قبل أن تضىء قاعة العرض.. وفى المشهد الأخير بفيلم أحمد حلمى الجديد «1000 مبروك» انفجرت الطفلة التى تجلس أمامى فى بكاء هستيرى لأنها لم تتخيل أن بطلها المفضل أو نجمها الأهم توفى، وأخذ والدها يربت عليها مؤكداً لها أن حلمى بخير، وما شاهدته مجرد فيلم وانتهى. حلمى كعادته يفاجئ جمهوره فى كل مرة بنقلة مختلفة وجديدة وصادمة للبعض، خصوصاً جمهور حلمى العريض من الأطفال، ولكن حلمى الذى أراد فى فيلمه السابق «آسف على الإزعاج» التأكيد على استطاعته التلون والاختلاف، بعيداً عن حصره فى الأدوار الكوميدية، ها هو يكمل نفس الطريق فى «1000 مبروك»، الذى يحاكى فى فكرته الأساسية الفيلم الأمريكى groundhog day، والمأخوذ عن الأسطورة اليونانية القديمة «سيزيف» فى الميثولوجيا الإغريقية والتى تحكى عن «سيزيف» الذى يتميز بالدهاء الشديد، حيث استطاع أن يخدع إله الموت «ثانتوس»، مما أثار غضب «زيوس» كبير الآلهة، الذى عاقبه بأن يحمل صخرة كبيرة ويصعد بها من أسفل الجبل إلى أعلاه، لكنه عندما وصل إلى القمة تدحرجت الصخرة ثانية إلى الأسفل، فيعود إلى رفعها مجددا، ليصبح رمز العذاب الأبدى.
وإذا كان سيزيف مخادعا وجشعا، فبطلنا يدعى أحمد وهو أنانى، عاشق لذاته لا يفكر سوى فى نفسه ورغباته، يعمل مديراً للحسابات فى إحدى شركات البورصة، يعيش حياة إلى حد كبير ميسرة ومرفهة وله شقيقة واحدة، وتدور أحداث الفيلم فى يوم واحد فقط يتكرر مع اختلاف بعض التفاصيل لكن النهاية واحدة، حيث يطارده حلم بأنه يموت يوم زفافة، ويتخيل موته بطرق متعددة وتفاصيل مختلفة، وفى كل مرة يستيقظ فى تمام الساعة العاشرة صباحاً على «زغرودة» والدته التى تحثه على الاستيقاظ استعداداً ليوم زفافه.
بطلا هذا العمل إلى جانب حلمى هما كاتبا السيناريو محمد دياب وخالد دياب واللذان تمكنا من تقديم بناء درامى وسردى محكم للشخصية والتفاصيل المتباينة لحوادث وطريقة الوفاة، والسيناريو الذى يكونه «أحمد» ويتشكل فى ذهنه عن ترتيبه لتفاصيل حياته بشكل معين عندما يفترض أن والده مختلس ووالدته مدمنة وشقيقته فى طريقها للانحراف.
فى «1000 مبروك» حديث عن القدر، وعدم قدرتنا على تحدى القدر، إلا أننا فى نفس الوقت نملك مفاتيح تغيير الواقع، وأعتقد أن حلمى يعرف جيدا أن جمهوره من الأطفال سيخرجون متأثرين بوفاته فى النهاية الحزينة التى وضعها لكنه يعرف فى قرارة نفسه أنه يؤهلهم لكى يروه فى أدوار متنوعة، وأعتقد أن حلمى بذكائه المعهود سيقدم تجربة كوميدية خالصة فى العام المقبل.
فواصل
هل يرغب أن يعود بنا الداعية «معز مسعود» إلى الوراء حيث قام فى برنامج «90 دقيقة» بالتعقيب على قصة الكاتب وحيد حامد والذى كان يتحدث عن الفن والإبداع مدافعاً عن جرأة بعض مشاهد فيلمه «إحكى يا شهرزاد»، حيث عقب معز بأن الفنانة التى تقدم مشاهد جريئة هى فى حكم الزانية.. ارحمونا يرحمكم الله من سيل الفتاوى، فهل يرغب معز فى العودة بنا إلى أيام تكفير الفن والفنانين.. كفاكم إرهاباً.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة