الطبيب المصرى د.عصام عبد الصمد، المقيم ببريطانيا أصدر كتاباً عن الفنانة الراحلة سعاد حسنى، يسجل خلال صفحاته انطباعات ويوميات تتابع رحلة العلاج التى استمرت بلندن لأكثر من ثلاث سنوات، انتهت بهذا الرحيل الفاجع ونهاية حزينة للممثلة التى أمتعت المصريين والعرب لأكثر من ثلاثين عاماً بالفن الجميل.
كتاب «سعاد حسنى بعيداً عن الوطن وذكريات وحكايات» مكتوب بلغة تهدف إلى تقديم شهادة عن سعاد حسنى الإنسانة أولاً قبل الفن والتمثيل والشهرة، وعندما التقى د.عصام عبد الصمد، بها فى رحلة الغربة والعلاج بلندن، لم يجذبه بريق الفن، وإنما المشاعر الإنسانية، حيث وجد نفسه أمام إنسانة ثرية المشاعر والنبض الإنسانى تبحث عن علاج لمتاعب الجسد وأمراض النفس.
كانت الفنانة تريد الهرب من شهرتها حيث تعيش بعيداً عن الأضواء للعلاج على أمل العودة مرة أخرى لوجه سندريللا الشاشة وقوامها وحيويتها وكان الناس والصحافة تضغط لمعرفة ماذا جرى للنجمة الجميلة..؟ وسعت الكاميرات لتسجيل الحالة الجديدة فى زيادة الوزن وضياع بعض ملامح الوجه والمتاعب الصحية التى برزت وعكست نفسها على سمات سعاد حسنى الفنانة. اختلاف الصورة وتبدلها كان وراء معاناة الفنانة.
السندريللا تحدثت للدكتور عصام عبد الصمد عن تأثير صلاح جاهين الجارف عليها الذى بلور شخصية «زوزو» ومنحها كلمات جميلة جعلتها تترجم طموحها القديم بالغناء والتعبير عن أغنية خفيفة تجد الصدى لدى الناس. كانت «زوزو» قوية وعنيدة تقاوم تخلف المجتمع وتواجه بالجامعة من يشنون حملة على الفن ويعتبرونه ضلالاً لابد التكفير عن ارتكاب إثمه، وصفحات الكتاب ترسم ملامح الإنسانة وهو فى أيام معرفته الأولى بها يتعامل معها كمريضة ويكتشف كنز السمات البشرية من بساطة مع عمق التأمل وعاطفة صادقة تجاه كل ما هو نبيل، تحب الضحك والفكاهة وسماع «النكتة» المصرية.
تحدث المؤلف عن أيام سعاد حسنى الأخيرة فى بريطانيا وهو يقدم الأوراق السعيدة أكثر من الحزينة، لكنه يعطى إشارات هنا وهناك تعبر عن لوعة ألم وحزن دفين، تعود لأيام الطفولة ورحلة الحياة فى عالم الأضواء. ومن المؤكد فإن الفنانة التى حققت كل هذه الشهرة لم تكن سعيدة وجاء غياب صلاح جاهين ليدفعها نحو الاكتئاب مما انعكس على أحوال الجسد. خاصة أنه بدأت أحوال السينما المصرية فى التغير، لذلك تعرض فيلمها «الدرجة الثالثة» لعدم الإقبال عليه.
ويحكى المؤلف عن أيامها الأخيرة ويحاول نفى اختيار الموت مع أنه يقدم شهادات طبية تشرح حالات الاكتئاب التى قد تنتهى بالانتحار فى لحظة خاطفة. رسم المؤلف اللقطة الأخيرة من قصة سعاد حسنى التى اختارت ترك شقتها والإقامة مع صديقة لها بسبب الأحوال المادية، حيث تم منع الإعانة الحكومية عنها ووجدت نفسها وحيدة وكان عليها السفر إلى القاهرة، وهى لا تريد القيام بهذه الخطوة مع استمرار مرضها وزيادة وزنها وتغير ملامحها. لقد كانت العودة فى ظل هذا الوضع هى الكابوس نفسه، ووجدت الفنانة نفسها فى حالة حصار وفى لحظة قررت الخروج من الجسد والأزمة. وفقدت الأمل وروح «زوزو» المتحدية، وكان عليها الخروج من مسرح الحياة فاختارت هذه الطريقة الفاجعة.
صفحات الكتاب ترسم سيناريو حياة سعاد حسنى بعيداً عن الوطن، حيث هناك لحظات الأمل والسعادة مع وجود حالة من الحزن خصوصاً بعد نشر مقالة مديحة عزت التى هاجمت الفنانة بقسوة شديدة، مسجلا حرص سعاد حسنى على كرامتها، ولعل اختيارها طريقة الخروج من الحياة كان ترجمة بشكل ما لهذا الموقف.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة