ملثما شهد العام الماضى بعض الانتصارات والإنجازات فإنه شهد أيضاً بعض المآسى، فالعالم يعيش فى دوامة من الصراعات المتواصلة، ويبدو أن العالم قد أخذ عهداً على نفسه بعدم التوقف قليلاً حتى يعطى نفسه الفرصة لتقييم ما وصل إليه فى صراعه ما المكاسب وما الخسائر؟ وهل يقوده هذا الصراع إلى نتيجة ما أو هدف معين؟، وهل يستحق الهدف كل هذه المآسى التى يعيش فيها؟، هل هناك هدف يسعى إليه العالم من هذا الصراع أم أن كل هذا الصراع ليس له معنى؟ وفى ظل أزمة مالية سحقت دولاً كثيرة المتقدمة منها والنامية.
يأتى عيد ميلاد السيد المسيح يوم 25 ديسمبر عند المسيحيين الغربيين ويوم يناير، حيث يحتفل به المسيحيون الشرقيون لينهى سنة ويبدأ سنة جديدة دون أن يتوقف الكثير منا قليلاً أمام هذه المناسبة، ليراجع نفسه قليلاً ما الذى زرعه؟، وما الذى جناه فى هذه السنة؟ وما الذى قدمه لنفسه وللمجتمع الذى يعيش فيه؟
إننا نحتفل بميلاد المسيح وفى ظنى أننا نأخذ من المناسبة الشكل فقط لا الجوهر. أى ما يتعلق باللباس والشرب، وما هو متعارف عليه فى الأعياد والمناسبات السعيدة دون أن نتوقف أمام الحدث نفسه لنتعلم منه شيئاً يوم الميلاد كانت رسالة السماء (المجد لله فى العالى وعلى الأرض السلام وبالناس المسرة)، جاء المسيح برسالة الحب والسلام فقد قال (أحبو أعداءكم باركوا لأعينكم أحسنوا إلى مبغضيكم وصلوا لأجل الذين يسيئون إليكم ويطردنكم)، وطوب صانعى السلام بقوله طوبى (يا لسعادة) لصانعى السلام لأنهم أبناء الله يدعون، فعندما نصنع السلام نكون أبناء الله.
وهكذا فإن ما يحتاجه العالم اليوم هو الحب والسلام بدلاً من البغض والكراهية، إنه يحتاج التسامح والغفران بدلاً من المرارة والحقد.
أتخيل لو أن قادة العالم فكروا فى استخدام الحب فى حل المشاكل لما وصل العالم إلى الوضع الحالى من صراع تتحول معه مشكلة صغيرة إلى حرب تأكل الأخضر واليابس، لو حاول قادة العالم نشر السلام لكان العالم قد اختلف اختلافاً جوهرياً عما هو عليه الآن.
علينا أن نزرع الحب لنحصد سلاماً مع أنفسنا ومع الآخرين، علينا أن نعضد الآخرين ونساعدهم بقدر استطاعتنا، فالخير الذى تفعله اليوم سوف تجده غداً، فقد قال سليمان الملك والحكيم (ارمى خبزا على وجه المياه فسوف تجده بعد أيام كثيرة)، فلنساعد الفقراء ولنأخذ مثال الراحلة الأم تريزا التى وهبت حياتها للفقراء الهنود من ناحية أخرى، وأيضاً لا ننسى أن المسيح ولد فى مذود بقر وهو درس للفقراء والأغنياء على السواء.
القراء الأعزاء.. لنأخذ دروساً من عيد ميلاد السيد المسيح وفى مقدمتها دروس الحب والعطاء والتضحية وإسعاد الآخرين، دروس نتعلمها ونعيش بها، لتكن قلوبنا مملوءة بالحب والعطاء وبالتسامح وقبول الآخر.
وأخيراً أقول كل سنة ومصرنا الحبيبة بخير وسلام وشكراً للرئيس مبارك على هديته للأقباط بإعطاء الأقباط يوم 7 يناير إجازة رسمية لجميع المصريين.
* وزير القوى العاملة والهجرة الأسبق وعضو أمانة العلاقات الخارجية بالحزب الوطنى الديمقراطى.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة