لا أدرى لماذا تذكرت فجأة مسلسل "أرابيسك" للراحل أسامة أنور عكاشة، وأنا أتابع أزمة "الدستور" وملاكه الجدد مع إبراهيم عيسى وزملائه.
ولا أدرى كيف تشابهت فى رأسى شخصية الأسطى حسن أرابيسك مع الزميل إبراهيم عيسى، وأيضاً تشابه ملاك الجريدة الجدد مع شخصية الرأسمالى، الذى أراد أن يصنع شيئاً جميلاً بفلوسه، ولكن بدون رؤية عميقة، وبدون أن يفهم فلسفة هذا "الأسطى" الفنان "أبو كيفه" الذى لا يفعل إلا ما يقتنع به، ولا يعمل إلا بأصول الصنعة، أو على الأقل كما يفهمها هو.
ولهذا لا أرى مأساة كبيرة كالتى يصورها الإعلام فى أزمة إبراهيم عيسى والدستور، فالأمر لا يتعدى كونه خلاف بين صاحب مال يطبق المثل القائل "من تحكم فى ماله ما ظلم"، وبين "صنايعى" يريد أن يفعل ما تمليه عليه الصنعة وفنونها، ولا يربط الحمار كما يريد صاحبه.
فإبراهيم عيسى أسس الدستور ووضع خلطته السرية التى يعرفها جيداً، والتى استطاع أن يخلق من خلالها ذائقة جديدة للناس تستسيغ ما يقدمه رغم غرابة الوصفة أحيانا، أو شذوذها أحيانا أخرى.. فإذا كان هذا "الطاهى" الماهر سمى هذا الطبق المبتكر "الدستور"، فيمكنه ببساطة أن يصنع نفس الطبق ويسميه اسما آخر ويقبل عليه الناس أيضا. بينما الدستور الذى أراد ملاكه الجدد أن يضعوا فيه خلطة أخرى غير الذى صنعها الرجل، فليكن اسمه كذلك ولكنه ليس هو، وبالتالى لن يستسيغه أحد.
وبغض النظر عن تفاصيل المشكلة، وأى الطرفين أصدق أو أكثر شفافية، فالأمر الواقع يقول أن العلاقة بين المالك والصانع فى هذا العمل لم تعد تسمح بإكمال المسيرة، لأن بيئة العمل باتت شديدة التلوث، وربما التربص أيضاً، ولكن يبقى المستقبل لصالح إبراهيم عيسى وزملائه، فهو من يمتلك الصنعة والطبخة والخلطة والنكهة وجميع أسرارها، لذلك سوف يستطيع أن يعيدها سيرتها الأولى حتى لو تغير مسماها، أو تغير أصحابها، أو تغير مكانها.. فإذا كانوا أخذوا الصندوق، فإن مفتاحه لا يزال هو نفسه "إبراهيم عيسى".
صحفى مصرى يعمل بجريدة المدينة السعودية
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة