التنابز بين بعض رجال الدين المسيحى والإسلامى فى الآونة الأخيرة فى مصر، أطلق حالة وشعورا قويا بالقلق الشديد لدى النخبة المصرية من انفجار حالة من العنف الدينى الذى يهدد النسيج الوطنى المصرى والوحدة الوطنية.
والخطير فى الأمر، أن هذه الموجة من التفجر الطائفى تأتى فى وقت تشهد فيه المنطقة العربية حالة من التجزئة والانقسام، بل والعنف أو التهديد بالعنف الدينى والطائفى والمذهبى.
العراق وما يشهده من انقسام حاد يهدد وحدة دولة العراق، وبروز النزعة الانفصالية على الأقل لثلاث دول، شيعية فى الجنوب، سنية فى الوسط، كردية فى العراق، والأمر نفسه فى لبنان، رغم اتفاقيات الطائف والدوحة، إلا أن الدولة اللبنانية مهددة الآن أكثر من أى وقت مضى بالتفتت المذهبى والدينى فى ظل التصعيد بين الطائفتين الشيعية والسنية.
البحرين أيضا تواجه تصعيدا طائفيا سنياً شيعياً، السودان انتهى الصراع بين الشمال ذى الأغلبية المسلمة، والجنوب المسيحى إلى الاستفتاء على الانفصال، وإنشاء دولة جنوب السودان فى ظل مؤشرات كلها تشير إلى اتجاه التصويت فى الجنوب إلى تأييد الاستقلال، وسوف تكون هذه سابقة لطلب أقاليم أخرى مثل دار فور أو النوبة إلى الاستقلال أى مزيد من التفتيت على أساس دينى أو عرقى.
المنطقة أو الإقليم على صفيح ساخن، وبالتالى لا يمكن فصل ما يجرى فى مصر عن الاتجاه السائد فى المنطقة، وبروز تلك النزعات والتوترات الدينية والمذهبية أيضا، لا يمكن فصل هذا عن اتجاه عالمى فيه تصاعد الاسلاموفوبيا، أى الخوف من الإسلام وما ينتج عنه من ظهور اتجاهات دينية يمينية متطرفة فى الغرب، تنتج أساليب عنصرية ضد المسلمين، واقعة حرق المصاحف أو الرسوم الكاريكاتورية وما أطلقته من شعور بالمهانة لدى قطاعات واسعة.
الأمر الذى يرتب مسؤولية على الدولة المصرية أن تدرك أن هذا المناخ الإقليمى والدولى يتطلب أعلى درجة من الاحتياط والتحفز ضد هؤلاء الذين يتصرفون بعدم مسؤولية، وللتصدى بقوة دون تردد لهذه الاتجاهات التى تعمل على تغذية الكراهية بين الأديان.