إنها حقاً فتنة لا علاقة لها بالصالح العام، ولكنها فتنة تخرج من رحم المطامع الخاصة ومدى جبروت أصحاب السلطة والنفوذ، وللأسف هذه المرة كشفت هذه الفتنة عن الأجنحة المتصارعة فى حكومة د. أحمد نظيف، رئيس وزراء مصر، فاليوم تقلصت أزمة البث الفضائى وتحولت إلى مواجهة وصراع محموم بين أنس الفقى وزير الإعلام وحسن صقر رئيس المجلس القومى للرياضة، وأصبحت الحرب بينهما مشتعلة فوزير الإعلام يريد أن يقتنص حقوق البث للتلفزيون المصرى، حتى إنه عاد واحتضن الفضائيات الخاصة إلى جواره بعدما كان يرفض سماع أصواتهم وبدأ يصدر الأزمة فى وجه حسن صقر ليكشف أنه رجل غير قادر على حماية أو إعطاء الأندية الكروية حقوقها ولأن الأندية لا حول لها ولا قوة ويبدو أن اليأس قد عرف طريق قلوبهم أو قل الخوف بعدما لوح وزير الإعلام والذين حوله بأنها تعليمات فوقية بأن إذاعة المباريات على التليفزيون المصرى حق أصيل للمواطن وهذا بالطبع شعار ملفوف بالكذب وعدم الحقيقة لأن ليس معنى إذاعة المباريات بالتليفزيون أن تأكل حقوق الأندية الكروية ولم يطالب أحد من اللجنة السباعية بذلك ولكن فى حالة صراع الحيتان الحكومية الكل يتراجع ويخشى على نفسه من الشعار الغامض «تعليمات» ولم يعد الأمر قاصراً على هذا الصراع الحكومى.. بل استثمر أحد أصحاب شركات الإعلانات تلك الفتنة وألقى بكل أنواع البنزين فوقها وأخذ يدق الأسافين فى أذن وزير الإعلام فمرة يشوه صورة سمير زاهر رئيس اتحاد الكرة بأن دفاعه عن الأندية الكروية وحقوقها يخضع لقانون المصلحة الخاصة لزاهر ومرة يروج أن الشركة الإنجليزية التى عرضت شراء حقوق البث يملكها أحد المصريين الهاربين فى لندن والمتهم بأكل حقوق التليفزيون نفسه.. واستطاع هذا الرجل ثقيل الوزن والحجم أن يدير تلك المعركة لصالح شركته وإعلاناته.. والغريب العجيب فى تلك الأزمة المفتعلة هو ظهور حالة الخوف المفاجئ الذى أصاب الجميع سواء كانت الأندية أو اتحاد الكرة أو حتى القنوات الفضائية ويبدو أن الخوف هو الحل الأمثل للجميع.. وإلا فلماذا لم تهدد الأندية الكبرى مثل الأهلى والزمالك والإسماعيلى بعدم إذاعة المباريات إلا بعد أن تأخذ حقوقها أو لماذا لم تهدد تلك الأندية بأنها سترفض اللعب إلا إذا تم حل أزمة البث الفضائى ولكن نقول إنه يبدو أن زمن صالح سليم قد انتهى فهو زمن الرجل الذى كان يعيش بسياسة المستغنى الذى لا يريد شيئاً من أحد وكانت لا تعلو مصلحة فى حياته على مصلحة الأهلى الكبير الذى كان نموذجاً يحتذى به لكل الأندية قبل أن يتحول إلى نادى ضعيف لا حول له ولا قوة لا يعرف سبيلا لأخذ حقوقه.. بعدما ارتعشت يداه وبات ينتظر ما ستسفر عنه الأزمة بين الفقى وصقر ومن سيتكرم ويتفضل ويعطى الأهلى والآخرين حقوقهم ولكن على ما يبدو أن العصمة أصبحت فى يد الفقى.