جاء فى القرآن الكريم أن الله وملائكته يصلون على النبى، أى يصلون على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، أى أن الله يقدم المثل للبشر فى حبه سبحانه وتعالى له وحب الملائكة له صلى الله عليه وسلم، وذلك لسمو أخلاقه «أدبنى ربى فأحسن تأديبى» وكما قالت السيدة عائشة «كان خلقه القرآن» وكما قال الله سبحانه «وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين» ووصفه صلى الله عليه وسلم لنفسه «ما أنا إلا رحمة مهداة» وقد وصفه الآخرون بأنه ما خُيِّر رسول الله بين أمرين إلا اختار أيسرهما. إنه كان يريد ومازال يريد الحق والنور والرحمة للعالم كله.
لقد شرح الله صدره الشريف «ألم نشرح لك صدرك» فتمت واكتملت نورانيته البشرية والنبوية، فلم يكن عنده هوى بل كان كله حبا للذات الإلهية الكاملة الموجدة للكون كله والتى شهدت الأرواح فى عالم الغيب بالعبودية له سبحانه وتعالى عندما سألهم «ألست بربكم قالوا بلى»، فكانت الروح المحمدية أول شاهد بالعبودية لله وأول من سجد بكليته لله، إنه الحبيب المحبوب الذى بالصلاة عليه تنحل العلل وتنفرج الكروب، ولقد قال الله تعالى «... والذين آمنوا وعملوا الصالحات وآمنوا بما أنزل على محمد وهو الحق من ربهم كفر عنهم سيئاتهم وأصلح بالهم».
إن الله سبحانه وتعالى قدم للبشرية النموذج الكامل «ولكم فى رسول الله أسوة حسنة...»، وهذا الكمال هو مصدر السعادة للإنسان، وقد كان هذا جليا فى قول الله سبحانه وتعالى «ما أمركم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا». لقد أشار الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم إلى الداء والدواء، ونظم الحياة حتى لا يجور القوى على الضعيف ولا يقهر القوى المسكين ولا يعتدى أحد على أحد فإن الله لا يحب المعتدين، وأوضح أنه كلما أسقط العبد أسباب المعصية وقلل من الذنوب اقترب من الله ورسوله صلى الله عليه وسلم أكثر، والذى يقترب من النور يمنح من الأنوار ومن البركات التى بها يهتدى الناس «وبالنجم تهتدون» ولقد وصف رسول الله أصحابه: «أصحابى كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم».
لقد محا صلى الله عليه وسلم الشرك ودل على سبل إنهاء الرق والعبودية المعنوية والمادية، لقد حرر الإنسان من الإنسان وأطلق للخير العنان، فأخوة الإسلام تعوق الظلم، وجهاد النفس يقتل أنانية الإنسان وحبه وسجوده للمال، لقد أعاد التوازن الحقيقى للحياة فكل ما فى الكون لله ومن الله وبالله وإلى الله.