فى شهر يونيو من كل عام نتذكر كل ما فى الساحل الشمالى من متعة رائعة ومشكلات قاتلة ويبقى الساحل وما فيه مَلِك الأحاديث سواء فى الجدل الهام أو النميمة التافهة، وما أن ينتهى أغسطس حتى تختفى كل هذه الأحاديث مع إغلاق الشاليهات الصغيرة أو الفيلات الكبيرة، وتغليف أبوابها وشبابيكها بالبلاستيك طوال التسعة أشهر المتبقية من العام.
يتجمد الساحل بمليارات مبانيه وفنادقه المعدودة ومطاعمه وكافيهاته، وفى يوم وليلة تتحول مئات الكيلومترات من الضجيج والزحام والحوادث وبيزنس الصيف المربح إلى مبان شبيهة بالعلب الفارغة وسط أرض شاسعة لا تطأها قدم بنى آدم.
منذ عقود قليلة، هناك مَن قرر أن يجعل من المنطقة الجرداء فى الساحل الشمالى لمصر منطقة تضاهى مثيلاتها على الجانب الآخر للمتوسط. ربما هناك من حلم أن ينافس ساحلنا الريفييرا الفرنسية والإيطالية فى الجمال والربحية، ولكن لاشك أن من قرر ونفذ هذا الحلم فى مصر كان حافظ مش فاهم فانقلب الحلم إلى كابوس.
صحيح أن المدن الساحلية الأوروبية شمال المتوسط تعتمد أساساً على السياحة الداخلية والخارجية فى فصل الصيف ولكنها لا تتحول إلى مدن أشباح بعد انتهاء الموسم لسبب بسيط غاب عن متخذ القرار فى ساحلنا الشمالى، هو ببساطة أن المدن الأوروبية التى أراد أن يقلدها، لها أهل وسكان مقيمون فى مدن حقيقية لهم مستشفيات ومدارس ومحلات وأعمال دائمة يحرصون بالتالى على استمراريتها طوال العام.
أما عندنا فهى مدن وهمية مؤقتة ينتقل إليها بعض سكان القاهرة والإسكندرية والقليل من الأجانب المقيمين فى مصر لمدة شهرين أو ثلاثة ثم يهجرونها تماماً حتى صيف العام التالى. هنا يبدو الاقتراح الذى سمعته من رجل الأعمال المصرى المهندس الاستشارى المعروف حسين صبور حلاً مثالياً لإنقاذ ما يمكن إنقاذه فى ساحلنا المشوه.
يقترح المهندس صبور أن ينضم الساحل الشمالى إلى قائمة المدن الجديدة فى مصر. فى ذلك الاقتراح عدة فوائد أهمها أن بُعد الساحل عن القاهرة والإسكندرية سيخلق مدناً جديدة بمعنى الكلمة تتفادى الأخطاء الفادحة فى 6 أكتوبر والقاهرة الجديدة اللتين أصبحتا ضاحيتين للعاصمة لم تخلصاها من اختناقها بل زادتا منه.
الفائدة الأخرى التى لا تقل أهمية هى فك تجميد هذا الساحل بطوله الذى ألقيت فيه مليارات معطلة. فالساحل أصبح به الآن بنية تحتية من طرق ومياه وكهرباء يمكن توسيعها والبناء عليها، ما سيوفر الملايين اللازمة لتعمير مدن جديدة فى الصحراء.
أدعو المهندس حسين صبور الذى انتخب رئيساً لجمعية رجال الأعمال، أن يكون هو على رأس فريق «فاهم مش حافظ» من خبراء تخطيط المدن وذوى الخبرة فى الأعمال لتقديم هدية للشعب المصرى.. مشروع متكامل التفاصيل يُقدَم إلى الجهات المختصة تنفذه دون تعديل أو فَتىِ.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة