إبراهيم ربيع

عمليات التجميل.. ما بين المنتخب الوطنى والإعلام

الجمعة، 08 يناير 2010 12:14 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
بعد مشاهدة المنتخب فى تجربة مالاوى وتدقيق النظر فى ملامحه قبل أن تبدأ علاقته الحميمة مع كأس الأمم الأفريقية، تأكدنا أن التجاعيد ظاهرة على وجهه ومعها «تكشيرة» غاضبة ومرهقة من معاناة تصفيات كأس العالم وبعض الطفح على الجلد الذى كان مشدوداً وناضراً وحيوياً منذ عام 2006، وحتى يوم 18 نوفمبر التاريخ الصعب الذى «شاخ» بعده المنتخب نفسياً عقب الصدمة الفاصلة فى السودان..

ولأن الحالة تأخرت فى العرض على أطباء التحليل وبعض أطباء الإعلام فإن الشفاء العاجل فى غضون عشرة أيام لن يجدى معه العلاج بالأدوية فقط، ويستلزم الأمر بعض عمليات التجميل الخفيفة بالليزر أو حتى بالسليكون.

واعتذر للإعلاميين من ذوى الأصول الطبية أن أتجاوز فيما يخص المطلوب من فترة نقاهة بعد العمليات الجراحية بما يجعل من إجرائها عبثاً وتأخيراً فى العلاج حتى لو كانت هذه العمليات خفيفة.. مثلما هم يتجاوزون أحياناً بدون اعتذار بفرض أحكام إعلامية تؤكد أنهم فى حاجة حقيقية لعمليات تجميل صحفية أو تليفزيونية، حتى لو كان رأيهم أن مشاهير الإعلام لا يحملون شهادات رسمية.. لأن الحقيقة المؤكدة أن النموذج الأمثل لأى شخص ناجح أن يجمع بين شطارته ودراسته، وإذا اختل التوازن بينهما فلابد أن يكون فى لحظة ما أو مناسبة ما غشيماً ومتهوراً ويستحق الكارت الأحمر..

وثانياً هناك حقيقة أخرى يعرفها الكثيرون أن فى بلدنا الكثير من الموهوبين الدارسين الذين لا يحصلون على نفس فرصة هؤلاء المنتشرين فى مركز التلميع الإعلامى بالكلام فقط دون تجارب صحفية أو تليفزيونية سابقة وثرية من أى نوع... فهم خرجوا من العيادة - إذا كانت لهم عيادة - مباشرة إلى صفحة فى جريدة أو ستوديو فى تليفزيون ، ولم نلمح لهم فى الأرشيف موضوعاً صحفياً يعبر عن ممارسة المهنة.. واعتبروا الصحافة والإعلام كلاماً وآراء تخضع كثيراً لعمليات تجميل يجملون ماضيهم عندما كانوا مستخدمين فى إدارة معارك غيرهم بمساحيق مغشوشة فى حاضرهم الذى حولهم إلى أسماء كبيرة، نسى الناس أنها كانت صغيرة أخلاقياً فى الماضى وتخضع الآن لغسيل أخلاقى مثل الحرامى الذى لم يعد يحتاج للسرقة فاتخذ قراراً بأن يكون شريفاً..

وثالثاً.. ليس منطقياً الاعتراض على المطالبة باستخدام العقل والمعرفة بأصول أى عمل واعتبار ذلك مجرد ترويج لدعاوى ضد الناجحين.. خاصة أن مقاييس مجتمعنا للنجاح حالياً أصبحت مشروخة أو معدومة وأن هذا المجتمع داس عليه بلدوزر وسواه بالأرض فأصبح مسطحاً ولذلك أصبح مستحيلاً أن نتوقع ظهوراً قريباً لعباقرة جدد يشبهون محمد حسنين هيكل وأحمد بهاء الدين ونجيب المستكاوى وعبد المجيد نعمان ورواد الفن والسياسة وشرفاء العمل العام.. وطبعاً لم يكن وقتها هناك قنوات فضائية نستشهد برواد لها مثلما هى الآن من انتشار.. نحن لدينا الآن سقف للعمل والإبداع والنجاح، لا نرى سواه ونطرح آراءنا فى حدوده وهو ضيق جداً وفقير جداً..

والمنتخب الذى يحتاج لجراحات تجميل فنية ونفسية سريعة ينتظر أيضاً جراحات تجميل للإعلام الذى يعتبر أخطر من يقيم علاقة مع أى حدث أو مسئول أو فريق.. وإذا تصالح المرضى والأطباء ووضعوا أيديهم على حقائق الحالات المرضية وأحسنوا التشخيص وأحسنوا معها النوايا، فإن شفاء المنتخب والإعلام معاً فى توقيت واحد سوف يكون لصالح مصر التى لا تريد أن يذهب منتخبها إلى أنجولا مشوها بفعل الدخلاء أو الخبثاء..

ورابعاً.. يتأكد كلامى من الشكل الصحفى الذى استخدمه الكاتب الغاضب من أصحاب الشهادات الرسمية مروجى العداء ضد الناجحين.. هذا الشكل الصحفى المعنى بوجوه وأسماء لو قرأه خريج حديث من كلية الإعلام فسوف يكره كليته ويندم على الالتحاق بها.. لأن الخلط فيه واضح بين تقديم «بورتريه» لشخص وبين الاستغراق فى قضية أو عدة قضايا.. ولو أنه كان أحد أصحاب الشهادات الرسمية لعرف الفارق بين العمود والمقال والتقرير.. وبلاش أقول التحقيق والحوار لأنه لم يمارسهما فى يوم ما.. ولو أنه متابع فعلاً للحدود الفاصلة بين الأعمال الصحفية لوقعت عينه مرة على «بورتريه» د.مصطفى الفقى فى الزميلة «المصرى اليوم» ويعرف الفارق بين الحديث عن شخصية والحديث عن قضية.. لكن نحن مضطرون أن نعذر كل الذين يتغزلون فى أنفسهم، فنحن فى زمان ومكان أصبح فيه المتلقى للرسالة الإعلامية على مقاس المرسل، لأن التعليم فى بلدنا انتقل إلى رحمة الله.. فما بالنا بالثقافة والفهم..









مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة