كل المقدمات تؤدى إلى نتيجة واحدة، وكل المعادلات تؤكد صعوبة تأهل المنتخب المصرى للمونديال، والعقل والمنطق يقولان إن الجزائر هى صاحبة تذكرة التأهل لكأس العالم.
الصورة مظلمة، والرؤية عبر نافذة المونديال تبدو ضبابية، وكل السيناريوهات التى يرسمها المتفائلون من أجل التأهل تبدو مضحكة، تُذكرنى بفقير يحلم بالغنى والمال الوفير، فيضع لنفسه كل ليلة سيناريو ينقله إلى عالم آخر، يومًا يؤسس شركة كبيرة، ويومًا يشترى سيارة فارهة ضخمة، وفى النهاية يستيقظ فيجد نفسه لم يتحرك إلى الأمام.
ووسط هذه «العتمة»، يظهر ضوء خافت ضعيف، لا ارتباط له بعقل ومنطق أو حسابات ومعادلات، ضوء اجتماعى تاريخى سياسى ثقافى، صنفه تحت أى بند شئت، وسمه كما تحب، هو ضوء وليد من طبيعة المصرى وتركيبته التى تكره النظام وتحب العشوائية، وتعشق التحدى وتظهر معدنا نفيسا فى الشدائد.
الأمل الآن، أن يتوحد اللاعبون مع الجماهير، وتذوب الفوارق بينهم، فيشعر كل لاعب بمعاناة الملايين وخوفهم وقلقهم من ضياع حلم التأهل، الأمل أن يؤدى لاعبو المنتخب بروح المشجع الذى ينفطر قلبه أمام شاشات التليفزيون، ويفقد صوابه مع كل هجمة تضيع أو كرة يسددها أحد اللاعبين برعونة.
لسنا الآن فى حاجة لمن يخرج فيطرح لنا سيناريوهات كثيرة للتأهل، ويقول إذا فازت الجزائر على رواندا بهدف وفزنا على زامبيا بثلاثة أهداف، فسنحتاج إلى هدفين فى القاهرة لضمان التأهل، أو إذا فزنا وخسرت الجزائر أو غير ذلك، كل ما نحتاجه الآن هو شحن اللاعبين، علينا أن نحرك فى داخلهم معانى الانتماء والوطنية، ونترك للجهاز الفنى اختيارات اللاعبين دون اهتمام بمن تواجد فى القائمة ومن غاب عنها.
نحن الآن فى حاجة إلى انتفاضة عامة، تبدأ من جماهير الكرة المصرية على اختلاف اننماءاتها وتنتهى عند أقدام اللاعبين، فى حاجة إلى «تثوير» أبناء حسن شحاتة واستثارة دوافعهم، علينا أن ننسى أو نتناسى قليلاً الدورى المصرى، ونوحد وجهتنا صوب تشجيع المنتخب فى المرحلة المقبلة.
أؤكد الآن، أن التأهل للمونديال ليس سهلاً، وأن إحساسنا بقدرة اللاعبين على مخالفة التوقعات وتحقيق المعجزة وارد وبقوة، ولكن حتى إذا تأهلنا فعلينا إعادة النظر فى «منظومة الكرة المصرية» إن صح وصفها بمنظومة، علينا التفكير فى الأسباب التى جعلتنا نصل لهذه المرحلة، وكيف عجز أفضل أجيال الكرة المصرية عن حسم التأهل المبكر للمونديال رغم سهولة المجموعة التى وقعنا فيها، علينا أن نحاسب المسئول، وأن نضع السادة الأفاضل أعضاء اتحاد الكرة فى الميزان قبل أن نضحى بحسن شحاتة وجهازه الفنى.
فاصل أخير
المنتخب المصرى، بجهازه الفنى ولاعبيه، من وجهة نظرى، هم ضحايا نظام كروى فاسد، ليسوا سببًا فى عدم التأهل، المعلم ورجاله أسعدوا المصريين كثيرًا، وحملوا على عاتقهم مهمة إسعاد الملايين، لم يكن «البيزنس» هو همهم أو الفوز بصفقات فى الخفاء هو شاغلهم من وراء المنتخب المصرى.