«فترتجف أوثان مصر من وجهه ويذوب قلب مصر داخلها».. إذا كان هذا حال مصركما جاء فى سفر أشعيا، حينما نزل لحظة نزول المسيح عيسى عليه السلام وأمه العذراء مريم بها، فإن قلوب المصريين لم تتغير كثيراً من هذا الحين، حتى بعد رحلتهما التى استمرت ثلاث سنوات تعطرت بهما مياه النيل وتشرف تراب الأرض من قدميهما.. كانت رسالته للمحبة وحديثه دائما للآخر، ورغم كل المنحنيات التى تشهدها علاقة الأقباط والمسلمين فى مصر، فإن الخط الوحيد الذى ظل مستقيما فى هذه العلاقة هى نظرة المصريين للمسيح عليه السلام ومشاعرهم نحوه.
والأزهر ليس بدعا من المصريين، فهو أيضاً يحمل هذه المشاعر للمسيح عيسى عليه السلام، حتى أن الدكتور أحمد الطيب قال فى إحدى لقاءاته التليفزيونية «أن المسيح جاء برسالة الكمال فى مجتمع شديد المادية لينقله من عبادة المال والأنانية القاتلة، إلى المحبة وتقبل الآخر» بل استشهد الطيب بمقتطفات من موعظة الجبل التى قالها المسيح، قائلا عنها «أنا كثيراً ما أتغنى بها حتى تدمع عيناى وأنا أكرر طوبى للودعاء طوبى لفقراء الروح طوبى للمحزونين».
وهذا الموقف وغيره من الطيب وباقى رجال الأزهر ليس فضلا منهم أو منة، إنما هو وقوف منهم على حدود القرآن والسنة وتعاليم الإسلام كما جاء فى سورة آل عمران «إِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِى الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ (45) وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِى الْمَهْدِ وَكَهْلاً وَمِنَ الصَّالِحِين َ(46).. وهو أيضا السبب الذى جعل الأزهر يرفض فيلما عن المسيح، واعتبره إساءة لنبى «نتصوره على أكمل ما تكون الكمالات الإنسانية، وهو معصوم أيضاً، كما أنه لا يخص المسيحيين وحدهم، بل هو نبى من أنبياء الله نؤمن به نحن المسلمين جميعاً» كما قال مجمع البحوث فى أسباب رفضه للفيلم.
فالمسيح فى نظر المسلمين جميعا، هو ذلك الغلام الزكى ابن السيدة التى اصطفاها الله من بين نساء العالمين لتكون أما للمسيح، وهى نظرة ترقى فوق بعض الأمور العقائدية المتشابكة، مثل الخلاف حول التثليث أو الصلب، ليبقى المسيح دائما هو الصورة التى يحملها الأقباط فى كنائسهم وعقيدتهم ويحملها المسلمون فى قلوبهم طاهراً ونقياً وشقيقاً لخاتم المرسلين محمد صلى الله عليه وسلم.
لمعلوماتك...
◄970 ميلادية أنشأ جوهر الصقلى قائد المعز لدين الله أول الخلفاء الفاطميين بمصر الجامع الأزهر لغرض نشر المذهب الشيعى إلا أنه حالياً يدرس الإسلام حسب المذهب السنى.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة