المنصب الرسمى ووقاره لم يمنع بعض المسئولين فى النظام الحالى من السقوط فى مستنقع الشتائم، فلا تمر فترة طويلة على المواطنين الغلابة إلا وتصاب آذانهم بصدمة لفظية جديدة من مسئول لم يستطع أن يسيطر على أعصابه، أو حاول أن يرفع الحرج عن نفسه ويدارى عن عجزه فى مواجهة مشكلة أو اتخاذ قرار بحالة من الصراخ اللفظى يسقط بسببها فى فخ الألفاظ الخارجة أو التصريحات غير المسئولة، ويجر على نفسه وعلى البلد المزيد من المشاكل، البعض أرجع استخدام بعض الوزراء والمسئولين للشتيمة إلى طبيعة الوزراء أنفسهم وقلة خبرتهم فى الحياة السياسية، بينما هناك آخرون يرون أن الوزير بشر يمكنه أن يصيب أو يخطئ، ولكن هذه الفئة تناست أن غضب الوزراء مهما زاد لا يصح أن يتحول إلى غضب حوارى.
ليتحول الحوار إلى سبلاً للشتائم والألفاظ التى يدافعون بها عن أخطاء الحكومة لحفظ ماء وجهها.. والبطل هنا هو الدكتور أحمد نظيف، رئيس الوزراء المصرى، الذى أكد فى دفاعه عن الحكومة وعن إضرابات واعتصامات العمال المتتالية للمطالبة بحقوقهم قائلاً: «ما حدش يقدر يلوى دراع الحكومة» مستهينا بجدوى الإضرابات لم يكتف نظيف بتهديد العمال وتقليل شأنهم ببعثه رسالة فحواها «محدش يقدر ع الحكومة» لكنه قال أثناء زيارته الشهيرة للولايات المتحدة الأمريكية واصفا المواطن المصرى بـ«غير الناضج سياسياً».
وبجملة «محدش يلوى دراعى وخليكوا فى الشارع» كانت إحدى الطرق التى سلكها الدكتور يوسف بطرس غالى، وزير المالية، للهروب من تكدس موظفى الضرائب العقارية المعتصمين أمام مصلحة الضرائب.
السب والشتائم لا تتطلب بالضرورة التلفظ بكلمات «بذيئة» ولكن هناك مسئولين عرفوا بإهانة المواطنين أو أمثالهم من المسئولين.. ويظهر المستشار عدلى حسين، محافظ القليوبية، فى الصورة بكلمات وعبارات لم تتطور إلى حد السباب الصريح ولكنها تؤخذ عليه.. فمع كل أزمة تكون فيها محافظته طرفا يخرج المستشار ليتهم هذا وذاك بعباراته النارية.. من نوعية القتل السياسى وغاوى منظرة.
أما فاروق حسنى، وزير الثقافة، فابتعد عن كسر الأرجل ولى الذراع ملتزما بتناسق ألوانه ونبرة صوته المنخفضة معتبرا كل كلمة يتلفظ بها هى مجرد رأى خاص به.. لكنه فى حقيقة الأمر اتخذ أسلوبا مباشرا للسب والشتائم بهجومه على الحجاب وكل امرأة ترتديه عندما قال إنه مظهر من مظاهر التخلف والعودة للوراء، مشيراً إلى أن النساء بشعرهن الجميل كالورود التى لا يجب تغطيتها وحجبها عن الناس. ومن وزير الثقافة للدكتور هانى هلال وزير التعليم «العالى» لنجد أن الأمر لا يختلف كثيرا، فهو دائما ما تأتى تصريحاته بها نوع من الحدة المبالغ فيها وتختلط أيضاً بعند ضد أى معارض أو مطالب بحق ما.. والدليل هنا ما شهدته الأيام القليلة الماضية حينما قابل الوزير موظفى أكاديمية البحث العلمى أثناء اعتصامهم ووجه حديثه لهم قائلاً: «عدد كبير منكم مالوش لازمة».
المثير أن الشخصيات الخمس السابقة لم يرتكبوا الخطأ مرة واحدة فقط، بل داوموا على تكراره، وكأن الأمر أصبح عادة، ولهذا كان من الطبيعى أن يحجزوا مكانا ثابتا ضمن قائمة «الشتامون فى مصر» على اعتبار أن ماحدث منهم لم يكن مجرد زلة لسان اعتذروا عنها.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة