◄«خازن» أسرار النظام سابقا يطلق دانات مدفعه نحو القصر الجمهورى ويخوض معركتين شرستين مع حاشية النظام والمعارضة
القاعدة الرياضية المعروفة أن اللاعب فى أى لعبة رياضية يكتسب شهرته فى الملعب عندما يحقق البطولات، ثم تنحسر عنه الأضواء عند الاعتزال، ولكن وفى الآونة الأخيرة أرسى السياسيون فى مصر قاعدة جديدة، هى أنهم يبقون فى الظل لا يحققون بطولات حقيقية فى الملعب، وعندما يعلنون الاعتزال إجباريا وليس طواعية تنتابهم حالة من شجاعة «الوقت الضائع»، ويحاولون تحقيق انتصارات وهمية، فيكون لها مردود سلبى عليهم وتنقلب عليهم الجماهير وتتهمهم بأنهم ضللوها وهم فى الملعب وبدأوا اللعب بعد الاعتزال.
ومن اللاعبين السياسيين الذين لم يحققوا أى بطولات تعجب الجماهير عندما كانوا لاعبين محوريين فى الملعب الدكتور مصطفى الفقى، وعندما ابتعد عن دوائر السلطة بدأ فى إعادة حساباته، وأراد أن يحقق البطولات بعد الاعتزال فأصابته نوبة شجاعة متأخرة، فهاجم نظام الحكم فى مصر بطريق مغلف بورق «السوليفان» الشيك، حيث رهن نهضة وتقدم مصر بتداول السلطة، وهو الرأى الذى بدا أمرا مثيرا للدهشة «السياسية».
فالخازن السابق لأسرار الرئيس والرجل الأمين بـ«الحزب الوطنى» بدا كأنه يخلع عباءة الصمت «الرسمية» باحثا عن مكان فى ملعب المعارضة الذى يتابعه غالبية المصريين فيزداد شهرة، وبدأ أولى خطوات النجومية بإطلاق تصريح صادم فى اتحاد الكتاب مؤخرا قال فيه: «أتمنى أن يتحول منصب رئيس الجمهورية إلى منصب شرفى وأن يحكم رئيس الوزراء كما فى الديمقراطيات الحديثة».
وهو التصريح الذى فتح عليه نار جبهتين، الأولى جبهة حاشية النظام الذين سخروا أبواقهم للهجوم عليه بضراوة، والثانية جبهة المعارضة التى لم تصدق «الفقى» واعتبرته رجل النظام الأمين الذى مهما انقلب عليه النظام سيظل وفيا له.
ورغم ذلك استمر الفقى فى نوبة الشجاعة، وأطلق قذيفة أخرى فقال «إن حكم الفرد هو سبب الوضع السيئ الذى وصلت إليه مصر الآن، وإنه لا سبيل للخروج من المأزق إلا بالديمقراطية التى يراها صمام الأمان الحقيقى للمجتمع»، ولم يكتف بذلك بل استمر فى إطلاق داناته مؤكدا أن التغيير فى مصر بطىء وهادئ ولكنه قد يتحرك للحظة واحدة فيغير فى الكثير من معالم الحكم بها.
تلك الحالة من الشجاعة المتأخرة لم تقنع كثيرا من متابعى الفقى الذين اعتبروها توظيفا ماكرا للأحداث بحيث تصب فى صالحه فى النهاية، فلا يمكن «لخازندار» أسرار النظام أن ينزلق بسهولة ويقول «إن مصر تعانى من غياب للعدالة الاجتماعية وفقر يفضى إلى الموت» إلا إذا كان يهدف منه إلى بيع المصطلحات الرنانة لاكتساب تعاطف وشهرة سيسخرها فى وقت لاحق لتحقيق أهدافه الشخصية.
الشجاعة المتأخرة للفقى وصفتها الأغلبية الحاكمة بأنها محاولة لخطف الأضواء وإثارة زوبعة تعيده إلى الأضواء بعد أن غادره البريق وتقلص دوره بين صناع القرار.. فالأصوات الرسمية دائما ما تنظر إلى من يصل لمرحلة الفقى بعين الشفقة لأنه، بحسب رؤيتهم، يريد مغازلة التيارات المعارضة وكسب دعمها أطول مدة حتى يجد طريقه بسهولة بينهم، فى أى حزب ليبرالى أو تكتل وطنى، إذا ما خرج من حمى السلطة.
غير أن رأيا آخر يقول بأن الفقى تقمص تلك الشخصية لعلمه أن صناع القرار بالحزب الوطنى قرروا استبعاده من قائمة مرشحى الحزب لانتخابات مجلس الشعب المقبلة تحت عباءة الوطنى لعدة أسباب، منها أن الفقى أصبح محسوبا على أصحاب الفكر القديم الذى يتعارض مع تيار التجديد المسيطر على الحزب، بما ينذر بتكرار سيناريو كمال الشاذلى ويوسف والى، بجانب أنه أصبح «كارتا محروقا» بعدما فقد جزءا من مصداقيته على خلفية فوزه «المثير للجدل» بمقعد البرلمان أمام الدكتور جمال حشمت الجدل الذى استمر عامين ولم يحسم إلا بحكم قضائى، إضافة إلى ذلك لم يقدم الفقى أداء برلمانيا لامعا وبدا طوال الدورة البرلمانية منكسرا بفعل الحديث المتكرر عن نجاحه بالتزوير، وكلها مبررات لاستبعاده من الشعب ونقله إما إلى مجلس الشورى كعضو معين أو منحه منصبا شرفيا بأى جهة حكومية ذات طابع استشارى، وفى أسوأ الاحتمالات الإبقاء عليه مقررا بأى لجنة من لجان «الوطنى» بعيدة عن المناطق المؤثرة بالحزب.
بينما يرى آخرون أن الفقى لم يدخل تلك المنطقة بإرادته وإنما رغما عنه.. وأنه تلقى ضوءا أخضر من القيادة السياسية للخوض فى مناطق قد تبدو محرمة والاشتباك مع الحكومة واتهامها من حين لآخر بالفشل وعدم تحقيق إنجازات.. هؤلاء يتحدثون عن أن الفقى يتلاحم شكليا مع المعارضة بأوامر فوقية.. وذلك لإبراز 3 أمور، أولها التأكيد على الفكرة التى يروج لها الحزب الوطنى بأنه يضم أصواتا معارضة تسعى لإصلاحه من الداخل، وثانيها إظهار الحزب بمظهر المستعد للتحاور مع التيارات الأخرى لدرجة أن عددا من قياداته أصبحوا يتواجدون بكثرة فى لقاءات تنظمها تلك التيارات، أما ثالثها فتحسين صورة مصر خارجيا وإبراز أن الساحة الداخلية تعج بالحراك السياسى بدرجة تدفع أحد رجال السلطة لاتهامها علنا بالجمود وعدم التغيير.. وأصحاب هذا الرأى يستندون إلى عبارات يطلقها الفقى، أثناء نوبات الشجاعة، يهاجم فيها الأنظمة العربية ويتهمها بمعاداة مصر فى مجاراة منه لموقف مصرى غير معلن.. وهذا دليل كاف، عند أصحاب تلك الرؤية، على أن الفقى يفتعل الشجاعة بينما هو ينفذ دورا مطلوبا منه بحنكة سياسية شديدة.. يهاجم الحكومة وينتقد أداءها ويعلن غضبه على السلطة، ثم ينتقل فجأة للتعبير عن مواقف مصرية رسمية تجاه أطراف خارجية، ثم ما يلبث أن يعود فجأة للهجوم على الحزب والحكومة واللعب على وتر «الفقر» و«غياب الديمقراطية» فى إطار سيناريو مرسوم بدقة.
وفى كل الأحوال فهذه الشجاعة المتأخرة هى من أجل طموح سياسى جديد.
لمعلوماتك...
◄2005 فاز الفقى فى انتخابات البرلمان بعد منافسة حامية مع الإخوانى جمال حشمت
بدأ فى إطلاق انتقاداته ضد النظام
سر الشجاعة المتأخرة للدكتور مصطفى الفقى
الجمعة، 11 سبتمبر 2009 04:27 ص
مصطفى الفقى
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة