طفل صغير وبالونة فى سماء، تعلو وتهبط، مضحكة فى نهار عيد، زحام أمام ممر مؤد إلى سينما، مشهد متكرر منذ عشرات الأعياد الماضية، منذ كانت سعاد حسنى على الأفيش نفسه تغنى «يا واد يا تقيل»، أيام معدودات للبهجة، فى وصف الدكتور أحمد عكاشة: سعادة مؤقتة، هروب اضطرارى إلى فرح يجب أن يتم للبقاء على قيد الحياة، يأتى العيد ومازلنا نتوقف عند الأمنيات القديمة نفسها، والعبارات المتشابهة والفرحة الناقصة التى لا تروى بهجة ولا تغنى عن حزن.
طفل يبكى هديته المكسورة على الرصيف، طفل يبحث عن آخر جنيه فى عيديته التى توقفت عند الرقم نفسه رغم غلاء المعيشة، طفل مندهش كيف يمكن أن يكون العيد عيدا بعشرين جنيها، وطفل يقول لطفل: العيشة صعبة والعيدية مش مكفية واحد كنتاكى وتذكرة سينما وكيس بمب.
كيف نعيش الزمن القادم؟ يقال أن القادم أجمل، هاهاهاها، طفل يضحك ضحكة غير طفولية، وطفل يلصق طفلا على قفاه ويقول: إذا كنا لا نعرف الضحك اليوم فهل نعرفه غدا؟
الأزمنة تتغير، لكن الأعياد لا تتغير، نفسها الطقوس، عيدية وبالونة وسينما وزحام وكشرى ونظارة شمس وجيب منفوخ حلويات ملونة.. زاد على الحياة ماكدونالدز، كما زاد على العيد مولات تمتص العيدية حتى آخر قرش.. لكن بها سلالم متحركة وبنات حلوة.
البنات أصبحن أجمل، أطفال لكنهن يحملن شيئا له معنى، والنساء.. حائرات فى أيام ليس فيها إجابة واحدة صحيحة لسؤال.. ما هو الخطأ وماهو الصواب.. ماهى الحياة؟.. كما وصف محمد حسان، أم كما وصف محمد سعد؟ خالد الجندى أم خالد يوسف؟
انطوت أيام صفاء أبوالسعود حين كانت شابة.. لكن عيدها وهى تستقبلنا بأغنيتها عن العيد فى الصباح مستمرة، وذهبت ليلة العيد بصوت أم كلثوم.. وأصبحت ليلتها تمر فى خناقات من النوع الساذج بين رجل وزوجته على مصروف البيت، يتخلل العيد مشادات على هامش الدفتر عن جدول الزيارات العائلية، بمن نبدأ وبمن ننتهى، كما سؤال تقليدى: أين تذهب هذا المساء؟
بالونة الطفل تحلق، تكاد تنفلت من أصابعه فيبكى، هل البالونة هى نفسها الحياة متنكرة فى صورة كرة هواء منفوخة على الفاضى؟، ولو.. جميلة الحياة ولو كانت مجرد وهم نتشبث به حتى لحظاتنا الأخيرة ونتخانق من أجله.
فى العيد، يقول واحد كئيب ابن كئيبة: لا تفرحوا.. كيف تفرحوا ولنا ناس يموتون من الجوع أو البرد.. أغلقوا أفواهكم المفتوحة عن الضحك. لكنه العيد.. والله هو الذى أمرنا بالسعادة فهل نعصى لله أمرا.
من كثرة الأسئلة العالقة والهموم التى تنفخ فينا، «تطق البالونة»، ويبكى الطفل، مع أنه نهار عيد. > >
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة