لا يريد البعض أن يصدق أن تحرير الصيادين المصريين بعد معركتهم مع القراصنة الصوماليين كان نتيجة خطة وضعتها جهة سيادية مصرية وشارك الحاج حسن خليل صاحب المركب ممتاز 1 فى تنفيذها، وما أضفى على هذا الرأى صبغة الواقع غير القابل للجدل لدى المشككين، هو نفىِ بعض الصيادين أنفسهم لأى مساعدة، سواء من الحاج خليل أو من أى جهة سيادية، لنا أن نتفهم تماماً فقدان الثقة الكامل فى الحكومة عند مَن لا يصدق أو لا يريد أن يصدق؛ فالحكومة أخفقت ومازالت، فى كل شىء تقريباً، أخفقت فى التعليم، أخفقت فى الخدمة الصحية، أخفقت فى مياه الشرب، فى الصرف، فى الزراعة، فى خدمة المواطن وكرامته فى الخارج.. حتى فى اتهام المواطن بأنه مدلّع ولا يعجبه العجب وإن أشعلت صوابعك شمع! (تصريحات وزراء مصريين) إذن النية أو مجرد الاستعداد فى تكذيب الحكومة هو نتاج تراكمات سابقة وهذا مفهوم. من الناحية الأخرى، يرى البعض أن المنطق يحتم أن نصدق أن الصيادين تلقوا مساعدة، أضعف الإيمان بالمعلومات وتأمين الهروب وأن اتصال بعض الوزراء بهم بعد عملية التحرير بربع ساعة هو دليل على متابعة الجهات الرسمية ومعرفتها المسبقة بما حدث، وليس كما يقول بعض الصيادين، إن هذه الجهات أرادت أن تنسب النجاح لنفسها، مَن يصدقون رواية حسن خليل، وإن كانوا مقتنعين، إلا أنهم لا يملكون حتى الآن ما يُثّبت يقينهم وزهوهم بحكومتهم؛ فهناك تصريحات الخارجية التى كانت تدين الصيادين باعتبارهم خارقين للمياه الإقليمية الصومالية، وهناك تشكيك من أصحاب الشأن أنفسهم (الصيادين) وهناك سيناريوهات متضاربة تُحكى فى وسائل الإعلام، ولا يقابل كلَ ذلك أىُ بيان رسمى من جهة سيادية أو من رئيس الوزراء، كأن خطف الصيادين لأكثر من خمسة أشهر وانقطاع أخبارهم وخوضهم معركة بالأسلحة البيضاء ضد خاطفيهم المسلحين وأَسْرَهم ثمانية منهم ووصولهم مصر ليس بالشأن الكبير، وكأنه يحدث كل يوم! حجة الحكومة فى عدم إصدار بيان يليق بما حدث ستكون طبعاً أن تلك الجهة السيادية التى خططت لتحرير الصيادين لا تستطيع التصريح بكل التفاصيل لأسباب أمنية وسياسية، مفهوم! لا نتطلع إلى معرفة أدق التفاصيل ولا إلى معرفة ما يضع الدولة المصرية موقع الحرج مع أى دولة أخرى ولا يُصر أحد على أن تؤكد تلك الجهة السيادية بنفسها أنها وراء التحرير، ليعقد رئيس الوزراء أو أى مسئول عن جهة سيادية أخرى مؤتمرا صحفيا يؤكد فيه الحقيقة.. الحقيقة التى إن لم يروها بصدق الآن فسيحاسبه عليها التاريخ قريباً. تعامل الحكومة مع تحرير الصيادين المصريين بقدر أهميته لدى رجل الشارع قد يقطع الشك باليقين عند البعض وقد يكسبها بعض الثقة، وأضع خطاً تحت «قد» ولكن تجاهل الحكومة ممثلة فى أكبر المسئولين على أعلى المستويات لا يزيد إلا البَلبَلة، أما فيما يخص الصيادين.. فإن كانوا قد بدأوا معركتهم دون أدنى مساعدة فهم أبطال حقيقيون أن ينجحوا فى ذلك بعد معاناة جسمانية ونفسية لأكثر من خمسة أشهر؛ أما إن كانوا نفذوا خطة جهة رسمية فهم فعلاً أكبر مدعاة للفخر والزهو فقد طُلب منهم وهم فى هذه الحالة المزرية، أن يعرضوا أرواحهم للقتل فى معركة غير متكافئة لم يتم تدريبهم عليها، وفى كلتا الحالتين، قد حرروا أنفسهم بأنفسهم.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة