خلاصة القول، أنه لم يوجد رجال أعمال متعثرين أو هاربين بأموال البنوك، ولم يتم نزح مايقرب من 500 مليار جنيه للخارج. كل هذه مجرد أوهام، لم يكن هناك فساد مالى أو تواطؤ حكومى، ولم تنزح أموال البنوك.
ولا وجود للمرأة الحديدية أو الرجل المطاطى. الأمر كله مجرد مؤامرة لتشويه سمعة الشرفاء، ومطاردتهم ومنعهم من خدمة البلد.. هذه هى خلاصة الآراء التى نخرج بها من أحاديث السادة الهاربين الذين عادوا أو مازالوا ينتظرون.
هدى ورامى وأشرف وحاتم وعمرو وما يستجد. هدى عبدالمنعم قالت إنها سددت الكام مليون التى عليها للبنوك، وأشرف السعد أعلن أكثر من مرة أنه لم يضحك على المواطنين ولم يأخذ شيئا، بل إن البلد مدينة له. حاتم الهوارى قال فى حديثه للأهرام، إنه لم يعتد على أموال البنوك، وأن الأمر كان فقط مجرد 12 مليار جنيه و700 مليون جنيه سددها إلا قليلا. وقال إنه كان ضحية سقوط الاتحاد السوفيتى، وفشله فى العلاقات العامة، وأنه متعثر من بين كثيرين تعثروا، لكنه تعرض لمؤامرة. حاتم قال إنه خرج من مطار القاهرة بكل سهولة، حمل جواز سفره وطلع على المطار وركب الطائرة إلى لندن، مع أنه كان ممنوعا من السفر، بمعاونة صديق له. وطبعا كل رجل أعمال أو متهم هرب، استعان بصديق لإخراجه من المطار.
حاتم يتحدث عن 12 مليارا كأنه يتكلم عن علاوة عيد العمال، ولم يقل كيف سدد المليارات وهو خارج مصر، فهل كان من الممكن أن يسددها وهو فى الداخل. هدى عبدالمنعم قالت إنها سددت ما عليها، السعد قال إن له فلوس عند البعض. كل من يتحدث يقول إنه لم يهرب ولم يسرق.
أحاديث الهاربين والمتعثرين تقول إنهم جميعا غلابة وضحايا مؤامرات اقتصادية وسياسية، لم يخطئ أى منهم، ولا تجاوز، ولم يعترف مثلا أن الشيطان شاطر. كلهم سددوا وتعرضوا لمؤامرة مين الغلطان؟. وما الذى جرى طوال عشرين عاما، وأين ذهبت مليارات البنوك وأموال المودعين..
والطريف أن كل رجال الأعمال المتعثرين أو المستعيرين للمليارات، يقولون فى أحاديثهم الصحفية والإعلامية، إنهم يحبون مصر ويريدون العودة إليها، كل منهم يقول إن «مصر وحشاه وأنه يريد العيش فيها ولا يتصور حياته بعيدا عنها». وهذا الحب لاشك هو الذى دفعهم لتحويل أموال «مصر» إلى بنوك الخارج، وركوب الطائرات إلى لندن.
لقد تحول المتعثرون إلى نجوم فى الفضائيات والصحف، ينافسون المضحكين الجدد، والممثلين الجدد، ومسلسلات رمضان، وإعلانات السمن والمنظفات، وهو أمر يثير الحسد، ويجعل المواطن العادى المحدود راغبا فى أن يكون متعثرا وهاربا، تتحدث عنه الصحف وتخطب وده الفضائيات، خاصة وقد اتضح أنه لم يكن هناك تعثر ولا نزح للأموال وإنما مجرد سوء تفاهم، وشوية مؤامرات تسببت فى هروب الاخوة المتعثرين، وحتى لو خسرنا خمسميت مليار جنيه، فلا يهم أن نخسر مليارات ونكسب رجال أعمال يحبون مصر من لندن وباريس وكندا. ولاشك أن سوء الفهم هو الذى يجعلنا نتصور أن الحزب الوطنى لا يحب مصر، بل هو يحبها ويهيم بها عشقا. ولهذا يزوّر الانتخابات ويحتكر المنتجات ويغلقها على نفسه إنه الحب يا جماعة.