جمال الشناوى

محاكم «تفتيش» القلوب

الجمعة، 11 سبتمبر 2009 01:37 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
حدثان أثارا انتباهى.. ورحت أسأل عن صحة المعلومات التى ترددت فى الأيام الأخيرة.. الحدث الأول هو قرار محافظ أسيوط اللواء نبيل العزبى.. مدير أمن القاهرة السابق ومحافظ أسيوط الحالى.. أما القرار الذى نفاه الرجل.. فهو منع دخول النساء مبنى المحافظة بدون «محرم»، ورغم نفى المحافظ، إلا أن معلومات أخرى تقول إن الرجل لم يصدر قرارا مكتوبا.. وربما أوحى لمساعديه بذلك.. الرجل المهذب جدا أو مساعده الذى وشى بزملائه.. ونقل نميمة عن مغامرات عاطفية فى أروقة الديوان.. هذا هو سبب «شبه» القرار الذى تردد فى أروقة ديوان محافظة أسيوط.. الحيرة أصابتنى بين نفى المحافظ.. وتأكيدات مراسلى الصحف هناك.. وأيا كان الموقف فإن المؤكد أن حديثا من هذا النوع لابد أن يكون له أساس.. والخطورة أن الفكر الذى أنبت «الشائعة» أراد تحويل ديوان المحافظة إلى «سعودية» الصعيد.. لا يدخلها النساء إلا فى وجود محرم ليحرسها.. وأتمنى أن يكون النفى السريع من المحافظ ليس سببه «غضب قيادات المجلس القومى للمرأة.. والاتصالات التى انهالت عليه منهن».

وبعد أسبوع نشرت «اليوم السابع» تفاصيل حملات مطاردة المفطرين فى أسوان.. وطبعا الجهر بالإفطار عمدا هو سلوك غير أخلاقى قبل أن يكون معصية دينية.. ولكن تقويم سلوك شاذ، لا يكون بالحبس فى زنزانة.. أو التجريس، وعلى أية حال ليس بالسجن وحده نضبط معاييرالتدين.. فهو يتناقض مع وسيلة الرسول «ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة».. فهناك دول تطلق جماعات العصى الغليظة المسماة بجماعة الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر.. والنتيجة انتشار الرذيلة سرا.. وإصابة تلك المجتمعات بالازدواجية.. وتجدهم ركعا سجدا.. لكن مع أول فرصة يتسابقون إلى الخمر والنساء فى كل مكان يقصدونه.. على علماء المسلمين أن يعيدوا صياغه أساليب الدعوة، ويصونوا صحيح الحديث.. والأهم أن يجددوا فى خطابهم إلى العامة بما يناسب العصر.. وكفى محاكم تفتيش على القلوب.. التى تهفو إلى الإيمان، ولكنها لا تجد من يرشدها إلى صواب الطريق.

أما من يرى كل نسائنا خليعات، ولا يجوز لهن دخول مصلحة حكومية دون حارس شخصى لها.. فعليه وفورا أن يغادر منصبه، فمصر من أكثر الدول بها نساء محترمات ليس فقط بسبب تعاليم دينية «إسلامية.. أو مسيحية» لكنهن أمهاتنا وبناتنا اللاتى توارثن حسن الخلق.. ومن يغطى فشله فى عمله بالتفكير الوهابى، عليه أن يرحل ويعود إلى منزله يطلق اللحى ويتفرغ للتفتيش فى قلوب البشر.. وهى المهمة التى أنكرها الرسول على المسلمين الأوائل.

الخطأ هنا هو عدم وضوح توجهات الدولة فى كل شىء،، فمثلا لا هى تطبق قواعد اقتصاد السوق.. ولا تقبل بالاشتراكية.. تجدها دائما «بين البينين» فى كل سياساتها.. ومبدأ فصل الدين عن الدولة تعلنه منذ الراحل السادات.. ولا هى أصبحت دولة علمانية مثل تركيا مثلا.. ولا هى إمارة إسلامية وهابية.. حكوماتنا لاتقدر على اتخاذ سياسة واضحة فى المجالات.. وستظل هكذا.. فى حين أن دولا إسلامية أكبر منا عددا وأكثر منا تقدما.. أوصلت صناديق الانتخاب فيها إلى رأس السلطة.. بينما نحن غارقون فى حرب فتاوى حول جواز تولى المرأة لسدة الحكم.. على الدولة أن تتخلى عن سياسة العظيم فؤاد المهندس «بين البينين» فلا هى بشنب.. ولا من غير شنب.









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة