هل تذكرون المرأة الحديدية التى أرّخت لعصر جديد فى البنوك والسينما والصحافة؟ عادت.. بعدما يقرب من ربع قرن من الفساد، محاميها قال إنها عادت بمحض إرادتها، وهذا مؤكد، عادت هدى عبدالمنعم بجواز سفر منته فتم القبض عليها فى المطار، وتعد البنوك قوائم بديونها البالغة 130 جنيها «بس»، مصدر بالنيابة العامة قال لوكالة أنباء الشرق الأوسط إن النيابة نسبت إلى المتهمة فى قرار الاتهام الذى صدر الحكم ضدها على أساسه «عشر سنوات غيابياً مع الأشغال طبعاً» تهمة التزوير للحصول على تسهيلات ائتمانية قيمتها 2.5 مليون دولار، بخلاف قضايا شيكات متناثرة، مصادر أمنية قالت لـ«المصرى اليوم» إنها حضرت إلى مصر بعد الاتفاق مع المسئولين على إنهاء قضاياها وتسديد مديونياتها والتصالح فى قضايا النشر، سارقو فلوس الناس فى الأيام «المفترجة» الفائتة يدافعون عن أنفسهم فى الصحف القومية من «المنفى»، ويؤكدون أنهم ضحايا، وأنهم يحبون مصر وعائدون عائدون لخدمتها، هدى عبدالمنعم لا يمكن مقارنتها بالذين أتوا بعدها، والذين وضعوا عربة التنمية فى «الجراج»، ودفعوا لسائق قطار «الإصلاح».. لكى يجد المواطنون أنفسهم بعد ربع قرن من الفساد.. فى العراء.
وجدتنى - على غير عادتى - أمام التليفزيون لفترات طويلة فى الأيام الماضية، خارجاً من مسلسل داخلاً فى غيره، لا أعرف ماذا أشاهد؟ ولماذا؟ شخصيات مستعارة تشبه أناساً فى بلد مثل بلدى، قضايا تشبه القضايا، تشعر أنك فى بلد رائد فى «التمثيل»، صرعت خصومك الفضائيين وأنت جالس على الكنبة «الأرضية» وإذا قمت لعمل «السلاطة» قبل الإفطار تشم رائحة غريبة.. أنت فى رمضان هذا العام مربوط بأكاذيب رائعة، غير قادر على استطعام معنى الشهر العظيم.. وستكتشف فى نفسك بلاهة.. تتسق مع الشعار الإعلانى «جدد رمضانك».
يوجد فى مصر 50.6 مليون مشترك فى شركات المحمول الثلاث، 96.4% منهم يستخدمون الكروت المدفوعة مقدماً، هذا ما كشفه الرئيس التنفيذى للجهاز القومى لتنظيم الاتصالات عمر بدوى، ومع هذا لا يوجد كلام فى البلد، ويشعر كل مستخدم أنه وحيد ومحاصر، إما بالمجارى أو بالتوريث، أو بأنفلوانزا الخنازير، والحديث عن تجاوز الأزمة العالمية، وقدرة الحزب الحاكم على الوقوف بجانب الفقراء فى القرى الأكثر فقراً.
السبت المقبل يلعب منتخبنا مباراته المصيرية أمام رواندا فى رواندا، وبإذن الله سنتجاوزها لأنها مصيرية، لأننا باعتبارنا جماهير، فى حاجة إلى انتصار ما، يعوضنا عن الخسائر اليومية فى الحياة، غياب زيدان وتذبذب مستوى آخرين، وارتباك حسن شحاتة وغموضه، لن يثنينا عن التخلص من إحساسنا بالفشل.
فى الأسبوع الماضى كنت ضيفاً «مريضاً» على معهد الكلى فى المنصورة، بصحبة صديقى الكبيرين الدكتور حسانين كشك والمستشار أحمد صبرى أبوالفتوح صاحب ملحمة السراسوة الفاتنة، شعرت بالزهو لأن هذا المكان موجود فى مصر، ذوق ونظافة ونظام وتواضع وخبرة، أسس لها الرائع أبداً الدكتور محمد غنيم وسلمها لمدير المركز العالم الكبير الدكتور حسن أبوالعينين.. فى العيادة الخارجية، يجلس، يفحص المرضى بنفسه، فى غرفة ضيقة مريحة حسنة الإضاءة.. رجل بسيط مثل أستاذه، قليل الكلام، أداؤه «وسط المكان» يؤكد لك أنه من الممكن.. أن نكون أفضل.