جمال أسعد

هذا العداء المستحكم والجاهل ضد ثورة يوليو

الخميس، 30 يوليو 2009 08:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
◄◄ قلة من الأقباط أصابتها قرارات الثورة مثل باقى المصريين الذين انطبقت عليهم القرارات
◄◄تعلم ابن الفلاح المعدم ودخل الجامعة فمكتب التنسيق لا يفرق بين غنى وفقير ولا مسلم ومسيحى

من الغرائب السياسية ومنذ فترة نجد تلك القلة ممن يسمون بأقباط المهجر ومعهم بعض من أقباط الداخل. أولئك وهؤلاء هم من يبحثون عن دور مفقود وعن زعامة متخيلة، وهم يؤدون دورا مطلوبا من أجل مكسب مادى هنا أو فوز معنوى هناك، وكله تحت مسمى مشاكل الأقباط، ورقة كل الباحثين عن ذوات مفقودة ومكاسب مضمونة، يضاف إليها العداء المستحكم والجاهل ضد ثورة 23 يوليو 1952، فهناك مجموعة تُروج كثيرا من الأكاذيب وتنشر مزيدا من الادعاءات الباطلة والمبالغات الباهتة حول قضاء ثورة يوليو على الأقباط.. كيف؟ يقول المدعون إن الثورة قد قضت على الأقباط فى مصر فصادرت أراضيهم وأمحت مصانعهم وحرمتهم من ممارسة الحياة السياسية التى كان فيها الأقباط يتبوأون المناصب الوزارية والبرلمانية والحزبية، الشىء الذى جعلهم يهاجرون خارج مصر إلى أوروبا وأمريكا وباقى بلاد العالم هربا من آثار يوليو السلبية على هؤلاء الأقباط، ولم يسأل هؤلاء المراوغون من هم هؤلاء الأقباط الذين قد أضيروا من قرارات الثورة ومن كانوا؟ وهل هم كل الأقباط فى مصر أم هم تلك القلة القليلة التى أصابتها قرارات الثورة مثلها مثل باقى المصريين الذين قد انطبقت عليهم تلك القرارات دون النظر إلى كونهم مسلمين أو مسيحيين؟ هذه الادعاءات والمبالغات تحمل تناقضها فى داخلها، ولكنه المولد المنصوب دائما وأبدا ضد ثورة يوليو بالرغم من مرور أكثر من نصف قرن عليها، وهنا سؤال: من الذى أضير من قرارات الثورة هل أغلبية الأقباط أم تلك القلة المحتكرة للثروة وللبشر وهم ضمن من كان يطلق عليهم نسبة النصف فى المائة؟ لاشك أن المضارين هم قلة القلة من النصف فى المائة والذين امتلكوا الأراضى ومن عليها ليس نتيجة لعرقهم وجهدهم وعملهم ولكن مقابل إخلاصهم للحاكم المستبد الذى كان يملك الأراضى، والذى وهبها لهؤلاء الإقطاعيين مقابل دفع ضرائب تلك الأراضى لمدة ثلاث سنوات.

ولهذا فعندما يقول المتقولون إن الثورة ظلمت الأقباط فهذا كذب بواح، فهى لم تظلم الأغلبية الغالبة من الأقباط الذين كانوا مثل كل الشعب المصرى يحتويهم الجهل والفقر والمرض، هؤلاء هم الذين استفادوا من الثورة فشعروا بكرامتهم التى كانت مهدرة من الإقطاعى، وتعلم ابن الفلاح المعدم والمهنى الفقير حتى أعلى مستوى تعليمى، ودخل الفقير الجامعة بدون واسطة فمكتب التنسيق لا يفرق بين غنى وفقير ولا مسلم ومسيحى، كذلك القوى العاملة.

فهل هؤلاء يتحدثون عن هؤلاء المضارين وهم ضمن نسبة الـنصف فى المائة أم يتحدثون عن الأغلبية القبطية التى تمتعت بكل الحقوق وهم ضمن نسبة الـ99.5 %.

الغريب أن الذين يتحدثون ويكذبون على يوليو هم ضمن الـ99.5 % وهم وآباؤهم الذين استفادوا أيما استفادة من يوليو، ولكنه الدور المرسوم للحصول على المكسب المعلوم، لأنه لا يوجد هناك مبرر أن يقوم من هم من الطبقة المتوسطة والفقيرة بالولولة على تاريخ مصر للثورة لأنها صادرت أراضى أغنياء وإقطاعيين من الأقباط إلا إذا كان هؤلاء قد أصبحوا مرضى مزمنين لمرض الطائفية الذى يدافعون فيه عن غنى قبطى يظلم الفقراء الأقباط وغير الأقباط، وهذا لمجرد أنه قبطى!! أما كذبة الهجرة نتيجة لما تم ضد الأقباط من الثورة فهذا قمة الكذب، حيث إن الإصلاح الزراعى طبق 9 سبتمبر 1952 وهو أول قرار للثورة، والتأميم عام 1961، فكم كانت نسبة الأٍقباط المضارين بالنسبة لباقى المصريين؟ والأهم كم هى نسبة الأقباط الذين هاجروا جراء القرارات؟ مع العلم أنه لابد من قياس ظاهرة الهجرة فى ضوء معطيات تلك المرحلة؟ وأيضا كم هى نسبة هجرة الأقباط من غير المضارين من الثورة؟ وما هى أسباب الهجرة هل هى اقتصادية لتحسين المستوى الاقتصادى والاجتماعى أم هى نتيجة ادعاءات الاضطهاد الدينى، وما الرأى فيما يسمى باليانصيب الذى تقوم به السفارة الأمريكية لتسفير المصريين إلى أمريكا؟ ولماذا تصل نسبة هذا اليانصيب أكثر من 90 % من المسيحيين؟ وما علاقة الثورة أيها الكذبة بهذه الهجرة وفى هذا الإطار؟

ولكن لا شك أن هناك سببا هاما لمعاداة الثورة، خاصة أن الثورة الحقيقية قد انتهت فعلا على أرض الواقع بعد وفاة عبدالناصر فى 28 سبتمبر 1970، ولا يملك أحد الادعاء بأن الثورة باقية، فمن يقول ذلك إما تمسحا فى شرعية يوليو أو قصد الإساءة للثورة حتى يلصق بها كل سلبيات وكوارث النظام الحالى. والسر هنا فى معاداة الثورة قد ظهر من خلال ذلك التوافق الذى تم بين اتجاهين متكاملين، الأول هو عداء الثورة وإطلاق تلك الأكاذيب الخاصة بالأقباط والثورة، والثانى تلك الحملة المشبوهة التى بدأت بالدعوة إلى الارتداد إلى العصر الفرعونى تحت ادعاء أن مصر فرعونية، ثم أسفر المشبوهون عن أنفسهم من خلال تلك الحملة التى تدعى أن مصر قد تم احتلالها من قبل الغزو الإسلامى وقد تمت أسلمتها وتم القضاء على اللغة القبطية وإلزام الأقباط باللغة العربية، ثم كانت تلك المحاضرة الكارثة والمشبوهة لأسقف القوصية مريد بيت الحرية والذى تكلم جهلا حول الهوية المصرية معتبرا أنها المسيحية، بما يعنى أن غير المسيحيين غير مصريين بل طالب برجوعهم إلى الجزيرة العربية، مختتما محاضرته فى معهد هدسون الأمريكى الصهيونى بطلب التدخل الأجنبى لحماية الأقباط.

كل هذه الأفكار وغيرها كثير تتعارض كل التعارض مع التوجهات السياسية الأمريكية والإسرائيلية فى المنطقة، مع العلم أن كل دعاة معاداة الثورة هم من يسيرون فى الركاب الآن الأمريكى سواء بالدعوة المباشرة والإقامة الكاملة والحصول على الجنسية الأمريكية.

وبالتالى هم يتحدثون ويعادون الثورة من منطلق أمركتهم وليس مصريتهم. أو من خلال تلك النوعية التى تعيش فى مصر ولكن بقلب أمريكى وبعقل مارينزى. ولذا فمعاداة الثورة ليس لأنها قد ظلمت كل الأقباط ومجموع الأقباط يستفيدون بقدر ما استفادوا من الثورة، كما أنه لا وجود للثورة فهذا قد أصبح تاريخا. وأيضا كل الذين أضيروا من الثورة هم الآن من يمتلكون الثروة والسلطة والقرار، ونسبة هؤلاء كأقباط أكبر بكثير من نسبتهم العددية التى يستغلها دعاة الطائفية لتبرير المحاصصة الطائفية. إذن هم يعادون الفكرة الباقية والتجربة التى عادت للحياة فى مواجهة الواقع المرير، تلك التجربة التى أثبتت صدق نواياها.

هم يعادون الدعوة للعروبة والتوحد العربى الذى يهدد تلك المخططات التى تعمل على تقسيم المنطقة على أسس طائفية. وهى أمل هؤلاء المعادين والمتاجرين بمصر وكل المصريين.

لمعلوماتك...
تفسير هيكل لعزل الأقباط سياسيا وخلو الضباط الأحرار من أقباط
الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل فى تفسيره لمشكلة عزل الأقباط يرى أن ما آلت إليه الأحوال قبل الثورة جعل من عدم وجود ضابط قبطى فى مجلس القيادة الجديد مسألة أكبر من حجمها. كما أنه بدا فى أول الثورة وكأن نظامها الجديد وثيق الصلة بالإخوان المسلمين. الذين حاولوا إعطاء الانطباع بأن لهم فى الثورة أكبر مما هو باد على السطح، واقتراب بعض قيادات الثورة فى مرحلة من مراحل حياتهم من جماعة الإخوان المسلمين مثل كمال الدين حسين وأنور السادات بل جمال عبدالناصر نفسه. كما أنه فى تلك اللحظة لم تكن الكنيسة القبطية فى أحسن أحوالها؛ لأن بطركها الأنبا يوثاب كان يواجه أزمة داخل كنيسته نشأت من صراع بين التقليد والتجديد. وكانت الكنيسة، بواقع ما طرأ خلال الحرب العالمية الثانية وبعدها، قد أصبحت بحكم الظروف وحدها فى الحياة القبطية ودون قيادة سياسية بارزة يعترف بها الكل؛ المسلمون قبل الأقباط، كما كان فى زمن مكرم عبيد. ولم تكن الكنيسة فى ذلك الوقت مؤهلة لهذا الدور، ومن سوء الحظ أن العائلات القبطية الكبيرة قصرت نشاطها على المجال الاقتصادى والمالى، وبالتالى فإن الدائرة القبطية كانت خالية سياسيا ليس لها نائب معتمد أو مرشح مقبول.









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة