من المفارقات المدهشة التى شهدها حفل ختام مهرجان القاهرة السينمائى الدولى أثناء توزيع الجوائز إشادة العديد من المبدعين الذين صعدوا لتسلم جوائزهم بفيلم «ميكروفون» والذى اعتبره الكثيرون يحمل روحا شابة وتجديدا فى السينما المصرية.
وقد يكون هذا هو نفس المنطق الذى من خلاله منحت لجنة تحكيم مسابقة الأفلام العربية جائزة أفضل فيلم عربى لـ«ميكروفون».
و«ميكروفون» تجربة هامة ومؤثرة فى السينما المصرية فعلا، خصوصا أن الفيلم لم يتم بناؤه بشكل تقليدى بل جاء الفيلم أقرب إلى القصيدة الحرة التى تحمل مغامرة من جانب صناعها.
فالفيلم الذى أنتجه محمد حفظى بمشاركة خالد أبوالنجا، بطل الفيلم، جاء كاشفا لحياة شريحة من شباب المبدعين فى الإسكندرية الذين يجهلهم أغلبنا، فمعظمنا لا يعرف بوجود تلك الحركة الثقافية والفنية الواعدة من شباب الفرق الموسيقية.
فيلم «ميكروفون» لا يمكن اختزاله فقط فى أنه فيلم عن الفرق الموسيقية المستقلة فى الإسكندرية ومنها فرق مثل «مسار إجبارى» و«صوت فى الزحمة» و«ماسكارا» ولكنه فيلم «ديكو دراما» أبطاله يشبهون الملايين من الشباب الذين يبحثون عن فرص ويرغبون فى التحقق، ويعانون من الاغتراب داخل وطنهم ولا يعرفون إذا كانت الهجرة هى الحل أم إصرارهم على التمسك بالحلم وتحقيق ما يطمحون إليه رغم كل المعوقات مثلما جاء فى أغنية «اقرا الخبر» التى قامت فرقة «مسار إجبارى» بإعادة توزيعها وتقول: «شيخ البلد خلف ولد بس الولد ساب البلد والحل دا كان معتبر».
قصص وحكايات الشباب فى الفيلم حقيقية صاغها أحمد عبدالله فى سيناريو ضد المؤسسات الحكومية البيروقراطية التى تعمل على تدجين الثقافة وإرساء نمط معين من الفن التقليدى بعيدا عن أى محاولة للتجديد أو خلق تيارات جديدة.
الفيلم يؤكد حجم العنف الذى بات مسيطرا على الشارع المصرى والمظاهرات والاحتجاجات وأزمات الطبقة الوسطى التى تآكلت، وتدنى وتراجع النظرة إلى المرأة من علاقة البطل - خالد أبوالنجا ومنة شلبى - والتى تقرر السفر إلى لندن لتحضير الدكتوراه وهربا من مجتمع أصبح يحاصرها طوال الوقت.
«ميكروفون» فيلم ينبض بالحياة وملىء بالعديد من النماذج البشرية لبنات وشباب يقعون فى الحب ويرغبون فى الهرب من أى سلطة.. علاقة يسرا اللوزى التى تقدم دور مخرجة شابة تعمل على إنهاء مشروع تخرجها مع زميلها الذى يجسد دوره أحمد مجدى أحمد على، ورئيس المؤسسة الثقافية التى من المفترض عليه أن يدعم شباب الفنانين، لكنه يمارس قهرا عليهم، لأنه فى النهاية مجرد موظف يحب أن يصدر لهؤلاء الشباب جملة «أنا فى الأساس فنان» ليحاول أن يقنع الشباب أنه معهم.