قبل أن تنتهى مباراتا تونس مع الكاميرون وزامبيا مع الجابون بثلث الساعة فى المرحلة الأخيرة من لقاءات المجموعة الرابعة فى نهائيات الأمم الأفريقية لكرة القدم، أدركت أن ثمة ارتباكا سيحدث بين الكثيرين فى الأوساط المصرية لتحديد الفريق الثانى من المجموعة والذى سيلتقى مع مصر فى الدور ربع النهائى.
كان منتخبا تونس والكاميرون متعادلين 2 - 2 بينما يتقدم منتخب زامبيا على الجابون 2 - صفر.. وكنت فى ذلك الوقت خارج القاهرة فى إجازة من عملى لتحليل مباريات البطولة على إذاعة الشباب والرياضة.
حرصت على توضيح الأمر للجميع، ومنح ميزة للإذاعة التىأعمل بها بتحقيق السبق بين الشبكات والقنوات والمواقع، بالانفراد الباكر بتحديد ترتيب المجموعة ومباراة مصر التالية.. وبادرت على الفور بالاتصال بالزميل عمرو مخلوف المسئول عن الإعداد فى الإذاعة وأبلغته اننى أريد التدخل فى الاستوديو مع الضيوف لتوضيح اللائحة والأمور الخاصة بالمجموعة، ورحب مخلوف بالأمر ووعدنى بالعودة السريعة.. ولكن الكابتن أحمد شوبير كان الأسرع بالاتصال وسألنى عن الموقف وشرحته له بسرعة، مؤكداً أن مصر ستلتقى مع الكاميرون.. وشكرنى سريعاً وانتظرت اتصال الاذاعة، وبالفعل تم الاتصال ورحبت بضيوف الاستوديو فى الاذاعة الكابتن أحمد الشناوى خبير التحكيم والكابتن أحمد عبدالحليم المدرب الحالى ونجم مصر والزمالك السابق والاستاذ مازن مرزوق العضو السابق فى لجنة المسابقات والزميل كمال جابر مذيع الفترة.
وقمت على الفور بشرح اللائحة الخاصة بالصعود والتى تركز على منح الافضلية عند التعادل فى رصيد النقاط بين فريقين أو أكثر إلى المباريات المشتركة بينها.. وأكدت ان الموقف الحالى بتعادل تونس والكاميرون وفوز زامبيا على الجابون، يؤكد ان منتخبات الكاميرون وزامبيا والجابون متساوية فى رصيد النقاط.. وأن فارق الأهداف فى اللقاءات المشتركة يمنح الأولوية لزامبيا والمركز الثانى للكاميرون والثالث للجابون التى تغادر البطولة بينما يلعب المصريون فى ربع النهائى مع الكاميرون فى مواجهة ساخنة للغاية.
ونظراً لأن الوقت الباقى من المباراة كان قد اقترب من خمس دقائق فقط حرصت على وضع عدد من الاحتمالات أمام المستمعين وطلبت منهم إحضار ورقة وقلم لكتابة الاحتمالات والمتغيرات اذا تمكن أى فريق من الأربعة من تسجيل هدف.
أكدت ان هدفا للكاميرون يمنحها صدارة المجموعة وزامبيا الثانى لمواجهة مصر.. وأى هدف لتونس يمنحها أيضاً الصدارة وتبقى زامبيا الثانية بينما لايتأثر الترتيب الحالى فى المجموعة بصدارة زامبيا وخلفها الكاميرون الثانية اذا سجلت زامبيا هدفا فى الجابون او حتى إذا سجلت الجابون هدفا فى زامبيا.. وشكرتهم وتمنيت لهم التوفيق وفور اغلاق الهاتف سجلت الجابون هدفا وهو بالطبع وكما قلنا على الهواء لا يغير شيئاً من الوضع.. وتبقى زامبيا الأول والكاميرون الثانية.
وفور اغلاق الخط ونهاية المباراتين جاءنى اتصال سريع من الكابتن شوبير ليقول لى ان قناة الجزيرة القطرية صاحبة الحقوق الحصرية فى البطولة أعلنت فى الاستوديو التحليلى الخاص بها ان الكاميرون هى الأولى وان زامبيا هى الثانية وبالتالى ستلعب مصر مع زامبيا فى ربع النهائى.. وأضاف شوبير ان عدداً كبيراً من المحللين اتفقوا على نفس الرأى مما أثار شكوكاً لديه حول صحة ما قلته له.. ولكننى بادرته مداعباً وسألته عن اسمه هل هو أحمد عبدالعزيز شوبير أو أحمد عبدالعزيز على.. ورد ضاحكا شوبير طبعاً.. وقلت له اذا اصبح اسمه احمد على ستكون الجزيرة صادقة وتلعب مصر مع زامبيا واذا استمر اسمه أحمد شوبير ستلعب مصر مع الكاميرون.. وضحكنا وتبادلنا التحية.
وجاء الاتصال هذه المرة من الشباب والرياضة مرة اخرى حاملا نفس اللبس.. ولكننى شرحت اللائحة مرة أخرى وبكل هدوء وأزلت اللبس الذى كان موجودا بسبب تساوى رصيد الأهداف بين الكاميرون وزامبيا فى مجموع المباريات مؤكداً اننا لا ننظر أبداً إلى مجموع المباريات إلا بعد متابعة النتائج المشتركة.
وتبادل الضيوف الكرام معى الاسئلة حول غرابة اللائحة أو تعديلاتها وأكدت لهم انها معلنة من عامين وانها لم تتغير عن سابقتها فى بطولة غانا 2008 وان النتائج المشتركة لها الأولوية باستمرار فى لوائح الاتحاد الافريقى فى كل مسابقاته.
وتحدثنا عن لقاء الكاميرون المنتظر فى ربع النهائى وفرص مصر فى الفوز والتاهل إلى نصف النهائى.
الغريب ان عدداً كبيراً من المسئولين فى الإعلام بين القنوات العربية والمحلية والصحف الرياضية والصحف الكبرى ومواقع الانترنت ظلوا على ارتباكهم لساعات طويلة مما أربك الملايين من المتابعين للمنتخب والبطولة.. وزاد الطين بلة ان كريم حسن شحاته نجل المدير الفنى المصاحب للبعثة فى بينجيلا اتصل بالاذاعة مؤكداً ان مصر ستلتقى أيضاً مع زامبيا وليس الكاميرون.
ما حدث فى تلك الليلة يؤكد للمرة الألف بعد المليون ان الثقافة فى الإعلام الرياضى العربى لا تزال ضحلة جداً.. وان الكثيرين من العاملين يفتقدون لابسط المبادئ الخاصة بضرورة دراسة لوائح المسابقات قبل تحليلها على الهواء أمام الملايين.
ويبدو ان دور الإعلام الرياضى عربياً قاصر على النقد والهجوم على الاتحادات والاندية واللاعبين والمدربين والمسئولين والحكام.
أو مدحهم.
وكان الله بالسر عليما!ً!