخر لا يتجاوز راتبه حاجز الـ 500 جنيه، وقطار العمر يمضى به دون أن يحقق أيا من أحلامه، التى صارت تتبخر أمام عينه واحدة تلو الأخرى.

لا يمكن لفتاة تهان كرامتها وإنسانيتها كل يوم أثناء ذهابها وعودتها من العمل، بنظرات وتحرشات وهمسات، أن تشعر بانتماء، خاصة لو مكثت فى بيت أبيها حتى تجاوز عمرها الثلاثون عاما، دون أن تحقق أبسط أحلامها، وتصبح أما.
لا يمكن لنا جميعا أن نشعر بالانتماء فى وطن بلا وطن، وسط حياة لا تتوافر بها أبسط صور الآدمية، لا يمكن بالفعل أن نشعر بهذا، ونحن لا نجد من يسمعنا، وأصواتنا حبيسة صدورنا أما لخوفنا من بطش باطش، أو لأننا لم نتعلم كيف نتحدث، كيف نعبر عن أنفسنا.

بالتأكيد حب الوطن فطرة نولد بها، لكن أى حب لابد أن يكون متبادل من الطرفين، لابد أن يظهر كل طرف من الأطراف ما يؤكد على حرصه على استمرار هذه العلاقة، التى لا يمكن أن تستمر أبدا فى ظل عطاء من جانب واحد، فى ظل عدم تأكيد الطرفين على رغبتهم فى استمرار هذا الحب، عن طريق الأفعال لا الأقوال.

نعم كلنا نحب بلادنا التى ولدنا وتربينا فيها، وعرفنا من خلالها الحياة، فلكل واحد فينا فى كل مكان من شوارعها، وحواريها، وبيوتها، وحدائقها، ومقاهيها ذكرى، لكل منا شخص يذكره بمصر، ومهما بعدنا عنها، يظل حبها مزروعا فى قلوبنا لا يقضى عليه إلا الموت، ولكن ما نراه وما يحدث لنا يفقد الكثير منا انتماءه لها، فيتلفظ بألفاظ الكره، ولكن من وراء قلبه، ففى حب مصر نتنافس جميعا.

لهذا ادعوا السادة المسؤولين إلى مراجعة أنفسهم وضمائرهم، وأن يزرعوا فينا الانتماء للوطن، مستغلين بذور الحب، ويعملون على رعايتها، أسألهم بالله أن يتقوا الله فينا، أن يربطونا ببلادنا، ولا ينفرونا منها، أن يجعلوا لأحلامنا مكانا هنا على أرض الوطن، وألا يتركوا لنا الفرصة للبحث عنها فى أحضان بلاد غريبة، تفتح لنا خزائنها وكل قدراتها العلمية والأدبية والاقتصادية، من أجل إنجاز شىء يخدم مصالحها قبل مصالحنا.

أسألهم بالله أن يعلمونا الانتماء، أن يمنحونا شرف خدمة بلادنا، شرف حبها، والسهر على رفعتها و بنائها، وجعلها فى مقدمة الدول، أسألهم بالله أن يحبوا مصر وأن يدفعونا لحبها، بدلا من أن يهاجمونا ويتهمونا بالغباء وعدم الانتماء، وهم جالسون يرثون الأجيال التى ضحت بأرواحها فداء لهذا الوطن.





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة