فى كتابه الجديد "إحياء العقيدة"، قال الباحث الفرنسى يوسف بن لوز التونسى الأصل "إن قليلا من الفلسفة لن يضر الدين. وأن المسلمين فى حاجة لبعض المنطق بعد أكثر من 1400 عام من الرسالة المحمدية".
بن لوز الذى درس الفلسفة الإسلامية قال: "إن خطيئة المسلمين فى عصور ما بعد التابعين أنهم اعتبروا الفلسفة قلة إيمان والجدل تضيع وقت، لذلك خرجت معظم نظريات الفلسفة الإسلامية من غير العرب.. كالرازى والسهروردى والشهرستانى والدهلوى.
خسر المسلمون الكثير باعتبارهم الفلسفة سفسطة، و"الاجتهاد" فى وجود السنة خروج عن العقيدة.. مع أن هذا ليس صحيحا، حتى النظريات الكفرية لمسلمى الفرس كان فيها ملامح منطقية وأدوات يمكن البناء عليها، وتحليلها لصالح الدين.. لكن هذا لم يحدث أيضا.
مدرسة الحديث فى المدينة هى السبب، بعدما رفض أهلها اجتهادات مدرسة "الرأى" العراقية، للاعتقاد الراسخ بأن "النقل" يبطل "العقل".
والنتيجة كانت.. كارثة!
"النقل" هو القرآن والسنة، لكن العقل هو تفسير كتاب الله بالمنطق، مع الاجتهاد وفق قاعدة تغير الأحكام مع تغير الأزمان حتى لو خالف الاجتهاد سنة، أو تفسيرا قديما لآيات الله.
قال بن لوز فى كتابه الموسوعة: "إن التجديد فى الإسلام "تكلس"، وأن "المنقول" الذى ارتبط بالنظريات التراثية حول المسلمين عن طريق العقل، تحول الدين لطقوس تبدأ بالصلاة جماعة، وتنتهى بإعداد ولائم رمضان، وتوزيع العصائر على قائدى السيارات وقت آذان المغرب فى شهر الصيام!!
المعنى أن فلسفة المسلمين العقائدية ليست على ما يرام، حتى الآن لم يستطيعوا حسم مسائل جدلية مهمة تدفع بعقولهم العقيدية إلى الأمام.
المسائل الجدلية العقائدية ليست مهمة فى ذاتها، لكن مواجهتها فكريا عاملا مهما فى الطريق تحرير عقل المسلم من "تابوهات" لم يملك شجاعة إخضاعها للنقاش من قبل.
"الفتنة الكبرى" وقضية" الأرزاق والأعمار "ونظرية" المكتوب على الجبين لازم تشوفه العين" ومسئولية البشر عن أفعالهم.. كلها "تابوهات" تضاءل بحثها على حساب نواقض الوضوء، وأدعية دخول الخلاء.. وفقه سنن الجماع.
فى الفتنة الكبرى خرجت السيدة عائشة مع طلحة بن عبيد الله والزبير بن العوام لقتال على ابن أبى طالب– رضى الله عنهم - وكلهم مبشرون بالجنة.
"الفتنة" أحدثت هزة شديدة، بعدما قتل جيش على بن أبى طالب طلحة بن عبيد الله . لأن أحدهما فى النار. فجدليا لا يمكن أن يكون المتقاتلان على صواب فى نفس الوقت! السنة سكتوا خوفا، بينما طغى الشيعة فى تحليل النتيجة.. فأخطأ الاثنان.
قال بن لوز أيضا أن فكرة "المكتوب على الجبين" ليست إسلامية، لأن الله سبحانه لم يكتب شيئا على عباده، صحيح هو سبحانه الذى نظم القوانين الخاصة بالكون بداية خلقه، لكنه لم يدخل فى علمه ما سوف يقدم عليه العباد من اختيارات.. إلا بعد اختيارهم، ووفق القوانين الذى وضعها سبحانه.
لم يكتب الله على أبو بكر الإيمان، كما لم يكتب على أبو لهب الكفر، لأنه لو كان كتب على كل واحد منهم اختياره، فأصبح كل منهم ملزوما بإرادة الله.. ثم مات أبو بكر مؤمنا، ومات أبو لهب كافرا.. فالاثنان يجب أن يكون مصيرهما الجنة، لأن الاثنان كانا ينفذان "إرادة ربانية" !
بن لوز عنده حق.. !
• مساعد رئيس تحرير جريدة روزاليوسف
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة