◄◄ المسلمون واليهود ليسوا «أبناء عم» .. فلا اليهود الحاليون أبناء يعقوب ولا المسلمون أبناء إسماعيل
◄◄ تحريف التوراة أدى إلى «أسرلة» الدين والرب والأرض وإبادة إسرائيل للشعوب الأخرى
أثار كتاب «حياة بنى إسرائيل فى مصر.. بين حقائق الدين ومصادر التاريخ» للمستشار هشام سرايا، ردود فعل غاضبة بين خبراء التاريخ والآثار الفرعونية، وذلك بعد الرأى الذى ذهب إليه سرايا فى كتابه بأن هناك مجموعة من ملوك مصر القديمة تعود أصولهم إلى بنى إسرائيل من ناحية الأم، أشهرهم إخناتون، كما أن نفرتيتى تعد من أصول بنى إسرائيل أباً عن جد.
الهجوم على سرايا قفز مما جاء به فى كتابه، إلى اتهامه بأنه يقدم خدمة مجانية لإسرائيل التى تزعم أنها ساهمت فى الحضارة الفرعونية، حول مجمل هذه القضايا والأسانيد التى قام عليها كتاب المستشار هشام سرايا يأتى معه هذا الحوار:
◄◄ سيادة المستشار.. الهجوم عليك بدأ من نقطة أنك غير متخصص فى تاريخ الحضارة الفرعونية وآثارها؟
- أنا حاصل على دبلوم الدراسات العليا فى الآثار من كلية الآثار، جامعة القاهرة، فى الثمانينيات من القرن الماضى، ومنذ هذه الفترة لم أتوقف عن القراءة فى التاريخ، ومع احترامى وتقديرى للدكتور عبدالحليم نور الدين وكان أستاذاً لى فى كلية الآثار، وأعتز به وأقدره كعالم آثار فاضل وجليل ومن الشخصيات التى تأثرت بها، لكننى لاحظت فى تعليقه أنه لم يقرأ الكتاب، واعتمد على العناوين المنشورة.
◄◄ ما المصادر الرئيسية التى اعتمدت عليها فى كتابك؟
- موضوع الكتاب اعتمدت فيه على القرآن الكريم، واعتبرت أن ما قدمه حقائق لا مجال لمناقشتها، واعتمدت على التوراة الموجودة الآن، رغم معلوماتى أنها كتبت بأيدى الكهنة اليهود بعد موسى عليه السلام بأكثر من 700 سنة، وتحديداً بعد العودة من سبى بابل، فتعرضت إلى التحريف والتغيير وانقطاع السند، ومظاهر أخرى كثيرة أشرت إليها فى الكتاب ودخلت عليها العنصرية البغيضة على يد الكاهنين عزرا ونحيميا ومن جاء بعدهما.
◄◄ ما الأثر السلبى الذى تركته عملية التحريف والتغيير على التوراة؟
- التغيير والتحريف رشحا ثلاث حقائق، الأولى: أسرلة الدين، فالدين لبنى إسرائيل وليس لأى شعوب أخرى غيرهم، ولهذا أنكرت دعوة يوسف وموسى لفرعون والمصريين، والثانية تتمثل فى أسرلة الرب، أما الرب فهو رب بنى إسرائيل وليس رب الشعوب الأخرى، وبالتالى فهم شعب الله المختار، والحقيقة الثالثة فى أسرلة الأرض، بمعنى أن أرض فلسطين لهم وحدهم دون غيرهم، ولهذا أعطوا لأنفسهم حق إبادة الشعوب الأخرى من أجل حياتهم، واستقرارهم فى هذه الأرض.
◄◄ التحريف يقودنا أيضاً إلى ما يسمى بـ«ميراث الأرض» التى تقوم عليها إسرائيل؟
- فى الفصل الخاص بقضية ميراث الأرض التى وردت فى القرآن والتوراة، ثم إثبات نقطتين، الأولى خرافة استمرار القومية الإسرائيلية حتى العصر الحديث، وفى الكتاب يتم استخلاص ذلك من التوراة فى العديد من النقاط، فشعب إسرائيل دخل على ديانته كثير من أفراد الشعوب الأخرى المعاصرة، وخرج الكثير أيضاً واعتنقوا الديانات السماوية والسبى الآشورى قضى على 10 أسباط من بنى إسرائيل وتشتتوا بين شعوب الشرق، وتبقى سبطان هما يهوذا وبنيامين، وهؤلاء تشتتوا فى بابل ومصر وفلسطين، وعندما عادوا من بابل رجع فقط القليل منهم مختلطين بشعوب أخرى.
وأشرت فى الكتاب إلى أن هناك احتمالا بأن هذه الفئة القليلة المختلطة الموجودة والتى تدعى أنها بنو إسرائيل تحارب الفئة الأكبر والأكثر من بنى إسرائيل الحقيقيين سواء من المسلمين أو المسيحيين.
الحقيقة الثانية هى انتهاء الحق فى أرض الميعاد، لأن هذا الحق يستند إلى الحقيقة التى قررها القرآن فى الآية التى تقول: «ولقد كتبنا فى الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادى الصالحون» صدق الله العظيم، والتوراة أكدت هذه الحقيقة بصور أخرى كثيرة وشرح الكتاب ذلك بالتفصيل، وقد انتهى هذا الحق تماماً بنزول المسيحية ثم نزول الإسلام.
◄◄هناك من يرى أنه لا يوجد دليل على دخول سيدنا يوسف لمصر فى عهد الهكسوس؟
- بالنسبة لدخول بنى إسرائيل فى عهد الهكسوس، فإن أغلب الباحثين فى العالم ومصر يؤيدون هذا الرأى وشاركتهم ذلك، وقدمت أدلة عديدة وقوية من القرآن ومن التوراة ومن التاريخ، وتحقق اتساقاً مع البناء التاريخى التالى بصورة مذهلة، والنقطة الثانية أن الهكسوس خرجوا من مصر فى حين استمر بنو إسرائيل يعيشون فى أرض جاسان «وادى الطميلات» فى شرق الدلتا، وقسّم الكتاب حياة بنى إسرائيل إلى مراحل، الأولى مرحلة الدعوة ونشر الإسلام، واستمرت منذ سيدنا يوسف والأسباط ومن خالفوهم من المؤمنين بعقيدة التوحيد، وتأتى لوحة من عهد حتشبسوت عثر عليها فى محافظة المنيا بمنطقة «إسطبل عنتر» قمت بإعادة تفسيرها تاريخياً، وأوضحت أن ما تذكره هذه اللوحة لا يمكن أن ينطبق إلا على مجموعة من الموحدين بالله، وأن معبد عين شمس تحول إلى معبد قائم على عقيدة التوحيد منذ عهد حتشبسوت وربطت بين أمرين، الأول هو مصاهرة سيدنا يوسف للكاهن الأكبر للمعبد، ودخل المعبد بفضل هذه المصاهرة إلى التوحيد، والثانى أن هذا المعبد هو الذى انطلقت منه شرارة التوحيد الذى جاء فى عصر إخناتون، وانتهيت فى تفسير اللوحة إلى أن المقصود بها لا يمكن أن يكون سوى المؤمنين الذين دخلوا فى عقيدة التوحيد، سواء من المصريين فى شرق وشمال الدلتا «مناطق حكم الهكسوس» الذى امتد حتى المنيا ومعهم بنو إسرائيل المؤمنون، حتى هذا العصر لم يكن قد دخلت عليهم العنصرية «أسرلة الدين» حتى جاءت حتشبسوت وشردتهم من المعابد التى اعتنقت التوحيد.
أما المرحلة الثانية فهى مرحلة المؤامرات الإسرائيلية التى بدأت بتوارى قادة هذا الدين، والذين رشحت أن يكون منهم شيوخ إسرائيل باعتبارهم أحفاد الأنبياء، حتى جاءت نهاية عصر أمنحوتب الثانى، ويعرف جميع المؤرخين أن ابنه تحتمس الرابع جاء إلى الحكم نتيجة مؤامرة، والقائم على هذه المؤامرة هم كهنة عين شمس، ونفيت عن تحتمس ارتكابه جريمة قتل أشقائه الـ«7» والوصول إلى الحكم، والدليل أن عمره كان حوالى 16 سنة، ولا توجد سوابق فى التاريخ المصرى للاغتيال بهذه البشاعة لجمع من الإخوة.
بعد هذه المؤامرة، بدأت تباشير الآتونية تظهر فى أماكن كثيرة من مصر، وهذا الأمر لاحظه كبار المؤرخين مثل الدكتور عبدالعزيز صالح، وعالم الآثار الأمريكى برستد وغيرهما، وارتبط ظهور الآتونية فى مصر ببزوغ نجم أسرة يويا، وسيطرتهم على مقاليد الحكم فى مصر من الجيش إلى المناصب المالية، وأهم شخصيات هذه الأسرة أبناء يويا، وهم الملكة «تى» وتزوجت أمنحوتب الثالث، و«آى» الذى تولى عرش مصر بعد توت عنخ آمون، و«عانت» كاهن عين شمس، ثم الجيل الثانى «نفرتيتى» بنت «آى» وتزوجت إخناتون، وأختها «موت نجمت» وتزوجت الملك حور محب.
◄◄ كيف اعتبرت أن هذه الأسرة من أصول إسرائيلية؟- بداية أوضح أن بزوغ نجم أسرة «يويا» جاء بعد أن مر على حياتها فى مصر نحو 3 قرون، وأصبح المصريون ينظرون إليهم على أنهم مصريون مثلهم مثل غيرهم من المهاجرين الذين دخلوا مصر وعاشوا فيها، ومثل عشرات الآلاف من المجلوبين أسرى من آسيا «الشام»، وأصبحوا بمرور الزمن مصريين.
أما الهوية الإسرائيلية لـ«يويا» فسيتدل عليها من عديد من المظاهر، تجعل هذه الأسرة هى المسؤولة عن تلقين التوحيد للملك إخناتون، وقبلها تباشير الآتونية «عقيدة التوحيد» فى عهدى تحتمس الرابع وأمنحوتب الثالث، وقد ربطت ما بين التوحيد وبين دعوة يوسف، ويجب أن تلاحظ أن إخناتون عندما بدأ الدعوة لهذه العقيدة بإنشاء معبد للإله آتون فى معبد الكرنك، كان عمره حوالى 14 سنة، ولا يمكن لشخص فى هذه السن أن يحدث بمفرده انقلاباً على العقائد المصرية، وجميع مظاهرها من أهرامات ومعابد ونقوش وتماثيل، وإنما الحقيقى أن أعوان هذه الأسرة كانوا قد بدأوا السيطرة على مقاليد الحكم والجيش والمال فى مصر.
وقد لاحظ العديد من المؤرخين الملامح السامية «الكنعانية» فى شكل مومياء «يويا»، وبالمناسبة هو كان قريب الشبه من أبنائه «آى ونفرتيتى»، واسم «يويا» قريب من الأسماء العبرية مثل يوسف ويوحنا ويواقيم، وأم موسى كان اسمها «يوكابد»، وذكر الكتاب أدلة أخرى عديدة.
◄◄ تحدثت عن مؤامرات بنى إسرائيل فى قصور حكم الفراعنة وأن اكتشافها هو الذى قاد إلى التقاط موسى من النهر؟
- حور محب هو الذى اكتشف مؤامرات بنى إسرائيل وأسقط آى وحكم مصر، وكانت تقاليد الحكم والعقائد المصرية تقتضى أن تتزوج الابنة الكبرى للملك السابق، ولم يكن باقيا سوى «موت يخت» بنت الملك آى وفرضت التقاليد أن يتزوجها لتكون هى السيدة الفاضلة التى التقطت سيدنا موسى من النهر، وقامت بتربيته وكانت من المؤمنات بعقيدة التوحيد.
ويقدم الكتاب الكثير من الأدلة من القرآن الكريم أن حياة موسى عاصرت أكثر من فرعون، كما يقدم العديد من الأدلة من القرآن والتاريخ أن حور محب هو فرعون الميلاد، وأنه تمت تربية موسى ليرتقى عرش مصر، ويتعرض الكتاب إلى نقش فى معبد الكرنك لأمير مجهول تم كحته ووضع بدلاً منه رمسيس الثانى، ويثبت أن هذا الأمير المجهول لم يكن سوى موسى لقيط النهر، ثم يقدم الكتاب الأدلة على أن رمسيس الثانى هو فرعون الخروج، وتعرضت إلى ثلاث شخصيات فى القصة الدينية، الشخصية الأولى هى هامان وهو كاهن آمون أو الوزير الأول، ويثبت أنه فى عصر حور محب كان المقصود به بارعمس الذى أصبح فيما بعد رمسيس الأول، مؤسس الأسرة الـ19، وهامان فرعون الخروج هو «باكن خونسو» كاهن آمون الأول والمعمارى العبقرى فى عصر رمسيس الثانى، أما الشخصية الثانية فهى امرأة فرعون ويقدم الكتاب أنها «موت نجمت» زوجة حور محب، أما الشخصية الثالثة فهى مؤمن آل فرعون الذى ورد ذكره فى سورة غافر ويقدم الأدلة على أنه «خعمواس» ابن رمسيس الثانى نفسه، ومن الأمور الجيدة التى يثبتها الكتاب أن فرعون لم يقتل السحرة الذين آمنوا بموسى كما تذكر جميع كتب التراث، وأن المقصود بالفئة المستضعفة التى كان يضطهدها فرعون فى عهد ميلاد موسى هم المصريون المؤمنون من بنى إسرائيل، وأيضاً يثبت الكتاب من تفسير القرآن أن موسى مكث فى مصر داعياً فى علانية لديانته حوالى 15 سنة.
◄◄ ماذا عن المزاعم التى طرحها مناحم بيجين بأن أجداده هم الذين بنوا الأهرامات؟
- الكتاب وضع نطاقا زمنيا للبحث يبدأ منذ تاريخ دخول بنى إسرائيل مصر فى عهد الهكسوس حوالى القرن السابع عشر قبل الميلاد، وينتهى هذا النطاق بوفاة الملك سليمان بن داود سنة 930 قبل الميلاد، وأى فترة سابقة على هذا التاريخ هى من الفترات المستحيلة تاريخياً، وتخل بالثوابت التى تقدمها الدراسة، ولهذا حديثهم عن الأهرامات وهم، فمن المستحيل تماماً أن تكون لهم أى علاقة بفترة الدولة القديمة «عصر بناة الأهرامات» لأن هذا كان سابقا على ميلاد سيدنا إبراهيم بحوالى ألف سنة.
◄◄ إلى أى مدى يمكن القول إن هناك علاقة بين اليهود الحاليين وسيدنا يعقوب؟
- ينفى الكتاب أى علاقة بين اليهود الحاليين وسيدنا يعقوب، وإن كان، فلا نستطيع إثبات ذلك لأن ديانات إبراهيم وإسحاق ويعقوب ويوسف وموسى وهارون كان مثلها مثل الإسلام الذى نزل به سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام، حتى جاء عيزرا وقصر الدين والرب والأرض على بنى إسرائيل، ودين الله لا يمكن أن يعرف العنصرية، ومن يصدق هذه المزاعم لا يعرف الحقيقة ويعش فى الأكاذيب والأوهام التى أدخلها التراث اليهودى فى العقيدة، ورددت فى كل موضع من كتابى على المزاعم العنصرية التى وضعتها توراة عيزرا المحرفة والتى حاولت أن تنسبها زوراً وبهتاناً إلى أنبياء بنى إسرائيل.. كتابى دعوة لترسيخ الحقائق الجديدة وأن نفيق من الأوهام التى عشنا فيها آلاف السنين والتى تخالف جوهر الأديان، والتى جاء بها القرآن الكريم.
◄◄ ما حقيقة تعبير «إحنا ولاد عم» وهل له سند فى التاريخ؟
- إطلاقاً.. لا اليهود الحاليون أولاد يعقوب ولا المسلمون أولاد سيدنا إسماعيل، وحتى إن كان فهم فئة قليلة فى وسط مجتمع عالمى كبير لا يمكن لشخص أن يقرره، دين الله فى كل عصر ودعوة الأنبياء فى كل زمان ومكان كان لكل الناس الذين عاش بينهم الأنبياء، فلا اليهود أولاد يعقوب.. ولا المسلمون أولاد إسماعيل.. هذه خرافات لابد من التخلى عنها، حتى إن ترددت كثيراً لأغراض سياسية.. ورسالة كتابى هى وضع الحقائق كاملة.
موضوعات متعلقة:
ــــــــــــــــــــــــــــ
وأستاذ تاريخ قديم يرد: أدعو سيادة المستشار إلى عدم الزج بالقرآن الكريم فى حقل الدراسات التاريخية القديمة
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة